معركة تحرير حلب بيان رقم 3

حسين الديراني

كان البيان رقم 1 الذي أذاعه حزب الله فور تنفيذ عملية شبعا البطولية ونجاحها وعودة المقاومين سالمين، وسقوط عدد من جنود العدو الصهيوني بين قتيل وجريح، تحفّظ العدو عن ذكر حجم خسائره الكبيرة، العملية جاءت رداً على العدوان الصهيوني بقصفه سيارتين مدنيّتين تقلان قادة وأفراداً من المقاومة كانوا يقومون بجولة استطلاعية في بلدة مزرعة الأمل في القنيطرة السورية واستشهاد سبعة من القادة المقاومين، ستة لبنانيّين بينهم القائد محمد عيسى ونجل الشهيد عماد مغنية الشهيد جهاد، والعميد الإيراني في الحرس الثوري الشهيد محمد علي الله دادي.

خلال حفل تأبين الشهداء السبعة والذي تمّ تأجيله الى حين تنفيذ المقاومة عمليتها البطولية في شبعا وتقديمها بين يدي سيد المقاومة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حيث أعلن في هذا الاحتفال التأبيني عن إلغاء قواعد الاشتباك مع العدو الصهيوني وكبّل يديه، ليصبح عاجزاً عن الردّ، وكان العدو الأكثر فهماً لكلمات السيد نصر الله، لعلمه يقيناً أنّ ما يقوله السيد ويتعهّد به ينفذه ويكون النصر حليفه.

البيان رقم 2 جاء في نفس كلمة الأمين العام السيد حسن نصر الله خلال التأبين، حين وصف «جبهة النصرة» وبقية المسلحين الإرهابيين المتواجدين في منطقة القنيطرة السورية المتخمة للجولان المحتلّ، تشكل حزاماً أمنياً يشبه الحزام الأمني الذي كان يقوده العميل انطوان لحد، قائد ما يُسمى بـ«جيش لبنان الجنوبي» الذي تمّ تحطيمه عام 2000 على يد المقاومة، وفرّ عناصره الى داخل فلسطين المحتلة او سلموا أنفسهم إلى الدولة اللبنانية.

هذا التوصيف كان بمثابة الإشارة العسكرية للقضاء على «جبهة النصرة» العميلة الإرهابية المتواجدة في القنيطرة السورية، وكانت غرفة العمليات المشتركة من الجيش العربي السوري والمقاومة والخبراء العسكريين الإيرانيين جاهزة، وتنتظر الأوامر للانقضاض على الإرهابيّين من «جبهة النصرة» وغيرهم من العملاء لتنظيف المنطقة وتطهيرها من حرس الحدود العملاء، والقضاء على الحزام الأمني أمام أعين العدو الصهيوني الذي كان ينظر بعين حزينة، ويراقب مذهولاً مكبّل اليدين، متحسّراً على ثلاث سنوات من الراحة والاطمئان في تلك المنطقة من خلال التعاون والتنسيق بين الطرفين، تنسيق وتعاون عسكري ولوجستي واستخباراتي موثق، حيث بلغت العلاقة الحميمة بين الطرفين لأن ياتي وزير الدفاع الصهيوني بنفسه ليتفقد جرحى «جبهة النصرة» و«الجيش الحر» الذين أصيبوا خلال المواجهات مع الجيش العربي السوري في المستشفيات الميدانية التي بناها العدو الصهيوني لهذا الغرض لعلاجهم ثم إرسالهم للقتال مرة ثانية الى أن يتمّ القضاء عليهم من قبل الجيش العربي السوري، حتى أنه تخلى عن قوات «أندوف» الدولية التي كانت ترابط بين سورية والأراضي المحتلة.

وقف العدو الصهيوني مذهولاً يراقب المعركة ويهدّد ويتوعّد بالويل والثبور في ما لو تقدم حزب الله في القنيطرة، وهو يعلم أنه مكبّل اليدين، في الوقت عينه لا يريد تكرار تجربة «جيش لحد» واستقبال المقاتلين الفارّين، لأنه يريدهم أمواتاً أو أحياء ليعالجهم ويزجّهم في ارض المعركة ثانية، وليس عند العدو محلات شاغرة لبيع الفلافل للاستفادة من الفارّين من «جبهة النصرة» كما وفر ذلك للعميل لحد، ولا مقبرة تتسع لدفن جثامينهم.

معركة الجنوب السوري أسفرت عن انتصارات واضحة، حيث يتقدّم الجيش العربي السوري والمقاومة على طول الشريط بين القنيطرة المحرّرة والمحتلة، وتمّ تعزيز المواقع التي تمّ تحريرها وانتزاعها من أيدي الإرهابيّين، وأصبح الإرهابيون محاصرين في أماكن يتمّ التعامل معهم بالأسلحة المناسبة.

انتهت معركة الجنوب السوري ليصدر من نفس غرفة العمليات المشتركة بيان رقم 3 لتحرير حلب وريفها الشمالي وفك الحصار عن مدينتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ 4 سنوات، تقدّم الجيش العربي السوري واللجان الشعبية والمقاومة بسرعة هائلة صدمت الإرهابيين المنتشرين في ريف حلب الشمالي المحاذي للحدود التركية، تمّ تحرير العديد من البلدات التي كانت تسيطر عليها «جبهة النصرة» الإرهابية وقتل المئات منهم وأسر أكثر من 70 من الإرهابيين.

إذا كان العدو الصهيوني مكبّل اليدين بحبل إلغاء قواعد الاشتباك ولم يجرؤ على التدخل العسكري، فإنّ التركي تحرك سريعاً وزجّ بآلاف المقاتلين الإرهابيين من مختلف الجنسيات، وإنْ كانت تغلب عليهم الجنسية التركية من خلال مقاطع الفيديو التي بثت على شبكات التواصل الاجتماعي وحديثهم باللغة التركية، لاستعادة بلدة رتيان التي كان الجيش السوري قد سيطر عليها في الأيام الأولى للهجوم الساحق، التدخل والعدوان التركي السافر لمنع القوات السورية النظامية من التقدّم نحو الحدود التركية وتطهير الأراضي السورية من الإرهابيين، يضع تركيا في مقدمة الدول المعادية لسورية ولحلف المقاومة، وبات قتالها حق مشروع لردع المعتدي، الردّ على العدوان التركي لن يكون سريعاً وفورياً بل سيتخذ ضمن مشاورات بين الحلفاء، وأكبر ردّ هو الاستمرار في العملية العسكرية لتحقيق أهدافها كاملة، وهذا كاف لكي يرتدع التركي ويقرّ بهزيمته.

لا شك أنّ التركي لا يقلّ عدوانية ووحشية وهمجية عن العدو الصهيوني بل يفوقه خطورة، من حيث أنه أصبح الممرّ العلني لكلّ الإرهابيين الداخلين الى سورية والعراق منذ 4 سنوات، وكلّ الأسلحة والتمويل يأتي عن طريق المعابر التركية، إضافة الى شراء النفط من تنظيم «داعش» بأسعار ذهيدة حيث انتعش الاقتصاد التركي على حساب دول الجوار من خلال سرقة ونهب النفط السوري والعراقي ودخول الأموال الخليجية لتمويل المسلحين ونهب المصانع السورية، إضافة الى المساعدات الأميركية لتنفيذ مشاريعها في المنطقة والتي على رأس أولويتها إسقاط النظام السوري.

معركة حلب وريفها الشمالي ستستمرّ مهما بلغ العدوان التركي ذروته وبشاعته، وهو لم يتعلم ولم يتعظ من معركة كسب اللاذقية وحمص والقصيْر وحماه وحلب، فمهما بالغ في عدوانه سينهزم في نهاية المطاف على يد أبطال الجيش العربي السوري والمقاومة.

البيان رقم 4 تمّ الإعلان عنه أو الإشارة إليه من خلال كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خلال إحياء ذكرى القادة الشهداء، حين أشار الى أنه ما بعد ذوبان الثلوج في القلمون، يجب تطهيرها من هذا الوباء الذي يهدّد البلدات اللبنانية في السلسلة الشرقية.

فلا راحة ولا استقرار في المنطقة قبل زوال الخطرين المتوازيين التكفيري و«الإسرائيلي»، ولهذين الخطرين دول غربية وعربية تدعمهما، وكتب على الشعوب الحرة المقاومة مقارعة هذين العدوين الشرسين وعدم الاستسلام لهما والإصرار على الانتصار عليهما مهما بلغت التضحيات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى