الجمهورية العربية المتحدة

حميدي العبدالله

في مثل هذا اليوم وفي 22 شباط عام 1958 أُعلن عن قيام الجمهورية العربية المتحدة، من خلال اتحاد سورية ومصر في دولة واحدة، حيث سُمّيت سورية الإقليم الشمالي وسُمّيت مصر الإقليم الجنوبي في الجمهورية الوليدة.

السياق السياسي الذي ولدت فيه الجمهورية العربية المتحدة يشبه السياق السياسي الحالي الذي تمرّ به سورية ومصر. سورية تعرّضت في تلك الفترة، ولا سيما في عام 1957 لمؤامرة شاركت فيها الأطراف ذاتها التي تنخرط في الحرب على سورية الآن لإرغامها على الالتحاق بالمنظومة الغربية بقيادة الولايات المتحدة تحت مُسمّى حلف «أيزنهاور» وعندما رفضت سورية ذلك، جُنّدت السعودية والأردن وتركيا للقيام بأعمال تخريبية في سورية، ومثلما يحدث الآن كان لتركيا والأردن دور مخلب القط، في حين كانت السعودية هي المموّل والولايات المتحدة والحكومات الغربية القائد والمخطط، وهدّدت تركيا في حينه بغزو سورية الأمر الذي سرّع في قيام الجمهورية العربية المتحدة للردّ على المؤامرة التي تستهدف سورية بسبب نهجها التحرّري الممانع ورفضها للسياسات الغربية القائمة على حماية الاحتلال الصهيوني، وفرض الوصاية والهيمنة على المنطقة، وجاء إعلان الوحدة ليشكل الردّ على الهجوم الذي استهدف سورية والضغوط التي تتعرّض لها مصر، وكان من نتائج هذه الوحدة اندلاع ثورة في العراق أسقطت النظام الملكي الذي شكّل القاعدة الرئيسية لحلف بغداد وتطبيق مبادئ «أيزنهاور» وتحرّرت الجزائر من الاحتلال الفرنسي، ونشبت الثورة اليمنية بقيادة المشير عبدالله السلال.

كما أدّى قيام الجمهورية العربية المتحدة إلى تصدير الضغوط إلى داخل الدول التي شكلت رأس الحربة في المؤامرة على سورية، فأدّت هذه الضغوط إلى إطاحة حكومة عدنان مندريس في تركيا، الذي يُعجب به الآن رجب أردوغان، ويشكل مثله الأعلى، وإعدامه بتهمة الخيانة، كما أدّت إلى قيام حكومة وحدة وطنية في الأردن بعد انتفاضة قام بها الضباط الأحرار في الجيش الأردني، وشهدت المملكة العربية السعودية اضطرابات حادة وصلت إلى داخل الأسرة الملكية حيث انشق الأمير طلال ووقف إلى جانب الجمهورية العربية المتحدة في وجه انخراط بقية أفراد الأسرة السعودية في المخطط الغربي ضدّ سورية ومصر.

اليوم تواجه سورية ومصر ظروفاً وتحديات مشابهة تماماً لما جرى في ذلك العام، وبالتالي فإنّ الردّ، والانتقال من الدفاع إلى الهجوم بالنسبة إلى سورية ومصر يتطلب إن لم يكن قيام دولة واحدة مثل الجمهورية العربية المتحدة، فعلى الأقلّ تعاوناً وتنسيقاً وثيقين، لأنّ مثل هذين التعاون والتنسيق وحدهما اللذين يرفعان الضغوط عن مصر، ويقطعان الطريق على تصاعد الحرب الإرهابية التي تستهدفها الآن، وينقذان سورية من المؤامرة التي تعرّضت لها منذ أربع سنوات، فهل يتحقق ذلك؟ الجواب ليس لدى سورية هذه المرة بل لدى مصر والقيادة المصرية الجديدة على وجه الخصوص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى