لافروف: طلبت من كيري التأثير في كييف لتنفيذ اتفاقات مينسك
أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه طلب من نظيره الأميركي جون كيري أن تمارس واشنطن ضغوطاً على كييف من أجل تنفيذ اتفاقات مينسك.
وأوضح لافروف للصحافيين في جنيف أمس، أنه طلب من كيري أن تضغط الإدارة الأميركية على الحكومة الأوكرانية لكي توقف إطلاق النار وتسحب أسلحتها الثقيلة في شرق أوكرانيا، وتنفذ غيرهما من بنود الاتفاقات، بما في ذلك إعلان عفو عام وإجراء إصلاح دستوري ومنح منطقة دونباس وضعاً خاصاً.
وأكد الوزير الروسي أنه يمكن التوصّل إلى تسوية مستقرة في أوكرانيا فقط في حال تنفيذ اتفاقات مينسك بشكلٍ كامل، معرباً عن أمله أن الولايات المتحدة ستدرك ضرورة المساعدة على تنفيذ الإجراءات التي تمّ الاتفاق عليها في مينسك من أجل تسوية النزاع الأوكراني الذي أدى إلى سقوط الآلاف من الضحايا. ووصف محادثاته مع كيري بالصريحة، مضيفاً أنها أجريت من دون توتر.
وقال لافروف إنه طرح أمثلة محدّدة تدلّ على أن قوات «الدفاع الشعبي» تسعى إلى تنفيذ الاتفاقات الموقعة في مينسك، مشيراً إلى أن القوات الأوكرانية تحاول من جانبها إيجاد ذريعة لتأجيل تنفيذ اتفاقات مينسك، مضيفاً أنه لم يبحث مع كيري إمكانية فرض عقوبات جديدة على روسيا.
من جهة أخرى، أكد لافروف أنه لا يمكن تبرير ما يتعرّض له صحافيون روس في أوكرانيا، مشيراً إلى أن بعضهم ضحّوا بحياتهم أثناء القيام بعملهم في شرق أوكرانيا.
وكان الوزير الروسي عبّر عن القلق البالغ من الوضع في أوكرانيا حيث نشطت بشكلٍ حادّ قوى متطرفة بعضها يعمل علناً تحت شعارات نازية ودعوات التطهير العرقي.
وأوضح في كلمة ألقاها أمام الدورة الـ28 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف أمس، أن جرائم عديدة ارتكبت ضدّ المدنيين في جنوب شرق أوكرانيا بقيت من دون تحقيق، خصوصاً في ساحة ميدان وأوديسا ومدن أخرى.
ولفت رئيس الدبلوماسية الروسية إلى تنظيم هجوم شامل على حرية الكلمة في أوكرانيا وصلت إلى محاولة فرض حظر على مهنة الصحافة هناك، منتقداً في هذا السياق منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لاكتفائها بوصف إجراءات حظر وسائل الإعلام الروسية في أوكرانيا بـ»المفرطة».
ودعا لافروف قادة أوكرانيا إلى الابتعاد عن «فريق الحرب» والمتطرّفين الآخرين، والتوجّه نحو الطريق الموصل إلى السلام والوئام في المجتمع الأوكراني المتعدّد القوميات على أسس عامة مقبولة، لافتاً إلى أن الطريق إلى ذلك تفتحه الترتيبات المتكاملة التي تمّ الاتفاق عليها في مينسك في 12 شباط الماضي، والتي تبنّاها مجلس الأمن.
وشدّد على ضرورة ضمان تنفيذ هذا الاتفاق بشكلٍ كامل بما في ذلك إجراء إصلاحات دستورية «في إطارها يجب ضمان الحقوق القانونية ومصالح مواطني شرق أوكرانيا».
وأكد رئيس الدبلوماسية الروسية على وجود تقدّم كبير في تنفيذ الإجراءات المتكاملة التي تم الاتفاق عليها في مينسك، لافتاً إلى تعزيز وقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة تحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
وحذر كل من يتعامى عن ذلك ويطالب بزيادة إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا من المسؤولية الثقيلة عن تقويض التسوية السلمية هناك، مشدداً على أن الاهتمام يجب أن ينصبّ على إعطاء الأولوية القصوى للوضع الإنساني المتدهور في دونباس، لافتاً إلى ضرورة أن ترفع الحكومة الأوكرانية فوراً الحصار المفروض عملياً على المنطقة من أجل تأمين الحقوق الأساسية للسكان، وأن تعاد الصلات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية والمصرفية وحرية تنقل المواطنين بين دونباس ومناطق البلاد الأخرى، مضيفاً أن بنوداً بهذا الشأن تضمّنها اتفاق مينسك ولا يجب المماطلة في تنفيذها.
وكان لافروف اتّهم في وقت سابق الولايات المتحدة بزعزعة التوازن الاستراتيجي في العالم. وقال في مؤتمر نزع السلاح المنعقد في جنيف أن «هناك اليوم عدداً من العوامل التي تؤثر على التوازن الاستراتيجي، ومن بينها خطوات الولايات المتحدة وحلفائها أحادية الجانب التي أثرت بشكلٍ هدّام على الاستقرار الاستراتيجي»، مضيفاً أن هذه الخطوات تقوّض آفاق التوصّل إلى «الصفر النووي».
وتناول وزير الخارجية الروسي موضوع الأسلحة عالية الدقّة، مشيراً إلى أنها باتت تقترب من أسلحة الدمار الشامل من حيث قدراتها، وأن الدول الرائدة في مجال إنتاجها ستحقّق تفوقاً عسكرياً واضحاً، مما ينطوي على خطر الإخلال بالتوازن وزعزعة الاستقرار.
وأعرب لافروف عن قلقه من تأجيل سريان مفعول معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية، ودعا كل الدول النووية للتصديق عليها، مشيراً إلى أن روسيا قامت بذلك عام 2000.
وبخصوص الأسلحة النووية غير الاستراتيجية، أشار سيرغي لافروف إلى أن روسيا قلّصت ترسانتها من هذه الأسلحة بنسبة 75 في المئة، ونقلت كلها إلى القواعد داخل أراضيها. وأضاف أن روسيا قامت بهذه الخطوة غير المسبوقة في الوقت الذي لا يزال فيه السلاح الأميركي المماثل منتشراً في أوروبا، وهو قادر على إصابة الأراضي الروسية.
كذلك لفت لافروف إلى أن بعض الدول غير النووية من أعضاء حلف الأطلسي تشارك في مناورات نووية مشتركة، وتتدرب على استخدام السلاح النووي تنفيذاً لقرارات قمّة الحلف في وايلز العام الماضي، وذلك خرقاً للمادتين الأساسيتين من معاهدة حظر انتشار السلاح النووي.
وفي السياق، أعلنت بعثة المراقبة الخاصّة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أنها ليست قادرة على متابعة تحرّك الأسلحة الثقيلة في شرق أوكرانيا، وأن أطراف النزاع لا تقدّم المعلومات اللازمة بهذا الشأن.
وقال المتحدث باسم بعثة المراقبة مايكل بوتشوركيف: «ليست لدينا إمكانية لمتابعة تحرّكات الأسلحة الثقيلة كافّة بشكلٍ كامل. في بعض الأحيان لم يسمح لموظفي البعثة بزيارة مواقع تمركز الآليات العسكرية والمواقع النهائية لسحبها».
وأكد أن الموقف الرسمي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لم يتغيّر، مشيراً إلى أن المنظمة لا تزال تطالب أطراف النزاع بتقديم المعلومات الكاملة حول عملية سحب الأسلحة الثقيلة. وقال: «إن أياً من الأطراف المتنازعة لم يقدم هذه المعلومات إلى المنظمة الدولية، ما يعرقل عملها في شرق أوكرانيا».
وكانت قوات «الدفاع الشعبي» في «جمهورية دونيتسك الشعبية» المعلنة من جانب واحد في شرق أوكرانيا قد أعلنت أول من أمس أنها أنهت سحب الأسلحة الثقيلة من خطّ التماس مع القوات الأوكرانية في دونباس.
إلى ذلك، أعلنت الأمم المتحدة أن عدد القتلى منذ اندلاع النزاع في شرق أوكرانيا تجاوز 6 آلاف شخص، حيث أشار بيان صدر أمس عن المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان زيد رعد الحسين إلى أن نحو 14800 شخص أصيبوا بجروح في هذا النزاع، موضحاً أن مئات العسكريين والمدنيين لقوا مصرعهم خلال الأسابيع الأخيرة، خصوصاً في محيط مطار دونيتسك ومنطقة ديبالتسيفو.
من ناحية ثانية، جاء في البيان على أن «تقارير موثوق بها» تشير إلى استمرار تدفّق أسلحة ثقيلة ومسلحين من روسيا إلى شرق أوكرانيا منذ كانون الأول الماضي.
فيما نفت الحكومة الروسية أكثر من مرّة مشاركة عسكريين روس في القتال في أوكرانيا وكذلك تزويد قوات «الدفاع الشعبي» بالأسلحة الروسية.
وكانت مصادر الأمم المتحدة قالت في وقت سابق من الشهر الماضي إن عدد القتلى ارتفع إلى 5809 بسبب العثور على جثث أشخاص لم تكتشف من قبل.
وتشير المصادر الأممية إلى أن عدد الضحايا قابل للارتفاع وذلك لعدم التمكّن من الحصول على معلومات كافية في منطقة الصراع، وأوضحت أن الارتفاع في عدد الضحايا يعود إلى القصف العشوائي للمناطق المكتظة بالسكان، بالإضافة إلى تزايد استخدام الأسلحة الثقيلة والأنظمة الصاروخية.