لوقا زودو كاتباً قوميّاً وباحثاً في تاريخ الآشوريين والأكراد
لبيب ناصيف
الجميع يتابع هذه الأيام ما ترتكبه «داعش» من عمليات قتل وخطف وتهجير في حق الآشوريين من أبناء شعبنا. إنما قلة جداً تعلم أن بين الآشوريين رفقاء عديدين ومن أبرزهم الكاتب والباحث لوقا زودو.
في تاريخ سابق نشرت نبذة عنه، أعيد تعميمها تعريفاً بكاتب ورفيق مناضل كان له حضوره الجيد منذ أربعينات القرن الفائت حتى وافاه الأجل في الولايات المتحدة بتاريخ 20/06/1990.
دارس تاريخ نشوء الحزب السوري القومي الاجتماعي وانتشاره في الوطن السوري يدرك أن لا طائفة أو مذهب أو إثنية عرقية، على امتداد الوطن السوري، عصت فكر الحزب، ولم تشهد انتماء أبناء منها إليه. أثبت انتشار الحزب على امتداد الوطن السوري أنه الفكر الأصيل المؤهل للحياة فيها، لأنه أتى علاجاً لأمراضها وحلاً لمشاكلها وتناقضاتها. هو الفكر الموحد لجميع الطوائف والمذاهب والأعراق والإثنيات، خاصة أن التجارب والمحن والكوارث التي شهدها تاريخ أمتنا الحديث أثبتت أن من أول أهداف أعداء الأمة ضرب هذا الحزب وتفكيكه والحؤول دائماً دون تمكنه من تحقيق الانتصار.
الرفقاء الذين كانوا في بيروت في فترة الحصار فالاجتياح «الإسرائيلي» عام 1982، يذكرون ذلك الرفيق قصير القامة، حاد النظرات، حاملاً الغليون بين أنامله حيناً وشفتيه أحياناً، يرافقه مثل الكتاب والصحيفة، منتقلاً من مكان إلى أخر ومساهماً مع رفقائه في الاتصالات مع الصحافيين ورجال الإعلام الأجانب، شارحاً الوضع وموضحاً ومدافعاً عن موقف الحزب ومفنّداً مزاعم الصهاينة وأراجيفهم.
قبلهم، يذكر الرفقاء في كسروان ناظر الإذاعة فالمنفذ العام الرفيق لوقا زودو.
قبلهم أيضاً، يذكر الرفقاء الذين عملوا في مكتب الأمن «الأنباء» 1 الرجل المحنّك أمنياً، الذي لم تكن تخفى عليه شاردة أو واردة، يذكرنا بالمكتب المختص م.أ.م. الذي كان أنشأه سعاده في الثلاثينات ثم أعاد تفعيله إثر عودته من المغترب عام 1947، وكان يقوم بمهمّات ناجحة أشار إليها الأمين جبران جريج في مجلده «من الجعبة» إذ يورد في الجزء الرابع صفحة 260 ما كان كتبه سعاده في «سورية الجديدة» بتاريخ 11 آذار 1939.
عن المكتب الأعلى المختص الذي عرف باسم «مام» م. أ. م. تحدث أيضاً الامين ابراهيم يموت في كتابه «الحصاد المر» وفيه شرح لمهماته وما كان يقوم به في ثلاثينات القرن الماضي وأربعيناته.
في كتابه «أيام في الذاكرة» يقول الرفيق أنور فهد في الصفحة 94 الآتي: «بعد ذلك كلفت بالعمل في مكتب «الأنباء» الذي كان يديره الأمين كميل جدع، لقد كان هذا المكتب مثل خلية النحل إذ إن جميع عناصره تعمل بجد ونشاط، وتنفيذ ما يعهد إليهم، وإنني لا أنسى ديناميكية الرفيق لوقا زودو».
أما غيرهم، خارج الحزب، في العراق، في الشام، في لبنان، في المغتربات، فالأوساط المهتمة بتاريخ سورية تعرف جيداً الرفيق لوقا زودو الباحث في تاريخ الآشوريين والأكراد والنزعات العنصرية والذي ألّف كتباً في هذا الصدد وألقى محاضرات، وكان في آخر سني حياته مديراً لبرنامج تلفزيوني باللغة الآشورية في ولاية كاليفورنيا بعدما اضطرّته ظروف الحرب إلى المغادرة إلى الولايات المتحدة، حتى وافاه الأجل ودفن في مدينة فرسنو- كاليفورنيا، في 22/6/1990.
من هو الرفيق لوقا زودو ؟
في مقابلة له أجراها أحد الرفقاء في الولايات المتحدة يقول الرفيق لوقا:
«ولدت عام 1918 في عقرا – الموصل، تعرّفت إلى الحزب عندما كنت طالباً في الجامعة الأميركية في بيروت حيث تعرّفت إلى سعاده، وبتّ متأثراً بشخصيته الفذة. أبدى الزعيم اهتماماً بي نظراً إلى جرأتي
وأسئلتي المتواصلة فكلّف الرفيق فكتور حنا معروف أيضاً بفكتور أسعد بمتابعتي وكان ناموساً للزعيم. انتميت إلى الحزب عام 1937. بعد تخرجي من الجامعة بدأت التدريس في الشويفات، ثم تركت التدريس عام 1939 لألتحق بالصحافة، ثم عيّنت مذيعاً لمديرية رأس بيروت حيث درّبني الرفيق فيكتور حنا على الأمور الإدارية نظراً إلى حداثة انتمائي. بعدها عيّنت مديراً لمديرية رأس بيروت الأولى في فترة رئاسة نعمة ثابت».
وجواباً على سؤال عن البرنامج التلفزيوني الذي كان يقدمه الرفيق لوقا باللغة الآشورية لمدة نصف ساعة
أسبوعياً، يقول: «البرنامج منوّع ويذاع باللغة الآشورية نظراً إلى وسع وكبر الجالية الآشورية التي أنا موجود فيها. يتناول البرنامج أخبار المواطنين الآشوريين في الوطن، بالإضافة إلى أخبار الوطن
السوري، كما أني أركّز على مواضيع ثقافية وتاريخية، فأتحدث عن أصالة الآشوريين في الأمة السورية وتاريخهم المليء بالبطولات وغيرها، كما أتحدث عن مساهمة الآشوريين في بناء الحضارة السورية العريقة».
في كتابه «اتفاق الجزائر» الصادر في بيروت عام 1975 يقول عنه الأديب سعيد علي معرّفاً:
«… فما بلغ السنة الرابعة من عمره حتى يمّم لبنان فدرس في كل من مدرستي السريان الأرثوذكس
والطليان، ثم في الجامعة الأميركية. ثم توفر على دراسة التاريخ والجغرافيا فوسمته جامعة لندن شهادة
الدكتوراه الفخرية في ما تفرغ له من هذا العلم».
في مقدمة كتاب الرفيق لوقا زودو «المسألة الكردية والقوميات العنصرية في العراق» الصادر عام 1969 يقول الرفيق فكتور أسعد حنا:
« لا نعرف رجلاً عاش تاريخ تلك المنطقة يقصد شمال العراق اللاهبة يوماً يوماً وعرفها شبراً شبراً مثل الرفيق لوقا زودو وهو الكاتب الآشوري المعروف. فهو من أبناء «باروار» معقل البرازي المنيع في أعالي جبال الهيكاري، وهو فضلاً عن ذلك يتتبع منذ خمس وعشرين سنة كل حدث سياسي أو عسكري ذي علاقة ببلده، فيشاهد الأحداث من لبنان بغير العين التي يشاهدها بها المقيمون في المنطقة، ويسمع ويقرأ ما لا يسمعون ويقرأون، فيستطيع أن يفهم بإدراك بارد هادئ ما لم يكن يتاح له فهمه لو كان مقيماً في ساحة المعركة «.
من ناحيته، يقول الدكتور فرد Fred نجار آدم، مقدماً الرفيق لوقا قبل إلقاء محاضرة له في جامعة تورلوك كاليفورنيا بتاريخ 4 شباط 1989 أمام جمهور آشوري تابع لجمعية تطلق على نفسها اسم «حاملي الشهادات العليا»: «إن الدكتور لوقا زودو غني عن التعريف، فإلى جانب تحصيله العلمي من شهادات البكالوريوس
والماجستير والدكتوراه في حقل التاريخ والعلوم السياسية والقوميات الإثنية له عشرات المؤلفات باللغات
العربية، الفرنسية والآشورية، كما له ثلاثة مؤلفات جاهزة للطبع: «المسيحية الأممية والنصرانية اليهودية» و«ثلاث عشرة سنة في الولايات المتحدة الأميركانية «إسرائيل» الكبرى» باللغة الإنكليزية ، ولديه كتاب آخر جاهز للطبع تحت عنوان «هذه فلسفتي». أما مؤلفاته المطبوعة فهي ثمانية، بعضها باللغة الفرنسية، وثمانية بالعربية، وتسعة بالآشورية. ولقد عرفه قراء العربية منذ الستينات في كتابه المشهور «المسألة الكردية والقوميات العنصرية في العراق» وكان أطروحته التي نالت إعجاب الأساتذة في جامعتي لندن وشيكاغو. كما لي الشرف أن أبلغكم بانضمام الدكتور لوقا زودو إلى الأكاديمية الآشورية وهو عضو بارز في مجلس الإدارة
«Assyrian Accademy Board of director».
يفيد الرفيق سامي سعد 2 في حديث معه بتاريخ 09/10/2005 بأن الرفيق لوقا أصدر ملحقاً عن «البناء» باللغة الآرامية السريانية بين عامي 1957 و1958، وكان يوزعها في مناطق تواجد السريان من أبناء أمتنا. وكان الملحق يطبع في مطبعة «دار الفن» لصاحبيها الأمين أنيس فاخوري والرفيق الشاعر ميشال أبو شديد. وكان الرفيق سامي يعمل في المصيطبة. ويضيف أن قسماً من الملحق كان يطبع، أما القسم الآخر فبخط اليد. ويوضح الرفيق سامي أن الرفيق لوقا ترجم كتيب التعاليم السورية القومية الاجتماعية الى اللغة السريانية. وفي معلوماته عن الرفيق لوقا انه كان محامياً، وفي 1976 غادر الى قبرص وبعدما أمضى فيها شهرين توجه الى العراق حيث أصدر في بغداد صحيفة بالفرنسية إسمها Iraq Aujourrd hui، وفيها حصل على لجوء سياسي الى الولايات المتحدة.
زار الرفيق لوقا مدينة بوسطن مرتين وفي كلتيهما كان يستقر في منزل الرفيق سامي سعد وكان له الفضل في توضيح العقيدة لولديه الرفيقين غسان وداني.
توفى الرفيق لوقا زودو بعد مرض عضال أصاب الكريات البيضاء، ودفن في مدينة فرسنو كاليفورنيا في 20/6/1990، وكان يعد للطبع كتاباً له بالعربية حول الديانات السورية، وكان باشر ترجمة «كتيّب التعاليم السورية القومية الاجتماعية» إلى اللغة الآشورية.
كتبه ومؤلفاته
بالإضافة إلى ما ورد آنفاً، تفيد الرفيقة كارمن كيروز بأن والدها الرفيق لوقا أصدر الكتابين الآتيين:
«تاريخ الآشوريين» باللغة الآشورية.
«إقامتي في بلاد ما بين النهرين» باللغة الفرنسية.
وإلى كتبه «المسألة الكردية» و«اتفاق الجزائر» و«من هو قورش»، للرفيق لوقا الكتب والدراسات الآتية:
L Aigle Assyrien Assyro-Chaldeen-1935 Imp. Catholique-Beyrouth .
Le patriote Assyro-Chaldeen Pome Assyro-Chaldeen 1936 Imp. Assyrien National Guard, Chicago .
En l Honneur de Nos Martyrs Assyro-Chaldeen 1938 Imp. Athra Beyrouth .
L Exemple de Nos Anc tres Assyro-Chaldeen 1940 Imp. Athra Beyrouth .
Crimes et Atrocites Fran ais 1942 Imp. Le jour Beyrouth .
Droit des Assyriens sur L Assistance Allie Fran ais 1943 Imp. Jeanne d Arc Beyrouth .
Le Monde Apres l Ecrasement Germano-Faciste Fran ais 1944 Imp. Le jour Beyrouth .
وباللغة العربية :
«ملحق النهار»: «الأكراد والمسألة الكردية».
جريدة «الصفاء» البيروتية دراسة وتحقيق.
الأقليات في العراق.
اليزيدية، الصابئة.
نشاط المرأة الآشورية في لبنان.
الكتب المعدّة للطبع:
كلّنا مسلمون…
الوطن ملك للجميع وكلّنا مسؤولون عن حمايته والدفاع عنه.
للطبع باللغة الآشورية الكلدانية :
– «جلجامش».
– خفايا وملابسات المسألة الكردية.
وباللغة الفرنسية:
Mon Sejour Aux Etats Unis d Amerique 1968 .
بطاقة هوية:
والده: فاسيل بالآشورية خوشابا .
والدته : آنا.
اقترن من السيدة خانم مالك خليل جوارو عقيلته متحدرة من ملوك الآشوريين، ولذا كانت عبارة مالك قبل الاسم خليل جوارو .
أشقاؤه : جان واسكندر وإدغار.
شقيقتاه : سوزانا وتمارا.
رزق بثلاث بنات وصبي، الرفيقة كارمن التي اقترنت من الأمين الشهيد حبيب كيروز وسويتا ومرسال عقيلة أنطون قزيلي وسرجون.
سجن في العراق بسبب نشاطه الحزبي مرتين، الأولى عندما كان عازباً وبقي ست سنوات وستة أشهر، والثانية عام 1956 بعد زواجه، كما سجن في بيروت عام 1962 إثر الثورة الانقلابية.
عيّن ناظراً للإذاعة ثم منفذاً عاماً لمنفذية كسروان العام 1973-1974.
غادر إلى الولايات المتحدة عام 1975 ثم عاد منها مطلع الثمانينات، ثم عاد وغادر إليها مجدداً وبقي فيها حتى وفاته في 20/6/1990.
أشياؤه الحزبية وكتاباته في الولايات المتحدة بقيت في حوزة سكرتيرته الرفيقة ليندا سرجون.
تقول منفذية الولايات المتحدة في تقرير لها بتاريخ 12/12/1990: «إن حضرة المنفذ العام كان يتولى المنفذية الرفيق الدكتور صفا رفقة زار الرفيق لوقا زودو قبل وفاته بثلاثة أيام. « توفى الرفيق لوقا وبيده كتيّب «التعاليم السورية القومية الاجتماعية». لقد آثر وهو على فراش الموت أن تكون آخر نظراته منصبة على كتاب التعاليم وأن يكون فكره، وهو يغادر الدنيا، مشدوداً إلى القضية التي آمن بها بشكل مطلق «.
هوامش
1 – نشط في خمسينات القرن الماضي، في فترة تولي المقدم الشهيد الرفيق غسان جديد عمدة الدفاع، ومن ابرز أعضائه الرفيق توفيق الجمل من دير ميماس والرفيق زهير طوقة من الجنوب السوري.
2 – من الأشرفية، غادر الى بوسطن وما زال مقيماً فيها. عمل في مجال الطباعة الى جانب الأمين أنيس فاخوري.
رئيس لجنة تاريخ الحزب