سقوط «النصرة» وكلام كيري العسكري

لم يكن خافياً هدف زيارة وزير الخارجية الأميركي إلى السعودية، واتصاله بكون المفاوضات الأميركية مع إيران قد دخلت مرحلة من التقدّم نحو الإنجاز للاتفاق المنشود، إنْ لم يكن الإنجاز قد تحقق، وإلا فما مبرّر الزيارة، إنْ كانت المفاوضات تتعقّد أو تراوح مكانها، وتوحي بالفشل والحاجة إلى التحضير لما بعد الفشل، فهذا خبر طيّب بالنسبة إلى السعوديين يستحق ان يقوم الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز على رأس وفد كبير من قيادة المملكة، للترحيب بالفشل والاطمئنان إلى أنّ واشنطن لا تزال في خندق الرعاية، للمواجهات، ولو بدون أمل تحقيق انتصارات، فعلى الأقلّ ليس هناك إحباط الشعور بالهزيمة، والانفراد بالخيبة والخروج من الحلبة، كفريق يجب أن يبحث عن فتات الموائد بعدما كان اللاعب الأهمّ في المنطقة، ليخلي اليوم مكانه لللاعب الجديد المدجّج بعناصر القوة ومعها الاعتراف بشرعية الدور.

الخبر إذن ليس فشل المفاوضات، وإلا لاستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، وصاغ معادلات المواجهة التي تتمناها «إسرائيل»، من دون التورّط في معركة لا مبرّر لها، كلّ طلب نتنياهو، التمهّل في الاتفاق، وتأجيله، فكيف إذا كان الفشل في المفاوضات هو الخبر؟

لو كانت المفاوضات تراوح مكانها أو تتعقد، لكان الموقف «الإسرائيلي» الأميركي واحدا، والموقف السعودي الأميركي لا يحتاج تعهّدات بحفظ أمن الخليج، وطمأنة حكامه أن لا شيء سيتمّ على حسابهم.

إذن لا لزوم للغرق في أكاذيب كيري التي يرغب السعوديون في تصديقها، عن فرضيات ما بعد الاتفاق الذي قد لا يتمّ من باب الاحتياط، فكلّ شيء يؤكد أنّ الاتفاق في طريق الإنجاز إنْ لم يكن قد أنجز.

باع كيري للسعوديين كذبتين، الأولى عن مراقبة إيران بعد الاتفاق كي لا «تعتدي» على دول الخليج، وهو يعلم أنّ إيران ستتصرف كزعيم للخليج وليس كشرطي، وتحدث عن ضمان أمن الخليج غير المهدّد في زمن الخلاف الأميركي الإيراني رغم تسليم حكام الخليج بلادهم للأميركيين، فكيف يكون مهدّداً عند اتفاق أميركا وإيران؟

الكذبة التي كان ينتظرها السعوديون، هي التفكير بربما قد يحتاج الوضع في سورية إلى الضغط العسكري، وربما وقد والتفكير، كافية ليفهم من به صمم وعمى أنه كلام بلا قيمة، كيف وانّ كلّ شيء قد اختبر، في الضغط العسكري، الأميركي جاء بأساطيله، والإسرائيلي حاول تمديد مفاعيل ردعه ورسم قواعد اشتباك جديدة، والتركي هدّد بالتدخل مراراً، والنتيجة انسحبت الأساطيل وبعد مزارع شبعا انردعت «إسرائيل»، وبعد سقوط الطائرة صارت تركيا تتفادى المواجهة وتعمل من تحت الطاولة، وأما الضغط بـ«القاعدة» ومتفرّعاتها، فقد ارتد على من استجلب من أسماهم وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس بـ«مجاهدي الحرية»، و«الجيش الحر» وسائر مفردات ما سُمّي بـ«المعارضة المعتدلة» قد انهار، ومن لم يتكفله الجيش السوري تكفلته «النصرة» و«داعش».

بقي الرهان على «جبهة النصرة»، وما نشر عن تفاهم تركي سعودي قطري، على فصلها عن «القاعدة»، وما بدا من تفاهم هذا المثلث، حتى بدت السعودية تسفه مصر في خلافها مع قطر حول ليبيا كرمى لمشروع تبييض «النصرة»، وظهر وليد جنبلاط وكيل آل سعود يسوّق «النصرة» بالتوازي مع موشي يعالون وزير حرب «إسرائيل»، باعتبارها قوة معتدلة.

لم يكد سعود الفيصل يقول لكيري إنّ «النصرة» قد تكون هي «المعارضة المعتدلة»، وقبل أن يغادر كيري الرياض، كانت طائرة سوريّة بدون طيار تتكفل بالقضاء على قيادة «النصرة»، وتبيدها، ويقول كثيرون إنّ الأمر في تكتم شديد، لأنّ القتلى ليسوا القادة العسكريين فقط، بل هناك من يؤكد أنّ أمير «النصرة» أبو محمد الجولاني قتيل وقد نقلت أشلاؤه إلى تركيا.

قال السيد حسن نصرالله اللعبة في سورية انتهت فلا تعاندوا.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى