لماذا انهارت «الثورة» وانتصر الأسد…
سعد الله الخليل
في لقائه مع التلفزيون البرتغالي فنّد الرئيس بشار الأسد مقومات الشرعية الجماهيرية كركيزة أساسية بنت عليها سورية قاعدة صمودها خلال السنوات الأربع الماضية، وانطلق الأسد من الثوابت الغربية غير القابلة للجدل أو النقاش في إظهار حقيقة الواقع السوري ليبرهن حجم الكذب والتهويل والحرب التي خاضها الغرب وأدواته ضدّ سورية.
وفق حسابات الغرب الذي أمّن كلّ مقومات تصنيع الثورات لاستكمال النسخة السورية من سلسلة «ثورات الربيع العربي» فحضّر القاعدة المادية اللازمة من مال وإعلام بإشراف خليجي مباشر، وهيأ الأرضية البشرية بتصنيع الناشطين الإنسانيين والسياسيين تارة، ومؤسسات المجتمع المدني تارة أخرى، وهي عملية أخذت منه سنوات قبل اندلاع الأزمة السورية عبر دورات ممنهجة في مؤسسات متخصّصة في واشنطن وعواصم القرار، أشرف عليها من يعتبرون اليوم رموزاً في المعارضة السورية في اسطنبول والقاهرة، كانوا يعملون تحت يافطة منظمات حقوق الإنسان والمرأة وغيرها من الأغطية الإنسانية، التي تحميها مواقف سياسية أوروبية وأميركية حريصة على خيارات الشعوب، وتعمل لخير البشرية والسلام العالمين، سياسات لم تجد حرجاً من تقديم السلاح والتدريب في العلن حين اقتضت الحاجة نظرياً، وبدا من الصعب في مكان الاستمرار في كذبة الثورة السلمية على الأرض السورية، كون توزيع السلاح عملياً سبق انطلاق شرارة «الثورة» المزعومة ومستودعات الجامع العمري في درعا ومخازن السلاح والمشفى الميداني في جنباته شاهدة على ذلك.
نجحت «الثورة» المزعومة في إعداد قاعدة العمل، لكنها فشلت في انتزاع المشروعية الشعبية، فبعد انكشاف حجم كذبة الغرب، أدرك أبناء سورية أنّ ما شاهدوه على قنوات «الجزيرة» و«العربية» وغيرها لم يكن إلا جزءاً مصنّعاً من الواقع بدقة بالغة، وأنّ شعارات الرأي والمصداقية والانحياز إلى الشعوب ليست سوى عدة الشغل والنصب والارتهان للمشروع، ومع سقوط الأدوات سقطت الحوامل وكشفت الممارسات اليومية لشخصيات طالما لبست ثوب العفاف والطهارة حجم الانغماس في العمالة والارتهان والمتاجرة في الدم والإنسان السوري، في بازارات المال والسياسة من مؤتمرات ومنتديات وصفقات، فاق حجم الفساد فيها أضعاف الفساد في السلطة التي «ثار أبطالها» ضدّها، وكشفت معاناة السوريين في المخيمات والمتاجرة بهم في أسواق النخاسة الخليجية حجم السقوط الأخلاقي لمشروع المعارضة في الشارع السوري، بعد أن ارتكبت خلال أربع سنوات وقبل أن تطأ قدمها وحل السلطة وتدخل نعيمها المنتظر لعقود، كل الموبقات التي لطالما اتهمت السلطة بها.
في الحوار مع التلفزيون البرتغالي قال الرئيس الأسد إنّ النجاح كان حليفه بعد أربع سنوات من الحرب على رغم تكتل الغرب ودول الخليج والمال والسلاح، لأنه يحظى بدعم شعبه، وتساءل: كيف لديكتاتور يقتل شعبه ويقمع شعبه أن يحظى بدعم الشعب نفسه، معادلة الشعب والقيادة وحدها التي عجزت آلة الحرب على كسرها، ولذلك أصرّت منذ اليوم الأول للحرب على سورية على تحميل الرئيس الأسد المسؤولية، وتسمية الجيش السوري بـ«قوات الأسد»، وحتى حين حاولوا إطلاق المبادرات السياسية كانت الوصفة اليمنية الداعية لتنازل الرئيس عن منصب الرئاسة لإدراكهم بأنّ كسر سورية ونصرها عنوانه شخص الرئيس الأسد.
حول شخص الرئيس الأسد اجتمعت كلّ عوامل النجاح ومواجهة الحرب، فحول الأسد اجتمع الجيش والشعب، ما منح الحلفاء ورقة رابحة راهنت عليها وكسبت الرهان، ومع الأسد انطلقت من الدفاع إلى الهجوم فكان لها ما أرادت، ومع الأسد أزاحت خرائط رُسمت منذ عقود ورَسمت خرائط نصرها من جديد، وكتبت لشراكات مستقبلية قائمة على تعاون وتحالف لا على عمالة النموذج الأميركي الخليجي، تعاون غير مستبعد أليس المثل العربي يقول للمنتصر حصة الأسد.
بعد أربع سنوات من الحرب انتصرت سورية بدعم الشعب للرئيس الأسد وانكسرت وانهارت الثورة لانكشاف سقوط أخلاق أصحابها وبات على كتاب الثورات كتابة فصل جديد عنوانه نصر ثورة الأسد.
«توب نيوز»