إصلاح النظام يقتضي إعادة تكوين السلطة

أكد كل من النائبين علاء الدين ترو وزياد القادري أن أزمة الديموقراطية التي يمر بها لبنان لم تنتجها المبادئ الدستورية إنما الممارسة السياسية، مشيرين في الوقت ذاته إلى أهمية إلزامية حضور النواب للجلسات النيابية المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية، وعدم المقاطعة.

أما الناشط السياسي والمدير العام السابق لوزارة الإعلام محمد عبيد فقد شدد على إعادة تكوين السلطة وفقاً لمبادئ اتفاق الطائف، وإلى عدم السماح لها بإعادة إنتاج نفسها من جديد، وترسيخ القوى السياسية عينها التي تحكم منذ عام 1992.

كلام ترو والقادري وعبيد أتى خلال ندوة نظّمها «مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية» تحت عنوان «أزمة الاستحقاقات الدستورية وإمكانية الحلول»، التي حضرها الوزير السابق عادل قرطاس وعدد من المهتمين.

وأكد النائب ترو أهمية الاستحقاقين الرئاسي والنيابي الدستورية، إذ إنهما مرتبطين بشكل مباشر في قيام الدولة. ورأى أن هذه الأزمة لم ينتجها النظام السياسي والمبادئ الدستورية بقدر ما هي ناتجة من الممارسة، لافتاً إلى أن الاجتهاد طغى على النص الدستوري وحول الدستور إلى «وجهة نظر»، مشيراً إلى تعارض ذلك مع المبدأ القانوني والدستوري القائل «لا اجتهاد في معرض النص».

وأكد «أن التخلف عن الاستحقاقات الدستورية ليس علامة إيجابية في حياة الدول، مجدداً التأكيد أن فريقه السياسي من دعاة إلزامية حضور النواب إلى الجلسات التي يدعو إليها رئيس مجلس النواب وقيامهم بواجبهم الوطني بانتخاب رئيس للجمهورية».

وأشار ترو إلى «أن فريقه السياسي بذل كل ما بوسعه تسهيلاً لإقرار قانون يحفظ التوازن الوطني ويطمئن اللبنانيين ويحفظ المبادئ الديموقراطية وأهمها إجراء انتخابات نيابية»، لافتاً إلى أنه «يهدف في نهاية المطاف إلى إجراء انتخابات نيابية على أساس النسبية ولبنان دائرة انتخابية واحدة»، مؤكداً «أن ذلك يستوجب أولاً إلغاء الطائفية السياسية وتخفيض سن الاقتراع وإنشاء مجلس للشيوخ وتهيئة أرضية وطنية لتخفيف الاحتقان الطائفي».

ورأى القادري «أن المطالبة بقانون انتخابي جديد كفيل بإجراء الانتخابات النيابية وبحلحلة في تشكيل الحكومات وانتظام عملها وانعقاد مؤتمرات تأسيسية تدخل تعديلات جوهرية على النظام العقيم.

ورأى القادري أن ثقافة الاستقواء والتنصل من الاستحقاقات والالتزامات باتت متفشية، مشدداً على «أن المشكلة هي مشكلة ممارسة وسلوك أكثر منها أزمة نصوص»، مشيراً إلى غياب الحد الأدنى من ثقافة الالتزام لدى بعض السياسيين بما تعنيه من تعلق عميق بالدولة ومؤسساتها. وأكّد ختاماً أن إصلاح النظام يقتضي أولاً بناء الدولة واستحواذها على مقوماتها كافة وبخاصة السيادة.

وقدم عبيد قراءة لتاريخ الأزمة الحالية والسلوك السياسي بعد الطائف، وشدد على أن البحث في النصوص غيرُ مجدٍ لأن معظم القوى تخالف دستور الطائف الذي بقي حبراً على ورق، مشيراً إلى ضرورة إعادة تكوين السلطة وليس إنتاجها بما يؤدي إلى ترسخ القوى السياسية نفسها التي حكمت منذ عام 1992.

وشدد عبيد على أهمية مواجهة القضايا المصيرية والوجودية التي تواجه لبنان، وأبرزها قضية حق العودة للاجئين الفلسطينيين بخاصة في ظل عدم وضوح مسار التسوية في المنطقة، والنزوح السوري الذي وصفه بالخطير جداً، فضلاً عن تحدي المنظمات التكفيرية. ولفت إلى أن هجرة المسيحيين بخاصة بسبب تيئيس الشباب المسيحي واللبناني، ستؤدي تداعياتها في حال استمرارها إلى زوال معنى لبنان ككيان يمثل رسالة ومشروعاً للعيش الواحد بين مكونات مختلفة، مضيفاً أن القوى اللبنانية لم تنجح ببناء دولة تستطيع أن تواجه كل هذه التحديات، وهذا ما يضعف التفاؤل بإمكانية الحل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى