اتفاق النفاق بين أميركا وتركيا
جاك خزمو
يؤكد الاتفاق الأميركي التركي لتدريب ما يسمى بـ «المعارضة السورية المعتدلة» لمواجهة تنظيم «داعش» أنّ الأميركيين لا يراهنون على التصدي للتنظيم ومواجهته عبر القصف الجوي، لذلك فهم في حاجة إلى خمسة آلاف مقاتل من المرتزقة لمساعدتهم على ذلك، وهذا يعكس في الوقت نفسه أنهم يخدعون أنفسهم. وإذا كانت الغارات الجوية لم تستطع أن تحدّ من خطر «داعش»، فهل سيتمكن هؤلاء المرتزقة من التصدي لهذا التنظيم الإرهابي الخطير الذي هو أساساً صناعة أميركية صرفة؟
والمضحك في الموضوع، أنّ تدريب هؤلاء «المعارضين المرتزقة» سيتم في تركيا المتعاونة مع تنظيم «داعش»، والتي توفر العلاج المجاني لعناصره، وعملية نقل القبر الفارغ «لسليمان شاه» هي خير دليل على هذا التعاون.
إنّ الهدف من هذا الاتفاق، ليس التصدي لتنظيم «داعش» وبقية المجموعات والتنظيمات الإرهابية المشاركة في المؤامرة على الشعب السوري، بل تعزيز هذه القوى الظلامية المضللة لمواصلة تدمير سورية، وخاصة بعد أن ظهر جلياً للجميع أنّ الجيش السوري يحرز تقدماً ميدانياً ويسحق هذه المجموعات الإرهابية في مناطق عديدة وخاصة في الجنوب السوري. وما يثبت ذلك أنّ المئات من العناصر الإرهابية، مع ضباط أتراك، عبروا الحدود التركية السورية قرب حلب مؤخراً من أجل دعم التنظيمات الإرهابية في مواجهة الشرعية السورية التي بدأت بالفعل تسيطر وتهيمن على عدة مناطق في محافظة حلب.
إنّ هذا الاتفاق هو أيضاً سابقة دولية خطيرة، إذ أنّ السكوت عليه وتطبيقه يعني أنّ من حقّ أي دولة في العالم أن تدرّب وتسلح المعارضة في أي بلد معاد لها، أي أنّ القوانين الدولية تمّ الدوس عليها، وهذا يبرّر مستقبلاً أن يتم تسليح أي معارضة في دول الاتحاد الأوروبي أو العالم للدفاع عن نفسها، ولمواجهة ظلم وقهر الدولة لها! أي أنّ ذلك يقود إلى «حكم الغاب» في العالم، ليغيب عنه بالتالي حكم الشرعية الدولية!
إنّ الإعلان عن هذا الاتفاق أكد مجدّداً أنّ هناك مؤامرة على سورية، وهي مؤامرة دولية، وأنّ تركيا لم تكن صديقة لسورية بل كانت عدواً لدوداً لها، تشارك في المؤامرة وبصورة واضحة ضدّها. ويثبت الاتفاق أنّ الحرب على «داعش» تهدف إلى «تلميع» صورة التنظيم، وما رفع راية التصدي له سوى «شماعة» من أجل تبرير التدخل في سورية، ومواصلة تدميرها.
وإذا كانت أميركا وحلفاؤها ودول العالم معنيين حقاً وحقيقة في التصدي لتنظيم «داعش» وإخوانه من التنظيمات الإرهابية الأخرى، فعليهم جميعاً مؤازرة الجيش السوري في عملياته النوعية والبطولية من أجل سحق هذه التنظيمات الإرهابية، فالجيش ليس في حاجة إلى «معارضة مرتزقة» مرتمية في أحضان الغرب لتقاتل «داعش»، بينما هي على أرض الواقع تؤازر التنظيم الإرهابي وتدعمه للصمود أكثر وأكثر حتى يبقى النزيف مستمراً في سورية وفي شمال العراق، علماً أنّ الجيش السوري ليس في حاجة إلى هكذا دعم، لأنه قادر على المواجهة، وكلّ ما يهمّه أن تسقط المؤامرة على سورية، وأن «يكفوا شرهم» عن أرض كانت وما زالت، وستبقى، مهد الحضارات والديانات للعالم كله.
بوركت الأيادي التي تواجه الإرهاب في سورية وفي المنطقة، ولعن الله كلّ الذين تلطخت أياديهم بدماء عربية زكية طاهرة… والنصر آتٍ لا محالة على الإرهاب مهما كانت الصعاب والمؤامرات والاتفاقات المنافقة بين حكومات دول لا تريد إلا الفوضى للمنطقة ولكلّ أنحاء العالم.
رئيس تحرير مجلة البيادر ـ القدس المحتلة