علي عبد الكريم لـ«العهد»: على الدول العربية مراجعة حساباتها لمواجهة الخطر الإرهابي

رأى السفير السوري في لبنان علي عبد الكريم علي أن «ما قالته سورية سابقاً بات اليوم أكثر وضوحاً للقاسي والداني، لافتاً إلى أن دمشق التي أعلنت الحرب على الإرهاب منذ أربع سنوات التحق بها العالم متأخراً، ومن خطّط لدمار أقدم عاصمة عربية وموّل ودرّب وصدّر الإرهابيين إليها وصل سُم الإرهاب إليه، لتصدق مقولة «طابخ السم آكله»، فبدأت دول عدة تراجع حساباتها، خوفاً من الآتي الأعظم، فرنسا واحدة منها، ضربها الإرهاب التكفيري فطرق رجالها أبواب دمشق».

وشدد السفير السوري على أن «زيارة الوفد الفرنسي إلى سورية اعتراف من قوى سياسية وممثلين للشعب الفرنسي بأنّ السياسات التي انتهجتها حكومتهم لم تكن صائبة فوصل الغربيون إلى الحقيقة الجارحة والمؤلمة والقاسية، وهم الآن في مرحلة تغيير مواقفهم بعدما ضربهم الإرهاب في عقر ديارهم».

وأعرب عن قناعته بأن «النصر لم يعد بعيداً عن درب سورية وفق قناعاته، فالوضع الميداني مبشر جداً، المعنويات مرتفعة والانتصارات كبيرة ومرشحة للتزايد في كل المناطق».

وفي ما خص العلاقة بين لبنان وسورية أكّد أن «التعاون بين الجيشين اللبناني والسوري والتنسيق قائم ولكن يجب أن يُفعّل أكثر»، وعلى المستوى الإقليمي دعا الدول العربية إلى وعي أكبر للمخاطر الإرهابية التكفيرية المحدقة بالجميع.

وعن زيارة الوفد الفرنسي لسورية لفت السفير علي عبد الكريم إلى أننا «لا نستطيع أن نجترح مفاجأة لم يلحظها الراصدون والمحللون والاستراتيجيون في قراءاتهم، هذه الزيارة تعبير عن حراك داخل المجتمع الفرنسي والأوروبي، إنها اعتراف من قوى سياسية وممثلين للشعب الفرنسي بأنّ السياسات التي انتهجتها الحكومة الفرنسية لم تكن صائبة، طبعاً رؤساء فرنسيون على رأسهم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قالوا إنّ هذه الزيارة لا تحمل رسائل رسمية، هي زيارة شخصية، لكن كل هذا الكلام لا يخفّف من قيمة الزيارة ووقعها، فوسائل إعلام فرنسية أجرت استطلاعات أكّدت أنّ 88 في المئة من الرأي العام الفرنسي يُبارك هذه الزيارة وهذا تعبير عن موقف من سياسة الحكومة الفرنسية التي شكّلت حاضنة وداعمة وغطاء لإرهاب بدا الفرنسيون بكل قواهم وأحزابهم يستشعرون خطره عليهم».

وقال: «الرئيس بشار الأسد هو الذي يُعطي الزائرين من صموده وموقفه ورباطة جأشه وقراءته المبكرة للأحداث، الوفد الفرنسي عندما التقاني قبل أن يصل إلى دمشق أشار إلى أنّ سورية نبّهت منذ البداية إلى أن هذا الإرهاب سيمتد إلى كل العالم، لذلك الزوار يستفيدون من الأسد لأن الزيارة تعبير عن حاجة فرنسية، طبعاً لسورية مصلحة فيها بأن يقرأ الرأي العام الأوروبي وليس الفرنسي وحده بل والعالمي أيضاً بأنّ سياسات الدول والحكومات التي رعت الإرهاب تحت مسميات مختلفة والحراك الذي أعطوه مسميات مزيفة ووصلوا في النتيجة إلى الحقيقة الجارحة والمؤلمة والقاسية والتي يخشون من ارتداداتها، مضيفاً: «هم الآن في مرحلة تغيير مواقفهم بعد مراجعة لنتائج الوقائع المريرة ورؤية الإرهاب الذي ضرب أكثر من عاصمة أوروبية».

وأشار إلى أن «هؤلاء يمارسون ازدواجية، ليس في المعايير فقط، بل في السلوك، بمعنى أن هذه الدول تُصوّت في الأمم المتحدة على قرارات مثل 2170 و2178 تحت الفصل السابع ولكن الحرص على التطبيق نراه منقوصاً، إذاً هناك تلاعب وليس انتقائية فقط في سلوك السياسة الدولية في ما يتعلّق بالتطبيقات على الأرض، على هؤلاء أن يعلموا أنّ مصلحة العالم وشعوبهم وشعوبنا في احترام القوانين الدولية والمعايير الإنسانية، الإنسان في أوروبا ليس أفضل من الإنسان في الأراضي الفلسطينية والسورية والأفريقية… يجب احترام المعايير الموحدة واحترام القانون الدولي والمواثيق الدولية بعيداً عن عنجهية القوة والمطامع غير المبنية على المصلحة، كل هذا عندما يتم نصل إلى النتائج التي يكون فيها ضمان لأمن الشعوب ولمصالحها وكراماتها».

وعما إذا كان الوفد قد حمل رسائل ما قال: «الرسائل بعضها واضح لكن الرسائل الخاصة لا أظن مجالها الإعلام، الأهم أن هناك مراجعة فرضتها الأحداث والأخطاء التي ارتكبتها حكومات في التمويل والتسليح ورعاية الإرهاب».

وفي ما خص خطة المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا أوضح علي عبد الكريم أنه «لا يزال التنسيق والتشاور قائم، هناك جدية من القيادة السورية والحكومة في التعاطي مع كل المبادرات، الكل يعلم أن القاعدة والنصرة وداعش ومشتقات الإرهاب لا يؤمنون بالحوار، هم يدمرون حضارات عمرها آلاف السنوات في الموصل وحلب والحسكة ولا نستطيع أن نواجههم سوى بالحرب عليهم واستئصال إرهابهم لأنهم أعداء أنفسهم والبشرية، لذلك يجب أن يكون الرأي موحداً وحازماً وحاسماً مع الجميع بتطبيق أمين للقرارات الدولية بوقف التمويل والتسليح والإرهاب وتمرير المسلحين والسلاح، عندما لا تكون هناك جدية دولية معناها لا يوجد صدقية ولا نوايا طيبة لهذه الدول مهما قامت بحملات جوية وضربات وتحالفات».

وفي قراءته للوضع الميداني في سورية رأى أن «النصر يُعدي والهزائم في المجموعات الإرهابية تنتقل كالنار في الهشيم، معنويات الجيش السوري عالية، وكذلك معنويات الشعب الذي يقاتل معه في كل المناطق والذي حاصره الإرهاب وحرمه من نعمة الاستقرار، أرى الانتصارات كبيرة ومرشحة للتزايد في كل المناطق».

وفي ما يتعلّق بالعملية التي قامت بها تركيا داخل سورية واعتبار البعض أن مجرد إبلاغ القنصلية السورية هو اعتراف بشرعية الدولة السورية، قال: «ليسوا هم من يمنحون الشرعية أو يحجبونها، شرعية سورية دولة وجيشاً وقيادة هي حق للشعب السوري وقواه الحية على الأرض، وهذا ما يجب أن يعترف به العالم، ما حققته سورية من كفاءة لشعبها وجيشها ومؤسساتها لا يحتاج إلى شهادة من هؤلاء وبخاصة عندما يصل الحديث إلى الشرعية، هم يتصدرون العالم في انتهاك حرية الصحافة وضرب المؤسسات والنقابات والمعارضات الوطنية داخل تركيا، لذلك مثل هذا الكلام مردود على أصحابه».

وأضاف علي عبد الكريم: «في ما يتعلّق بالعدوان الذي قامت به تركيا، فهذه ليست الخطوة الأولى، منذ اليوم الأول للأزمة فتحت أنقرة حدودها على امتدادها لتمرير المسلحين وإيوائهم وتمويلهم واحتضنت غرف عمليات التدريب وإدارة العمليات الإرهابية داخل سورية، العملية التي قامت بها تركيا تُعبّر عن حالة من الإحباط الكبير التي وصلت إليها ومعها بعض الدول الإقليمية الذين راهنوا على ضعف الدولة السورية وسقوطها في أسابيع وأشهر».

وأوضح أنه «عندما صمدت سورية وأكّدت كفاءة عالية، وأكد الشعب السوري احتضاناً يقل نظيره لجيشه ورئاسته وقيادته فقدوا صوابهم، وعندما لم تستطع تركيا إقامة منطقة عازلة وإقناع حلفائها وأسيادها بتمرير هذا الموقف كان هذا التخبط الذي يظهر على السياسة التركية وعلى الإجراءات في الداخل التركي والخارج».

وعما إذا كانت سورية قد تلقت إشارات من دول عربية قال علي عبد الكريم: «نتمنى من أشقائنا وإخوتنا العرب أن يكونوا أوفياء لمصالحهم ولشعوبهم، أما في ما يتعلّق بالإشارات الإيجابية فلو كانت وصلت لكان الجميع أدركها، إنما الخشية والارتباك والمخاطر التي تتهدّد الجميع هي التي يُفترض أن تكون العلامة والمؤشر التي يجب أن تجعل الجميع يرسلون الإشارات من أجلهم أولاً قبل سورية».

وعن الدور المصري تجاه سورية رأى أن «أمن مصر يعنينا ودورها ووحدتها يهمنا، العلاقة مع هذا البلد معقولة، هناك حدود جيدة، نتمنى أن تكون مفعّلة أكثر في المستقبل».

وعن مستوى التنسيق بين لبنان وسورية قال علي عبد الكريم: «التعاون بين الجيشين والتنسيق قائم ولكن يجب أن يُفعّل أكثر، الحكومة وإن كانت تُلزم نفسها بقيود معينة ولكنّ هناك أصوات جدية وحقيقية ولا أظنها قليلة تريد أن يكون التنسيق أكبر ويُفعّل أكثر من أجل لبنان والمصلحة المشتركة، لأنّ في التنسيق مصلحة أمنية ومصلحة حياة ومصلحة في كل الاتجاهات وهناك عدو يتربص بالبلدين معاً، هذا العدو تشكّل إسرائيل أحد أسمائه والإرهاب التكفيري هو الوجه الآخر للعدوان نفسه».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى