تقرير إخباري

فاديا مطر

ليس غريباً، أن تأتي تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أوردغان الأخيرة، حول دور تركيا وموقفها من قضية ما يدعى بمحاربة « داعش» في المنطقة، ورفعت المعارضة في اللقاء مع دي ميستورا، الباحث عن اختراق ديبلوماسي، سقف مطالبها للقبول بتجميد القتال. ورفض ممثلو الفصائل لقاءات منفصلة مع الوسيط الدولي.

تمسّك المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، بخطته لتجميد القتال في حلب، معتبراً أن «ما يحصل في حلب نموذج صغير عما يحصل في كل البلاد» ووجّه دي ميستورا مقترحاً «وقف المعارك بالأسلحة الثقيلة في حلب، لأن علينا أن نعطي إشارة لخفض مستوى العنف وزيادة نقل المساعدات الإنسانية». موضحاً أنه «يواصل مفاوضات مكثفة مع حكومة دمشق والمعارضة للتوصل إلى ذلك»، مشيراً إلى أن انعدام الثقة «بين الجانبين حال حتى الآن دون التوصل إلى اتفاق». وأوضح: «لا أحد يريد اتخاذ الخطوة الأولى».

لكن الميليشيات المسلحة في المدينة رفضت حينها الاقتراح على عكس موافقة الدّولة السورية على القيام بذلك.

دي ميستورا أكد حينها أنه «لا يملك خطة سلام إنما خطة تحرك» للتخفيف من معاناة الشعب، بعد حوالى 4 سنوات من الأزمة في سورية.

ما تواجهه المعارضة السورية اليوم حصيلة تراكم جملة مقدمات، أدّت بتفاعلاتها الداخلية، والأخرى الخارجية وتمظهراتها البنيوية، إلى وضعية لا تُحسد عليها. والعامل الأهم افتقار المعارضة إلى أحزاب قوية كان من المفروض أن ترسم الخط السياسي.

الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وهو عملياً – حتى لحظة كتابة الورقة – لا يريد أن يقدّم سوى الدعم الكلامي للشعب السوري مصحوباً بحد أدنى من الدعم السياسي والمالي مع رفض أي خيار عسكري تقوده واشنطن أو حلف شمال الأطلسي أو أي خيار قد يرتبط بالخيار العسكري بشكل مباشر أو غير مباشر.

هنا توصلت تركيا والولايات المتحدة الأميركية لاتفاق يتضمن ثلاث قضايا، وعلى رأسها «تقاسم المعلومات الاستخباراتية بين البلدين على الحدود مع سورية جراء انتقال مقاتلي تنظيم ما يعرف بـ»داعش» إلى سورية من الغرب عبر تركيا».

إنّ الترجمة الحقيقية لمثل هذه الاتفاقات تعني إفشال مهمة ستيفان دي ميستورا قبل أن تبدأ، وعلى الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها أن تخجل من الموافقة على خطة المبعوث الخاص للأمم المتحدة دي ميستورا لإعادة الأمن والاستقرار إلى سورية، بينما هي تلتفّ على هذه الخطة عملياً في وضح النهار من خلال قرار تدريب الإرهابيين بالتعاون مع تركيا وغيرها لتوظيف مزيد من القتلة وإرسالهم إلى سورية لقتل خطة الأمم المتحدة. إنّ هذا القرار هو حكم مسبق من قبل هذه الدول على فشل مهمة المبعوث الخاص التي دعمتها سورية وستبذل كلّ جهد بغية إنجاحها. إنّ الهدف الحقيقي لهذا الاتفاق وغيره من الاتفاقات التي ستوقع مستقبلاً يعني إعطاء دفعة جديدة للإرهابيين لاختبار صمود سورية وإطالة أمد الأزمة فيها، كما يعني قراراً باستنزاف سورية وغيرها لإتاحة الفرصة أمام «إسرائيل» لبسط هيمنتها على المنطقة.

فشل أردوغان واستخباراته وتعاونه المكشوف مع المجموعات الإرهابية التي كان قد ابتدعها ودرّبها وسلّحها وقدّم لها المأوى طيلة السنوات الأربع الماضية في تحقيق أحلام الزعيم «الإخونجي» في النيل من صمود سورية أمام عشرات الآلاف من القتلة والمرتزقة الذين استأجرهم لتحقيق أوهامه.

مهما تفنّنت الإدارة الأميركية في تبرير تدخلها السافر هي وأدواتها في الشؤون الداخلية لسورية والتغطية على نواياها الحقيقية في المنطقة، والتي باتت مكشوفة لدول العالم من خلال الدعم المباشر الذي قدّمته الولايات المتحدة لما يسمى «داعش» و«جبهة النصرة» و«الجيش الحر» والكتائب الإرهابية الأخرى.

إنّ إعلان تدريب آلاف الإرهابيين السوريين، هو إعلان إرهابي بموجب القانون الدولي، سيكون في الوقت نفسه إعلان قتل القانون الدولي وكلّ الضوابط التي رسمها المؤمنون بتحقيق الأمن والسلم الدوليين. وهذا دليل واضح على الهوة الشاسعة بين السياسة الأميركية في النظرية والتطبيق وبين ما يصدر من قرارات تسنها مراكز القرار الدولي في العالم.

فهل سيجد دي ميستورا طريقه للخروج بموجب ما حمله من حلم بين النظرية والتطبيق للخروج من عنق الزجاجة الذي بات يضع نفسه فيه؟

فنحن في سورية لا نشعر بجديد في هذه السياسات العدوانية الأميركية والتركية سواء كان تدريب مزيد من الإرهابيين في تركيا والسعودية والأردن و«إسرائيل» وقطر أو في بعض البلدان الأوروبية أو تمويلهم أو إرسالهم لممارسة الإرهاب في سورية، فهذا الاتفاق هو امتداد للسياسات الأميركية ـ التركية منذ أربعة أعوام.

نحن في سورية وفي محور المقاومة، نعي جيداً أن انتصارنا الحتمي على الإرهاب وأدواته من مرتزقة وفاسدين آت لا محالة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى