دعوة نصرالله لاستراتيجية ضدّ الإرهاب تفتح باب التسويات برّي يأمل بانتخاب رئيس في 11 آذار كضربة حظ تفاؤلية!

كتب المحرر السياسي:

تحمل التطورات المنبثقة من خطاب السيد حسن نصرالله، وتداعيات ما بعد عملية مزارع شبعا وثبات قدرة المقاومة الردعية، بالتزامن مع تطورات المشهدين السياسي والميداني في سورية، ما يقول إنّ شيئاً ما يجري إعداده للكواليس اللبنانية، فالدور الدولي والإقليمي في الرئاسة اللبنانية الذي نفى تأثيره السيد نصرالله، يبدو أنه يشتغل لتأكيد مقولته، «اذهبوا إلى نصرالله وتفاهموا معه»، وهو بدوره يقول اذهبوا إلى العماد ميشال عون وفكروا بالتعاون معه كرئيس للجمهورية، اعرضوا أمامه هواجسكم ومطالبكم، وستجدون رجلاً جاهزاً ومستعداً لصياغة التفاهمات والتسويات.

هذه الخلاصة التي رسمها أحد السياسيين اللبنانيين، المنخرطين في الملف الرئاسي على الضفة المسيحية، تساندها المعلومات المتواترة عن الحوار الدائر بين الرابية ومعراب، وفرضية عودة الحوار بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري، حيث تطرح كما تفيد التفاصيل المتطابقة للمصادر الموزعة على مختلف الأطراف، فالكلّ يجمع على أنّ الحوارات التي بدأت من باب، أنّ الحوار أفضل من لا شيء، وانه بذاته شأن مفيد، يخفف الاحتقان، باتت منصات لصياغة تفاهمات تتخطى التوقعات، التي رسمت حولها، لتدخل في الملفات المعقدة تدريجاً، كما بدا أنّ الدعوة التي أطلقها السيد نصرالله لوضع استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب لقيت تفاعلاً، بلغة تختلف عن لغة الماضي الاستنكارية والتشكيكية، لتكون لغة حوارية وإيجابية تضع تصوّراً في مقابل تصوّر، فردّ الرئيس الحريري وتعليق قائد «القوات اللبنانية»، لم يتخطيا اللغة الحوارية، بالقول نعم لاستراتيجية وطنية جامعة شرط أن تقودها الدولة اللبنانية، بدلاً من القول كالعادة، عن أيّ استراتيجية تتحدثون، وأنتم تفرضون علينا استراتيجيتكم، وربما القول أيضاً، لقد جرّبنا الحوار حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع، ونعرف النتيجة مسبقاً، والمعلوم أنّ فشل الحوار حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع، كان بسبب كون الهدف الذي رسم لنجاحها هو نزع سلاح المقاومة وليس حماية لبنان، ما يفتح الأمل بأن يكون الانفتاح الحواري هذه المرة تعبيراً عن استبعاد هذا الهدف التعطيلي سلفاً من أهداف الحوار.

في هذا السياق نقلت مصادر فرنسية وسعودية إلى أحد المرشحين الرئاسيين البارزين مناخاً، وهو ينقل عبر نوابه ووزرائه أجواء احتجاجية على ما سمعه، ومفاده أنّ المرشح سمير جعجع قد تلقى نصائح أميركية بصناعة تفاهم استراتيجي مع العماد ميشال عون، يقوم على شراكة الزعامتين المسيحيتين في العهد الجديد، بما يجعل العماد عون رئيساً على طريقة الرئيس فؤاد شهاب، ويعطي جعجع مكانة مؤسّس ورئيس «حزب الكتائب» الراحل الشيخ بيار الجميّل، وبمناسبة الحديث عن «الكتائب» فمثل هذا التفاهم سيقصي جعجع بموجبه خصمه المسيحي الأول الرئيس أمين الجميّل ونجله سامي عن المنافسة في المشهد السياسي، وربما يمهّد الطريق لتربّع جعجع على رئاسة «حزب الكتائب»، وبالتالي الإفادة من تكريس عرف الرئيس القوي الذي سيحمل العماد عون للرئاسة هذه المرة، ليمنحه فرصة لاحقه كرئيس لـ»حزب الكتائب»، بعدما يكون قد استفاد خلال رئاسة عون من مكانة الشريك المسيحي الثاني في الحكم سواء على مستوى الحكومة أو المجلس النيابي.

مصادر «القوات» لا تنفي أن تكون المحادثات مع «التيار الوطني الحر» قد دخلت في العمق، وفي مقدمتها الرئاسة، لكنها ترفض التعليق على المدى الذي بلغته، ومثلها مصادر «التيار» توحي بالرضا من دون تفاصيل.

رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان يتفاءل بالحوارات، وما يمكن أن يترتب عليها في ظلّ التعقيدات الدولية والإقليمية، والرهان على تحوّلها منصات لفرص، علق بالأمل من باب التفاؤل بالرقم عشرين للجلسة النيابية المقبلة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية في الحادي عشر من آذار المقبل، في المرة الماضية انتخبنا رئيساً في الجلسة العشرين.

هل أنّ كلام الرئيس بري مجرّد تفاؤل، أم تعبير عن مناخات ليس هو ببعيد عنها، ويعرف اتجاهات الريح التي تسيّر مراكب جميع الأطراف، وتبشير باتجاه قد لا يثمر في القريب كالجلسة العشرين المقبلة، بل ربما في موعد تفاؤلي ثان يضعه بري في الخامس والعشرين من أيار، ويقول في مثل هذا اليوم صنعنا رئيساً، فالأمل أن نعيدها مرة ثانية.

عون ـ الحريري

وفيما تكرّر المشهد الانتخابي للمرة التاسعة عشرة في ساحة النجمة أمس حيث فشل المجلس النيابي مجدّداً في انتخاب رئيس للجمهورية بسبب غياب النصاب، برز اللقاء بين الرئيس سعد الحريري ورئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى مائدة عشاء في بيت الوسط بحضور وزير الخارجية جبران باسيل والنائب السابق الدكتور غطاس خوري، وجرى عرض لمجمل الأوضاع السياسية في البلاد وآخر المستجدات الإقليمية.

وتزامن العشاء، مع انعقاد جلسة الحوار السادسة بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.

وركز المجتمعون على الوضع الأمني وسبل تحصينه منوّهين بالخطوات التي اتخذت حتى الآن في هذا السياق. وأوضح بيان صدر في نهاية الجلسة أنه «جرى استكمال الحوار بروح جدية في المواضيع المطروحة، وحصل تقييم إيجابي للخطة الأمنية في البقاع والخطوات التي حصلت على صعيد نزع الأعلام والصور في المناطق المختلفة والالتزام الجدي بها».

ودعا المجتمعون «القوى السياسية والمرجعيات إلى المساعدة على وقف ظاهرة إطلاق النار في المناسبات أياً كان طابعها».

كما «جرت مقاربة للدعوات المتبادلة حول سبل الوصول إلى الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب، وفتح النقاش حول آلياتها».

الحوار حول استراتيجية مواجة الإرهاب

وكشف الوزير المشنوق أنّ خطابي الرئيس الحريري في 14 شباط والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في 16 شباط، «كانا موجودين على طاولة الحوار»، مشيراً إلى أنّ الخطابين يحتويان على اختلاف استراتيجي كبير، إلا أنهما يضمّان اتفاقاً على نقطة واحدة وهو ضرورة إيجاد استراتيجية وطنية يشارك فيها كلّ اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم السياسية لمواجهة الإرهاب وبرعاية الدولة وقيادتها وإمرتها.»

ورأى أنّ السجع الشعري فرض التعبير على رئيس مجلس النواب نبيه بري بالقول: «انتهى حوار المنابر ويستأنف حوار المحابر».

وأكد المشنوق، في حديث تلفزيوني أنّ «الحوار مستمرّ وجدّي وهناك أرضية مشتركة»، مذكراً بأنّ الحريري تحدّث بشكل واضح وصريح ودعا الى استراتيجية وطنية لمكافحة الإرهاب، والسيد نصر الله استجاب لهذه الدعوة ولذلك الحوار قائم على إيجاد الآلية الطبيعية والدستورية لتنفيذ هذه الاستراتيجية».

بري قلق من الشلل

إلا أنّ الحوارات الجارية لم تفلح بعد في إنضاج تسوية في موضوع رئاسة الجمهورية فيما أكدت أوساط معنية أنّ هذا الأمر في ملعب معراب والرابية والحوار المرتقب بين عون ورئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي أمل خلال معايدته عون بعيد ميلاده أن يتمّ التوصل إلى اتفاق قبل عيد عون المقبل.

وقال جعجع على تويتر: «أتمنى قبل عيد ميلادك المقبل أن نكون قد أتممنا اتفاقنا الكامل وكلّ عام وأنت بخير».

ولاحقاً ردّ عون على معايدة جعجع بالقول: «شكراً للمعايدة، وآمل أن يكون اتفاقنا ناجزاً مع نهاية زمن الصوم، فنقدّمه هدية للبنانيين تترافق مع فرح القيامة».

وكان الرئيس بري أرجأ جلسة الانتخاب التاسعة عشرة إلى ظهر الأربعاء في 11 آذار المقبل، بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني الذي يتطلب حضور 86 نائباً حضر منهم 56 نائباً. في حين أعرب بري عن قلقه من شلل المؤسسات الدستورية، ونقل النواب بعد لقاء الأربعاء انه «لا يجوز استمرار هذا الوضع الشاذ، والمطلوب معالجته في أسرع وقت ممكن على المستويات كافة نظراً لانعكاساته على الوضع العام في البلاد». آملاً في إنجاز الاستحقاق الرئاسي في الجلسة العشرين المقبلة، والتي لفت متابعون إلى أنّ موعدها له رمزية معينة كونه يأتي في الوسط بين 8 و14 آذار.

كما نقل النواب «أنّ الرئيس برّي حضّ رئيس الحكومة تمام سلام على فتح دورة استثنائية للمجلس النيابي لتمكينه من عقد جلسات تشريعية»، مؤكداً وجوب حسم موضوع آلية عمل الحكومة لتمكينها من العمل وأداء دورها واستئناف جلسات مجلس الوزراء لتفادي المزيد من التداعيات السلبية على البلاد».

الآلية بين سلام وباسيل

وكان موضوع الآلية محور لقاء بين سلام وباسيل في السراي الحكومية،

وأكد باسيل بعد اللقاء أنّ تكتل التغيير والإصلاح «مع تطبيق الآلية المعتمدة حالياً والتي لا تخالف الدستور الذي يتحدّث عن التوافق، وإذا تعذر اللجوء إلى الآليات الأخرى، نحن نعتمد التوافق ما يعني أن لا نسمح بالتعطيل، أيّ الإجماع الذي يسمح لشخص بمفرده أن يتفرّد برأيه، وأن لا نعتبر أنّ العمل يسري في شكل عادي في ظلّ غياب رئيس للجمهورية ونستسهل عملية غيابه»، ومن دون المسّ بصلاحية رئيس الحكومة، معتبراً أنه «من خلال روحية التوافق، نستطيع خلق انسجام داخل الحكومة».

من جهة أخرى، ترأس سلام اجتماع لجنة خلية الأزمة وجرى خلاله عرض لما آلت إليه المفاوضات في قضية العسكريين المخطوفين من جانب «داعش» و«جبهة النصرة».

دعم أوروبي لمواجهة الإرهاب

في غضون ذلك، تلقى لبنان دعماً أوروبياً في مواجهة الإرهاب، عبّر عنه وفد لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي برئاسة إيلمار بروك خلال جولته على المسؤولين اللبنانيين.

وأكد بروك «أنّ لبنان في وضع صعب جداً بسبب الحرب الأهلية والإرهاب في سورية والعراق ويتحمّل الكثير من النازحين». وقال: «يجب أن نساعده حتى لا يتعرّض استقراره إلى اهتزاز يكون كارثياً إذا حصل، لهذا نريد أن نعمل في شكل وطيد، ليس فقط مالياً لكن أيضاً سياسياً، من أجل التوصل إلى حلّ في المنطقة برمّتها».

وأعرب عن سعادته «لما علمناه من المحادثات الجارية بين حزب الله وتيار المستقبل، والتي أعتبرها ضرورية جداً من أجل استقرار البلد، وأنا أدعم مثل هذه النقاشات من أجل الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وكذلك إمكان إجراء الانتخابات النيابية».

استهداف المسلحين في الجرود

أمنياً، واصل الجيش اللبناني استهداف المسلحين في جرود عرسال بالمدفعية الثقيلة والمتوسطة بعد رصده تحركات وتجمعات لهم. في وقت واصلت القوى العسكرية المكلفة تنفيذ الخطة الأمنية في البقاع، ملاحقة المطلوبين وتوسعت باتجاه بلدة بوداي غربي بعلبك، وعملت على دهم مطلوبين واحتجاز سيارات غير قانونية. كما دخلت قوة من الجيش أمس إلى حيّ الشراونة.

كذلك دهمت مخيماً للنازحين السوريين في منطقة طليا في بعلبك.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى