آشتون كارتر وهزيمة «داعش»
حميدي العبدالله
تعهّد وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بعد أول زيارة قام بها إلى المنطقة بإلحاق هزيمة نهائية بتنظيم «داعش». وتصريحات كارتر تختلف عن تصريحات المسؤولين الأميركيين السابقين، وعلى رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير خارجيته الذين دأبوا على القول إنّ المعركة مع «داعش» طويلة وليس من المنتظر تحقيق نصر في وقت قريب على التنظيم الإرهابي.
لكن على ماذا استند كارتر في إطلاق تعهّده هذا؟ هل استند إلى المكاسب التي حققتها وحدات الحماية الكردية في منطقة عين العرب وفي محافظة الحسكة؟ إذا كان هذا ما دفع كارتر إلى إطلاق هذا التعهّد فإنّ عليه التريث قليلاً ومراجعة حساباته، فـ»داعش» ليس لديها بيئة حاضنة في سورية في أيّ منطقة من المناطق، لا في ريف حلب ولا في ريف الحسكة ولا حتى في الرقة ودير الزور، ففي ريف دير الزور انتفضت العشائر ضدّ «داعش» وفي الرقة غادر غالبية سكانها المدينة، وبالتالي فإنّ مسألة هزيمة «داعش» في سورية هي مسألة وقت.
أما إذا كان وعد كارتر استند إلى المكاسب التي حققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي في محافظات صلاح الدين وديالى، فإنّ هذه المحافظات لا تشكل بيئة حاضنة، حتى وإنْ كانت هناك أقليات تتعاطف مع «داعش»، وهذه المكاسب لا تشكل دليلاً يمكن الاستناد إليه للحديث عن «الهزيمة النهائية لداعش».
إنّ الاختبار الحقيقي هو في محافظتي نينوى والأنبار، حيث لا تزال هناك حاضنة شعبية وسياسية لتنظيم «داعش»، وحيث تتركز قوته الأساسية. حاضنة شعبية تتمثل بتعاطف واسع مع هذا التنظيم الإرهابي، وحاضنة سياسية تتمثل بالتفاف قوى سياسية حوله، تحظى بدعم حكومات خليجية، إضافة إلى دعم تركيا، مثل هيئة العلماء المسلمين، وتشكيلات سياسية أخرى، وهذا الدعم السياسي من هذه القوى ومن تركيا وبعض الدول الخليجية يعزز الحاضنة الشعبية لـ«داعش» في هاتين المحافظتين، ويحاصر مجموعات العشائر، يضاف إلى ذلك أنّ الولايات المتحدة تريد أن تجعل معركة الأنبار ونينوى ممراً يسمح بعودة الوصاية الأميركية على كلّ العراق، وهذا ما تعارضه قوى واسعة، حتى وإنْ كانت بعض القوى المشاركة في الحكومة والأحزاب الكردية تتعاطف مع هذه السياسة الأميركية، التي تزيد الأمور تعقيداً وتجعل الرهان على إلحاق الهزيمة بـ«داعش» في معاقلها الرئيسية أمر خارج الحسابات الواقعية.
«إلحاق الهزيمة النهائية بداعش» يحتاج إلى ثلاثة متطلبات غير موجودة على الأقلّ حتى الآن، وهي تغيّر في البيئة الحاضنة الشعبية والسياسية، وهذا غير متوقع في المدى المنظور هذا أولاً. وثانياً، تغيّر في السياسة والحسابات الأميركية، والتخلي عن سياسة اعتماد «داعش» وسيلة لإعادة الوصاية على العراق. وثالثاً، السماح لقوات الحشد الشعبي من كلّ أنحاء العراق المشاركة إلى جانب الجيش العراقي في معركة تحرير نينوى والأنبار، وهذا غير ممكن في ظلّ الانقسامات السياسية الحالية.