كرة الرئاسة في ملعب الرابية معراب وبري يأمل الانتخاب في «العشرين»

هتاف دهام

حطت حوارات حزب الله تيار المستقل، التيار الوطني الحر حزب القوات، رحالها في ساحة النجمة. انضمّ إليها حوار حزب الكتائب – حزب الله، من خلال اجتماع النائبين علي فياض وإيلي ماروني، الذي، على غرار الاجتماعات السابقة، لم يحرز أيّ تقدّم في الملف الرئاسي. غابت التصريحات والتصريحات المضادّة، لتغيب معها الاتهامات والاتهامات المضادّة، إلا أنّ هذه الحوارات لم تنتج توافقاً على إنهاء الفراغ في بعبدا، ولا أفق يدلّ على حصول «أعجوبة» انتخاب الرئيس في الجلسة العشرين كما يأمل رئيس المجلس.

بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية إميل لحود وحصول فراغ في منصب الرئاسة، انتخب الرئيس ميشال سليمان رئيساً للجمهورية في الجلسة العشرين التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري في 25 أيار 2008، إلا أن الأجواء الحالية لا توحي أنّ الجلسة العشرين التي دعا إليها رئيس المجلس في 11 آذار المقبل بانتخاب رئيس. أمل الرئيس بري أمس أن يحمل الرقم 20 الخير على غرار ما حصل في عام 2008 وأن يتمّ انتخاب رئيس، إلا أنه أكد «أنّ الانتخابات الرئاسية معطلة وأنّ حالة جمود تحيط بالملف الرئاسي».

لم يحمل الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو الذي تأبط الملف الرئاسي وصال وجال بين العواصم الإقليمية، أي بوادر حلحلة في هذا الملف، فالطبخة الإقليمية السعودية الإيرانية لم تنضج بعد، وهذا ما دفع الأمين العام لحزب الله في خطابه الاثنين الماضي إلى تجديد الدعوة للمراهنين على التطورات الإقليمية، إلى التركيز على الجهد الداخلي الوطني لحلّ مسألة الرئاسة وعدم انتظار المتغيّرات في المنطقة، والخارج، لأنّ المنطقة متجهة إلى مزيد من المواجهات والأزمات». وكشف الرئيس سعد الحريري عن «الهدف الرئيسي والأساسي من الحوار مع حزب الله: تصحيح مسار العملية السياسية وإنهاء الشغور في الرئاسة الأولى».

ولما حسم حزب الله الجدال الرئاسي وأكد أنّ دعم الحزب ترشيح العماد ميشال عون للرئاسة أمر غير قابل للنقاش، فإنّ الطابة باتت في ملعبي الرابية ومعراب، لإنتاج تفاهم في الملف الرئاسي. وتوقفت مصادر مطلعة أمام لقاء عون جعجع المرتقب، وسألت هل سيصل الرجلان إلى توافق رئاسي يفاجئ جميع المكونات السياسية، ونكون أمام صفقة تأتي بالجنرال عون رئيساً للجمهورية، وتأتي بأكثرية وزارية من حزب القوات في مجلس الوزراء؟

وإلى أن تتوضح ملامح المرحلة المقبلة، أبدى رئيس المجلس قلقه على شلل المؤسسات. وقال: «الحكومة مجمّدة بانتظار الاتفاق على الآلية. مجلس النواب لا يجتمع. والبلد لم يعد يحتمل، ولذلك لا يجوز الاستمرار في هذا الوضع». ولفت بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» إلى أنه «طلب من رئيس الحكومة تمام سلام إصدار مرسوم فتح دورة تشريعية». وأبدى خشيته من «أن يتحوّل الأمر إلى عرف يتجاوز الأصول».

وبالنسبة إلى آلية العمل التي تكاد تفجر الحكومة وتُدخل البلد في فراغ كامل، أكد بري أنه «أعاد التذكير خلال لقائه سلام بموقفه عندما نوقشت الآلية للمرة الأولى، لجهة أنّ قرارات مجلس الوزراء التي تتخذ بالنصف زائداً واحداً تقرّ بالنصف زائداً واحداً، والقرارات التي تتخذ بالثلثين تصدّق بالثلثين، وأن لا مانع لديه بهدف مراعاة المعترضين حزب الكتائب ، أن يستأخر إصدار المراسيم 15 يوماً وهي المهلة التي تعطى لرئيس الجمهورية والتي بعد انقضائها تصدر القوانين حكماً».

يميّز بري بين أربعة أنوع من المراسيم: 1 – المراسيم العادية التي تحتاج إلى توقيع رئيسي الجمهورية والحكومة والوزير المختص. 2 – المراسيم الذاتية التي تتعلق بصلاحيات الرئيس كرئيس والتي لا يمكن تفويضها لأحد مثل التجنيس، العفو الخاص، أو قبول السفراء. 3 – المراسيم التي تقرّ بالنصف زائداً واحداً في مجلس الوزراء والتي تحوّل قرارات مجلس الوزراء إلى قوة تنفيذية. 4 – المراسيم التي تحتاج إلى موافقة ثلثي مجلس الوزراء والتي لها علاقة بتعيينات الفئة الأولى.

لم يتطرق عراب الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل إلى هذا الحوار في أعقاب خطابي السيد حسن نصر الله والرئيس سعد الحريري. إلا أنّ أجواء هذا الحوار حطت رحالها في ساحة النجمة. غابت التصريحات والتصريحات المضادّة. التزم النائب جورج عدوان الصمت على غير عادته. لم يعد في إمكانه الحديث والتطاول على رئيس التيار الوطني الحر وتحميله مسؤولية الفراغ الرئاسي. إنه عصر الحوار، وبات لـ«البرتقالي» طعم آخر معه. أما نواب المستقبل فالتزموا الصمت بعد أن تبلغوا من الرئيس الحريري أثناء اجتماع الكتلة أول من أمس، ضرورة الالتزام بالتهدئة، وعدم الدخول في سجالات مع حزب الله، والمحافظة على أجواء الحوار. يرى الحريري أن المنطقة مقبلة على تقلبات خطيرة، ولا أحد يستطيع التكهّن بالمصير الآيلة إليه، لذلك يجب الإبقاء على أجواء التهدئة والاستقرار قدر الإمكان. إلا أنّ نواب حزب الكتائب ايلي ماروني، نديم الجميّل، سامر سعادة، وفادي الهبر، قرّروا التمايز. حضروا إلى غرفة الصحافة قبل تلاوة الأمين العام لمجلس النواب عدنان ضاهر بيان التأجيل وعقدوا مؤتمراً صحافياً أكد خلاله ماروني «أنّ المسؤول الأول عن الفراغ هو المعطل للنصاب والذي يتحمّل كامل المسؤولية لذلك كله»، داعياً «أركان الحوار والمتحاورين قبل أيّ شيء آخر وقبل ضياع لبنان وفقدان ما يتحاورون عليه أن يضعوا بند الرئاسة بنداً أول على جداول الأعمال».

ولما كان الزمن هو زمن الرئاسة والتسويات، فإنّ حزب الكتائب ليس بعيداً عن الحوارات الجارية بين الأضداد والخصوم، فهو مستمرّ في لقاءاته مع حزب الله الذي رحب أمينه العام بالحوار بين المكونات السياسية. التقى النائب علي فياض والنائب ماروني في مكتب الأخير صباح أمس للبحث في جدول الأعمال المتعلق بالمواضيع المطروحة راهناً وعمل المؤسسات. إلا أنّ الملف الرئاسي الحاضر الأول في حوار بكفيا – الضاحية الجنوبية، لم يحرز أي تقدم حتى الساعة. «الأصفر» لن يتخلى عن حليفه «البرتقالي»، كما تأمل «الصيفي» ولن يرضى بديلاً عنه إلا الذي يسمّيه الجنرال.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى