نتنياهو لأوباما: مقايضة «لا حرب» بـ«لا اتفاق»… والجواب… لم أستمع
كتب المحرر السياسي:
فيما كان البيت الأبيض يعلن أنّ الرئيس الأميركي باراك أوباما لم يستمع إلى خطاب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس، وكان نتنياهو يعلن للمرة الأولى أنّ البديل الذي يقترحه للاتفاق مع إيران ليس الحرب، كانت واشنطن تعلن عبر وزارة خارجيتها أنها لن تنقل سفارتها في اليمن إلى عدن، وهو ما كانت قد توجهت به كطلب رسمي، القيادة السعودية نحو كلّ حلفائها في سياق الحرب التي تخوضها ضدّ الثوار في صنعاء، ليخرج مجلس الأمن فجراً ببيان رئاسي يؤكد على الحوار كحلّ وحيد للأزمة اليمنية.
افترقت واشنطن عن تل أبيب والرياض، فيما تمايزت طهران عن واشنطن في حربها على الإرهاب، فقرّرت بالتشارك مع الجيش العراقي ووحدات الدعم الشعبي والعشائر خوض حرب تحرير تكريت، في الطريق إلى الموصل، من دون تنسيق أو شراكة مع التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن.
الحدث بقيت تردّداته في واشنطن، فقد وقف نتنياهو أمام الكونغرس، وللمرة الأولى تكون مقاطعة لخمسين من شخصيات الكونغرس لرئيس حكومة «تل أبيب» في مناسبة أميركية، وهي مقاطعة لا تحجبها موجات التصفيق وقوفاً التي قاطع بها النواب الحاضرون خطاب نتنياهو.
كرّر نتنياهو تحذيره من الاتفاق مع إيران، عارضاً عملياً، بديلاً هو الانتظار، الذي جرّبته واشنطن طويلاً، ولم يترتب عليه سوى العودة إلى التفاوض بشروط أسوأ، بينما تكون إيران قد حسّنت وضعها الإقليمي من جهة، وفرضت أمراً واقعاً نووياً جديداً من جهة أخرى، جديد نتنياهو كان ما قدّمه من دعوة إلى مقايضة ضمنية مع إدارة أوباما، مضمونها، تصرفون النظر عن الاتفاق ونصرف النظر عن الحرب، وهي مقايضة سارع أوباما إلى التقليل من قيمتها، باعتباره أنّ الخطاب لم يحمل جديداً ولا قدّم بديلاً، لأنّ خيار الحرب الذي أسقطه نتنياهو أمام الكونغرس، سبق وسقط من يده مراراً، خصوصاً عندما حرّره أوباما من انتظار ضوء أخضر أميركي للحرب على إيران، إذا كان قادراً ومصلحة «إسرائيل» تقتضي ذلك، ولم يجرؤ على خوضها، وسقط خيار الحرب بالأخصّ بالفشل «الإسرائيلي» المتكرّر في الحروب على حلف المقاومة، بحلقاته الأقلّ خطراً من تداعيات حرب مع إيران، وآخر السقوط كان في عملية مزارع شبعا، التي قال أوباما يومها عنها لنتنياهو أنها ضربة موجعة لكنها لا تستحق حرباً، في رسالة ضمنية لنتنياهو مضمونها لستم أهلاً لهذه الحرب فتجنّبوها.
الواضح أنّ التوتر المخيّم على علاقة واشنطن و«تل أبيب» سيكون حاضراً في كلّ من الانتخابات الأميركية و«الإسرائيلية»، والواضح أنّ كلاً من نتنياهو وأوباما وصلا إلى الحائط المسدود في علاقتهما، وصار فوز كلّ منهما، بمعركته رهناً بإسقاط المشروع الانتخابي للآخر.
في لبنان الذي تابع عاصفة نتنياهو، وينتظر المزيد من عواصف الأمطار، سلكت الحكومة طريق العودة إلى الانعقاد، بعد الفشل في مغامرة الآلية الجديدة، وصار التراضي بديلاً للتوافق، ودائماً على قاعدة مداواة الحاضر بالحاضر، وتحاشي الخوض في نصوص الدستور، وفي محاذير الظهور بمظهر من طابت له الإقامة في مقام رئيس الجمهورية، وتجنّب صورة الساعي إلى ترتيب بيته الموقت كأنه دائم وليس مجرّد استضافة ظرفية زائلة.
من جديد حوار عين التينة بين حزب الله وتيار المستقبل، مقاربة مبادئ الاستحقاق الرئاسي، ما أكده حزب الله عبر مطالعة طاولت منصبي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، مضمونها أنّ وهم الرئاسة الوسطية يعني اللااستقرار في بلد مكوّن على توافق الطوائف وتراضيها، وتنظيم مشاركتها في السلطة كطوائف وفقاً لما يسمّيه الدستور في مقدّمته ميثاق العيش المشترك، فسلطة لا تناقض ميثاق العيش المشترك، هي السلطة التي لا تعيش مكوّناتها الرئيسية حال الإحباط الطائفي، وتنظر فيه كلّ طائفة إلى شركائها في الوطن، بعين الريبة، لأنهم يستولدون بتوافقهم من يمثلها في السلطة ومراكزها العليا وخصوصاً الرئاسات، وحزب الله الذي اختبر فرضية الرئاسات الوسطية في منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وبمعزل عن الشقّ المتصل باللقاء والخلاف مع المعنيين في هذه التجربة، يستطيع القول بأمانة، إنّ الإحباط في طائفتي الرئاستين كان النتيجة الأولى لكلّ من التجربتين.
يعاود مجلس الوزراء جلساته يوم غد الخميس في السراي الحكومية بعد اتفاق المكونات الحكومية على آلية العمل الجديدة.
وتقوم هذه الآلية على أن اعتراض مكون في الحكومة على المراسيم لا يمنع اتخاذ القرار في مجلس الوزراء ولا يعطل عمله. وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء إلى «أن جلسة الغد ستبدأ بمطالعة لرئيس الحكومة يتحدث خلالها عن الاتصالات التي أجراها من أجل عودة مجلس الوزراء إلى مزاولة اجتماعاته، وتأكيده مجدداً ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة التوازن إلى المؤسسات الدستورية». وأشارت المصادر إلى «أن الآلية الجديدة تستثني القضايا الميثاقية والوطنية التي لن يتم البحث فيها، وسيقتصر الأمر على الأمور العادية المتعلقة بتسيير شؤون المواطنين». وشددت المصادر لـ«البناء» على «أن رئيس الحكومة لا يمكن أن يتكيف مع التعطيل الدستوري، ولا يمكن في الوقت عينه أن يتكيف مع تعطيل مجلس الوزراء نتيجة المناكفات السياسية بين الوزراء».
وكان سلام أعلن في بيان أمس أنه بعد التواصل مع جميع القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وانطلاقاً من القناعة بأن الأزمة السياسية الراهنة، تلقي على عاتق الجميع مسؤولية صون الوضع الحكومي الراهن وتعزيز تماسكه للحؤول دون تعريض المناعة الوطنية للخطر، وإدراكاً لأهمية التعامل مع الملفات الحيوية، ولضرورة تسيير شؤون البلاد الملحة، بروحية التوافق التي تم اعتمادها في مقاربة جميع الملفات، خصوصاً منذ بدء مرحلة الشغور الرئاسي الاستثنائية، فإنني أعتبر أن واجبي الوطني والثقة التي أولاني إياها نواب الأمة، يحتمان علي كما على جميع مكونات حكومة المصلحة الوطنية، إعطاء الأولوية القصوى في المرحلة الراهنة، لتسيير عجلة الدولة بفاعلية وسلاسة». وأمل «أن تشكل النيات الطيبة التي عبر عنها جميع الفرقاء، فرصة جديدة ومثمرة للعمل الحكومي».
من جهته، أكد وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب أنه لا يمكن أن يسير مجلس الوزراء بأعماله وكأن رئيس الجمهورية موجود، مشيراً إلى أن الاتفاق على آلية جديدة ليس بمكانه. وشدد بو صعب، بعد اجتماع تكتل التغيير والإصلاح الأسبوعي، على أن هذه الحكومة هي حكومة الضرورة لذا يجب التعاون مع الأفرقاء كافة، مشيراً إلى أن ما يقوله الرئيس سلام عن التوافق أمر ضروري ولكن من دون التعطيل.
في غضون ذلك أكدت مصادر المتحاورين في عين التينة لـ«البناء» أن وفدي حزب الله وتيار المستقبل اتفقا على مقاربة الملف الرئاسي في المبادئ والعناوين من دون الدخول في الأسماء». وأشار الوفدان إلى «أن الوضع يتطلب جدية في النقاش حول الملف الرئاسي». ولفتت المصادر إلى «أن تيار المستقبل لم يطرح أي أمر يشكل نوعاً من الاستفزاز لحزب الله أو يعكر أجواء الحوار».
وشدد الطرفان بحسب المصادر على ضرورة دعم الجيش، واعتبر حزب الله «أن دعم الجيش لا يكون لفظياً، إنما يتعين أن يقدم للجيش ما يجعله قوياً، فدعمه يجب أن يكون فعلياً. أما تيار المستقبل فاكتفى بالإشارة إلى المساعدات التي يشرف عليها الرئيس سعد الحريري والتي ستصل قريباً».
لا أسماء في حوار عين التينة
وتوقفت مصادر مطلعة عند تجنب لقاء عين التينة الدخول في لعبة الأسماء في الاستحقاق الرئاسي وقالت لـ«البناء»: «يبدو أن هناك توافقاً وقناعة عند الطرفين بعدم الدخول في الأسماء لكونهما لن يتوصلا إلى أي نتيجة، فكلا الطرفين حسم أمره بالنسبة إلى الأسماء».
في حين أن كتلة المستقبل استغربت أمس في اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة «الكلام الذي صدر عن رئيس المجلس السياسي لحزب الله، السيد إبراهيم أمين السيد، إثر زيارته على رأس وفد من الحزب حزب الطاشناق، والذي قال فيه: «المكان الجدي للبحث في موضوع الرئاسة هو التفاهم مع الجنرال ميشال عون والذهاب إلى المجلس النيابي… وعدم التفاهم معه هو تعطيل للأخلاق عندنا ونحن لا نعطل أخلاقنا». ورأت الكتلة أن «هذا الكلام يظهر في شكل واضح، من يعطل انتخاب رئيس جديد للجمهورية ويبقي على حالة الشغور الرئاسي في البلاد وبالتالي يدفع بالبلاد إلى أن تكون في وضعية الرهينة حتى إيصال مرشح بعينه لرئاسة الجمهورية ومن دون احترام للآلية الديمقراطية لانتخاب الرئيس».
لقاء مسيحي في الرابية
في غضون ذلك، رأت مصادر مطلعة لـ«البناء» «أن الوضع السياسي المسيحي ليس بحجم الأخطار التي تتهدد المسيحيين في لبنان والمشرق، وهذا ينذر بمخاطر كبيرة ليس على الوضع المسيحي إنما على التركيبة اللبنانية برمتها». وسألت المصادر: «هل أن الذي يخطط للفيديرالية في لبنان يتخذ من الوضع المسيحي في الشكل الذي يسير فيه الآن مدخلاً لتحقيق هذه الفيديرالية»؟ وتقول المصادر: «إن هذا التصور القاتم بات يشكل هاجساً كبيراً عند عون الذي يجدد التأكيد أمام زواره على ضرورة التركيز والعمل على بقاء الجمهورية قبل الرئيس».
وفي السياق، أكد العماد عون خلال اللقاء المسيحي الموسع الذي عقد في الرابية للبحث في أوضاع المسيحيين في المشرق «أن ضرب المسيحيين ممنهج والمأساة تتكرر». وقال: «نستصرخ الضمير العالمي لوقف هذه الهمجية، وليقدم المساعدة للوصول إلى حل حقيقي لهذه الأزمة ودعم الحلول التي تؤمن للمسيحيين ولسائر المكونات الأخرى للمشرق، الركائز التي تبقيهم في أرضهم، فعلى الضمير العالمي ألا يترك المشرق مرة أخرى، وألا يعيد مجزرة الأرمن وتهجير المشرقيين بالتجويع والخوف والقتل».
ولفت عون إلى «أننا لا نبحث عن لجوء في الغرب ولا نطلب من أحد أن يبحث لنا عن ملاجئ في أوروبا وأميركا، وإذا كان هناك من هجرة فيجب أن تكون طوعية، وليس هجرة قسرية لأشخاص مطرودين من أرضهم، يستقبلون كلاجئين ويستجدون العالم».
الجيش يوسع استهدافه للمسلحين
أمنياً، واصل الجيش دك مواقع المسلحين في جرود عرسال ورأس بعلبك موقعاً في صفوفهم خسائر فادحة، في حين طغت جريمة قتل بدر عيد شقيق النائب السابق علي عيد على الاهتمام السياسي والأمني والشعبي. وصدرت مواقف شجبت الجريمة معتبرة أنها تندرج في مخطط الفتنة التي يسعى إليها بعض الأطراف.