مدارات اليمن ومرحلة جديدة من الصراعات
ناديا شحادة
خطوة مفاجئة من شأنها إدخال اليمن في مرحلة جديدة من الصراعات والتطورات، هي تمكن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي من مغادرة منزله في العاصمة صنعاء الى عدن في جنوب اليمن بعد أكثر من عشرين يوماً على تقديم استقالته.
توقيت الاعلان عن مغادرة الرئيس اليمني منزله جاء بالتزامن مع الذكرى الثالثة لانتخابه رئيساً للبلاد وفقاً للمبادرة الخليجية التي اعلنتها دول الخليج في 3 نيسان 2011 والتي تم ترشيحه من خلالها كرئيس توافقي لليمن ليخلف الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
هادي بعد ساعات من وصوله الى عدن أعلن عن تمسكه بالعملية السياسية المستندة الى المبادرة الخليجية وطالب المجتمع الدولي باتخاذ الاجراءات لحماية العملية السياسية ورفض ما سماه بالانقلاب، ودعا كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية الى الالتزام بقرارات الشرعية الدستورية وحمايتها، مؤكداً على ان كل الخطوات والتعيينات التي اتخذت في 21 ايلول 2014 غير شرعية، فالبيان الذي اصدره هادي حمل توقيع رئاسة الجمهورية ما يعني سحبه استقالته في شكل رسمي التي كان قدمها في كانون الثاني 2014 بعد سيطرة جماعة انصار الله على العاصمة صنعاء.
والمتابع للشأن اليمني يرى انه في وسط تسارع الاحداث والتطورات الدراماتيكية لا بد من ان يكون للمملكة العربية السعودية يد في تطور هذه الاحداث حيث سعت السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبد العزيز آل سعود الى ابقاء اليمن في مدارها وتحت سيطرها حيث تعتبر السعودية اليمن وأوضاعه خطاً احمر بالنسبة اليها، فلا يمكن الرياض ان تسمح لأي قوى اقليمية ان تسيطر او تفرض نفوذها عليها لذا من الطبيعي ان لا تترك السعودية جماعة انصار الله التي تعتبرها المملكة مدعومة من ايران ان تفرض سيطرتها على اليمن.
بعد سيطرة جماعة انصار الله على العاصمة صنعاء في ايلول 2014 شكل هذا الامر للسعودية خطراً كبيراً كون تغيير السلطة في اليمن قد يضعف نفوذها مرة اخرى في صنعاء كما انه يهدد المنطقة بخطر محدق، وعلى خلفية ذلك أكد تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية في 30 تشرين الاول 2014 حرص المملكة على استمرار تقديم الدعم للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وجهوده في الحفاظ على وحدة اليمن وامنه واستقراره
اعتبرت السعودية ما حدث في اليمن تهديداً لأمن المنطقة واستقرارها، ومجلس الوزراء السعودي في جلسه له في 9 شباط 2015 اعتبر الاعلان الدستوري الذي اصدرته جماعة انصار الله في 6 شباط 2015 يلغي كل الاتفاقات والمبادرات التي وافقت عليها الاطراف والقوى السياسية اليمنية طوال الاعوام الثلاثة الماضية واولها المبادرة الخليجية التي وضُعت عام 2011 .
ويرى المتابعون ان السعودية التي خسرت نفوذها في اليمن ويئست من محاولتها طوال الفترة الماضية العمل على افشال المفاوضات حول الملف النووي الايراني حيث سعت لاقناع عواصم القرار الدولي بعدم توقيع الاتفاق النووي الايراني مع طهران، ولكن من دون جدوى، فمن المتوقع الآن ايجاد حل للملف النووي في 30 حزيران 2015 على أبعد تقدير، كل تلك الاحداث جعلت من السعودية تعمل على ايجاد دور جديد لها في اليمن والعمل على قلب موازين القوى محالة منها لاستعادة نفوذها فقامت بمحاولة استخدام هادي لمحاربة جماعة انصار الله ولتقود التسوية من جديد.