اليمن بين الفوضى وضرورات الحلّ السلمي
رئبال مرهج
«الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يعدل عن الاستقالة»، عناوينٌ عريضة تصدرت الصحف السعودية بعد إعلان الرئيس اليمني المستقبل عبد ربه منصور هادي قراره بعدم اعترافه بالاستقالة التي أجبر عليها بحسب زعمه.
فليس خافياً على أحد الدعم السياسي الذي يحظى به منصور هادي من قبل المملكة السعودية التي وبعد أن اعتمدت على القاعدة في منع وصول الحوثيين إلى صنعاء ومحاولة عرقلة تقدمهم السلس إلى المدن اليمنية الأخرى، ترى اليوم من خلال إخراج الرئيس المستقيل من صنعاء وتشجيعه على العدول عن الاستقالة، فرصة مناسبة لإعادة التوازن السياسي بينها وبين إيران الداعمة والحليفة لجماعة أنصار الله الحوثي.
التطور الحاصل في اليمن جاء بعد وقوع المملكة السعودية بين مطرقة الإرهاب المتنامي على حدودها الذي صنعته وسندان تقدم الحوثيين من جهة ثانية، فبدأت في إعادة ترتيب سياساتها في محاولة أخيرة للضغط على الجبهة اليمنية لعلها تستطيع إحداث فعل قوة يستثمر سياسياً في ميزان التسوية المقبلة في ظل الأنباء عن قرب توقيع الاتفاق النهائي بين الغرب وإيران.
وتأكيداً على تنفيذه أوامر مشغليه في الرياض قال الرئيس هادي في بيان إنه متمسك بالعملية السياسية المستندة للمبادرة الخليجية التي صاغتها المملكة منذ ثلاثة أعوام لترتيب نظام نقل السلطة في البلاد. كما طالب في عودة عن قراراته السابقة برفع الإقامة الجبرية عن رئيس الوزراء خالد بحاح بما أن كل الخطوات والتعيينات التي اتخذت منذ أيلول الماضي جاءت تحت الإكراه وبالتالي هي باطلة وغير شرعية بحسب هادي.
مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن جمال بن عمر أجرى اتصالاً هاتفياً بالرئيس هادي. ونقلت وسائل إعلام عن بن عمر قوله إن عبد ربه أكد له تمسكه بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وبمخرجاتها لحوار الوطني كمرجعية وإطار لأي توافق سياسي يُخرج اليمن من أزمته الحالية ولكن المراقبين يعتقدون أن اليمن ربما قد دخل مرحلة جديدة إزاء الخطوة السعودية إذ إن انتقال هادي إلى عدن سيوحد الشمال اليمني وسيحفزه لإعلان انفصاله، لا بل إن أجزاء من الجنوب ستنضم إلى مدن الشمال ضدّ هادي، الذي أصبح يشكل قوة لا بأس بها في عدن الجنوب، تدعمه بعض ألوية الجيش والقاعدة أيضاً!
منصور هادي الذي وضع نفسه كقوة موازية للحوثيين في صنعاء، لربما أصبح خارج منطق الحياد الذي يخوله لعودته رئيساً وبالتالي فإن طلبه بنيل اعتراف الحوثيين به كرئيس لليمن قد أصبح خارج الحسابات.
وفي سيناريو محتمل، ربما تلجأ المملكة السعودية إلى إقناع هادي بإعلان الانفصال واعتماد عدن عاصمة موقتة وبالتالي بدء المواجهات العسكرية مع جماعة الحوثي وإدخال اليمن في دوامة جديدة من الفوضى والعنف، الفوضى التي تريدها المملكة السعودية ودول الخليج من أجل عرقلة التقدم الحوثي بخاصة بعد التأييد الذي نالته الجماعة في أغلب مدن اليمن وترحيبها بتقدمها السريع والمقنع، الخالي من العنف.
فهل ستنجح السعودية في قلب الطاولة في اليمن أم أنها – وبسبب فقدانها لعناصرالقوة فيه -، ستلجأ إلى العودة للتفاهم مع الحوثيين والتسليم بالنفوذ الإيراني في خاصرتها الجنوبية؟
ربما الاحتمال الثاني هو الأقرب إلى الواقع، خصوصاً مع الدعم الذي يلقاه الحل السلمي من الدول الغربية التي تضع الفيتو على بقاء تنظيم القاعدة كقوة في جنوب اليمن على أطراف باب المندب، المنفذ الاقتصادي والاستراتيجي المهم.