الفراعنة عرفوا الرومانسيّة وكانوا أكثر عشقاً في فصل الربيع

تفيد دراسة تاريخية لمركز ايزيس للبحوث والدراسات في مدينة الأقصر بأن قدماء المصريين عرفوا الرومانسية وإهداء الورود للمحبوب، وأن الأقصر كانت تشهد عبر العصور الفرعونية الكثير من طقوس العشق والحب في فصل الربيع، إذ كان أهل الأقصر من قدماء المصريين أقدر عن التعبير عن العشق والحب في موسم شم النسيم الذي كان مناسبة لإقامة احتفالات كبيرة في مصر الفرعونية. وتشير الدراسة التي أعدتها الباحثات نجلاء عبد العال الصادق ومنى فتحي وهويدا على وأشرفت عليها شيرين النجار مديرة المركز إلى أن فصل الربيع كان يعرف بفصل الحب أو فصل العشاق، وأن المصري القديم احتفى بمحبوبته وعشيقته وزوجته، وكان يعبر عن عواطفه تجاهها في احتفالية يطلق عليها «الوليمة»، وأن مقابر الجيزة وسقارة ومقابر النبلاء غرب الأقصر حوت عشرات اللوحات التي تصور احتفاء المصري القديم بمحبوبته وتقديمه الزهور إلى زوجته ومعشوقته، وأن الفراعنة اعتمدوا على التصوير في التعبير عما يكنونه من مشاعر دفينة قد لا يستطيعون التعبير عنها في نصوصهم، فضلاً عن وجود عشرات قطع الاوستراكا وقطع الفخار التي سجل عليها المصري القديم مشاعر حبه ولوعته مثل قول أحدهم واصفاً معشوقته في إحدى المخطوطات القديمة: «إنها الفريدة المحبوبة التي لا نظير لها، أجمل جميلات العالم، انظر إليها كمثل النجمة المتألقة في العام الجديد على مشارف عام طيب. تلك التي تتألق وتبرق بشرتها بريقاً رقيقاً، ولها عينان ذاتا نظرة صافية وشفتان ذاتا نطق رقيق، ولا تخرج من فمها أبدا أي كلمة تافهة. هي ذات العنق الطويل والصدر المتألق، شعرها ذو لون لامع، وذراعاها تفوقان تألق الذهب، وأصابعها تشبهان كؤوس زهرة اللوتس. إنها ذات خصر نحيل، وتشهد ساقها على جمالها، وهي ذات مشية متسمة بالنبل عندما تضع قدميها على الأرض».

تقول شيرين النجار، مديرة مركز إيزيس للبحوث والدراسات، إن الدراسة أوضحت أن قدماء المصريين كانوا يتمتعون بعواطف جياشة ومشاعر عاطفية نبيلة، وكانت احتفالاتهم ترتبط بالظواهر الفلكية، وعلاقتها بالطبيعة، ومظاهر الحياة وكان للاحتفالات دور مهم في حياتهم فكانت في كل العصور أعياد جديدة تضاف، وكانت الأعياد مناسبة لديهم لإقامة أفراح عظيمة تغني فيها أناشيد جماعية تنشدها السيدات النبيلات المشتركات في المواكب مع أصوات القيثارات وأغاني الغرام والأناشيد المرافقة لحركات الرقص. ويؤدي فيها المهرّجون والمغنون والراقصون فنونهم، كما كانت تقام في هذه الأعياد العروض المسرحية .

وكما يهدي المحبون والعشاق الورود والزهور لمن يحبون ويعشقون، فالمصريون القدماء اهتموا بالزهور وقدموها تعبيراً عن عشقهم وحبهم. وتشير النجار إلى أنه كانت للزهور مكانة كبيرة في نفوس المصريين إذ كانت زهرة اللوتس رمز البلاد، وكان يقدمها المحبوب لمحبوبته.

تزخر مقابر مدينة الأقصر بالصور المرسومة على جدرانها لصاحب المقبرة وهو يشق طريقه في قارب وسط المياه المتلألة، بينما تمد ابنته يدها لتقطف زهرة لوتس. وكانت أعواد اللوتس تقدم ملفوفة حول باقات مشكلة من نبات البردي ونباتات أخرى مثلما تشكل باقات الورود اليوم. كما ترى أعمدة المعابد الفرعونية مزخرفة في طراز «لوتسي» يحاكي باقات براعم الزهور. وصوّر المصريون أنفسهم على جدران مقابرهم ومعابدهم وهم يشمون الأزهار في خشوع يرجع بعضه إلى الفرحة ويوحي سحر الزهور لديهم. وحظيت زهرة اللوتس بمكانة كبيرة لدى قدماء المصريين فكانوا يطلقون عليها اسم الجميل. وكان المصري يمضي أكثر الأوقات بهجة في فصل الربيع، وكانوا في ذلك الفصل يحرصون على ارتداء الملابس الشفافة ويهتمون بتصفيف شعورهم ويزيدون من استخدام العطور والأدهنة لإظهار مفاتنهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى