غياب الفنّان التشكيليّ السوريّ غسّان السباعي عن ستة وسبعين عاماً

نعى اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين الفنان التشكيلي غسان السباعي الذي توفى بنوبة قلبية عن عمر 76 عاماً أمضى معظمها في خدمة الفن التشكيلي السوري. وكان الراحل السباعي من جيل التشكيليين الأوائل الذين عملوا على وضع أسس علمية للحركة التشكيلية السورية وأغنى عبر أعماله الفنية الكثيرة المحترف التشكيلي السوري، إلى جانب حضوره الدائم في الوسط الثقافي والتشكيلي كمحاضر وناقد وباحث ومدرس في كلية الفنون الجميلة ولم ينقطع عن العمل الفني حتى لحظاته الأخيرة.

من الناحية الفنية، استطاع السباعي أن يخط لنفسه أسلوبية خاصة مزج فيها بين التعبيرية والتجريد مقدماً لوحة تشبهه وتدل على حرفيته العالية وقدرته على تطويع المتضادات اللونية لخلق حالة انسجام صعبة بينها توحي الهدوء والسلام والحب، إذ كان يرى دوماً أن الفن هو الطريق الوحيد إلى عالم أكثر سلاماً وجمالاً، ورغم حزنه الشديد ممّا حل بوطنه سورية إلاّ أنه لم يغادره وحافظ على وجوده في الوسط التشكيلي السوري ممسكاً بريشته وألوانه في وجه الإرهاب والقتل والموت.

على الصعيد الإنساني مثّل السباعي نموذجاً للفنان المبدع المتواضع والعميق فكراً وثقافة، إذ استطاع بروحه الشبابية وتفاؤله وظله الخفيف كسب محبة جميع الذين عرفوه من الأجيال كافة، خاصة الشبّان الذين لم ينقطع عنهم بعد توقفه عن التدريس وظل يدعمهم ويشجعهم على الاستمرار في التجريب والعمل الجاد للوصول إلى الناس، منطلقا من إيمانه العميق بطاقات الشباب السوري ومواهبه القادرة على تطوير الحركة التشكيلية السورية.

يعتبر السباعي من تشكيليين قلّة امتلكوا القدرة على التجديد مع المحافظة على الخصوصية، وازدادت الحميمية في لوحاته الأخيرة بحثا عن التآلف الإنساني والمحبة كرد فعل على ما نشهده من تشويه لكل ما هو جميل في الحياة، وكان يرد دوما على الحزن والكآبة بالإصرار على الحياة والحب والجمال والفرح.

غسان السباعي من مواليد حمص عام 1939، وخريج كلية الفنون الجميلة في الاسكندرية، قسم التصوير الزيتي عام 1964، درس الحفر في المدرسة الوطنية العليا للفنون في باريس عام 1974 وعمل أستاذاً في قسم الحفر في كلية الفنون الجميلة في دمشق، وله الكثير من المعارض المنفردة والجماعية داخل سورية وخارجها، وله كتابات ومحاضرات في الفن التشكيلي، وأعماله مقتناة في وزارة الثقافة السورية والمتحف الوطني ومتحف تدمر وفي عدد من السفارات السورية وضمن مقتنيات خاصة في لبنان والأردن ومصر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى