هل تشكل عدن وجنوب اليمن قاعدة لضرب حركة أنصار الله؟

حميدي العبدالله

لجأ الرئيس اليمني المستقيل عبد ربه منصور هادي إلى مدينة عدن، حيث لا تزال اللجنة الأمنية التي تسيطر على المدينة تدين له بالولاء.

ومن خلال رصد ما يبثه وينشره الإعلام الخليجي، ولا سيما الإعلام السعودي، تبرز رهانات على احتمال أن تشكل عدن مكاناً لتجمّع المعارضين لنظام الحكم الجديد في صنعاء بقيادة اللجنة الثورية التي باتت المرجعية الوحيدة في اليمن الشمالي.

لكن هل عدن واليمن الجنوبي عموماً مهيأ للعب الدور الذي تراهن عليه بعض الحكومات الخليجية وربما حكومات غربية على رأسها الولايات المتحدة؟

الحراك الجنوبي الذي بدأ قبل عام 2011، أيّ قبل «الربيع العربي» يدعو صراحة إلى انفصال الجنوب عن الشمال، وعودة «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، وهو الاسم الرسمي لدولة الجنوب، إلى الوجود. وبديهي أنّ أيّ حراك سياسي لا يصبّ في هذا الاتجاه لن يحصل على تأييد شعبي واسع في محافظات الجنوب، وعلى رأسها محافظة عدن العاصمة الاقتصادية لليمن الموحّد.

جنوب اليمن يتوزع اليوم على ثلاث قوى أساسية، القوة الأولى الحراك الجنوبي، ولا سيما في المدن الرئيسية الجنوبية وعلى رأسها عدن، وبديهي أنّ هذه القوة لا يعنيها ما يجري في شمال اليمن ولن تدعم أيّ جهات، سواء كانت يمنية أو خارجية في حربها ضدّ اللجنة الثورية، وحركة أنصار الله في الشمال، لأنّ هذا لا يعنيها، جلّ ما تهتمّ به هو انفصال الجنوب عن الشمال واستعادة جمهورية اليمن الجنوبي.

القوة الثانية هي تنظيم «القاعدة» الذي يسيطر على أجزاء واسعة من محافظات شبوة ولحج وحضرموت وهي المحافظات الواقعة في جنوب اليمن، وتنظيم «القاعدة» يعادي اللجنة الثورية وحركة أنصار الله، ولكنه في الوقت ذاته يعادي بنفس المقدار الحكومات الخليجية والحكومات الغربية، ومن الصعب قيام تعاون علني وفعّال بين «القاعدة» والدول الغربية والحكومات الخليجية، وبالتالي لا يمكن الرهان على تنظيم «القاعدة» في استعادة النفوذ والسيطرة من جديد على شمال اليمن، بل إنّ التعاون مع «القاعدة» يشكل عبئاً، كما أنّ تنظيم «القاعدة» يعمل لحسابه الخاص، ولن يسمح لأيّ طرف آخر باستخدامه في هذه الساحة لمصلحته من دون دفع ثمن أقله سيطرة «القاعدة» على المناطق التي تجري الاستعانة به فيها.

القوة الثالثة، هي مجموعات من الجيش والأمن التي لا تزال على ولائها للرئيس هادي، ولكن هذه القوة هي الأضعف بين القوى الفاعلة والمؤثرة في اليمن الجنوبي، وهي غير قادرة بمفردها أن تستعيد زمام المبادرة في اليمن الشمالي، وسيكون دورها إعلامياً وسياسياً للتشويش على حكم اللجنة الثورية أكثر من أيّ شيء آخر، ولكن هذا التشويش لا يغيّر من توازن القوى الميدانية، ولا يحول دون ترسيخ سيطرة السلطة الجديدة على كلّ أنحاء اليمن الشمالي، لا سيما بعد التقارير التي تؤكد أنّ اللجان الشعبية توشك على عزل مدينة تعز عن الجنوب، وبالتالي سقوط آخر المدن الرئيسية في الشمال التي لا تزال خارج سيطرة السلطة الجديدة بزعامة حركة أنصار الله.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى