النصرة» تتهاوى في سورية و«داعش» يُسحق في العراق ودي ميستورا يعبث في الفراغ
طاهر محي الدين
يدرك ستيفان دي ميستورا أنّ مبادرته حول تجميد القتال في حلب، والتي لاقت ترحيباً من الرئيس الأسد والحكومة السورية، لا يمكن لها أن تحيا من دون ضمانات كاملة من المجموعات المسلحة، بوقف كامل لكلّ أعمالها الإرهابية والعدائية على الأرض ووقف استهداف المدنيين، ويدرك هو ومشغلوه وفريق عمله تماماً أنهم لا يستطيعون الحصول على تلك الضمانات وتقديمها، وقد تلقوا الردّ مباشرة من قادة المجموعات الإرهابية في تركيا، والتي أنتجت قصفاً بالهاون على المدنيين في حلب وارتقاء عشرة من الشهداء غير الجرحى، فضلاً عن أنّ الحديث عن تجميد القتال في الريف الحلبي غير وارد إطلاقاً، ما لم يتمّ إنهاء واقع الإرهاب داخل مدينة حلب.
وبناءً على تسارع العمليات على الأرض والتقدم الملحوظ للجيش السوري وحلفائه على مجمل الجغرافية السورية، وتحديداً حلب، يبدو أنّ تلك المبادرة لن يكون لها معنىً، حيث أنّ الجيش السوري سينهي العمليات القتالية داخل المدينة قبل أن يقرّر هؤلاء الإرهابيون الإصغاء إلى صوت السلم والسلام، فهم يصرّون على إجرامهم وعمالتهم وتبعيتهم لأسيادهم في تركيا العثمانية ومموّليهم من الأعراب في ممالك الرمال.
وحدها رؤية الرئيس الأسد لإحلال الأمن في سورية، ووحدها بنادق الجيش السوري وحلفائه من تصنع القرار على الأرض السورية، ووحدها دماء الشهداء من تحرّر الأرض وتدحر الإرهاب.
يتعثر حصان دي ميستورا بين مطرقة الجيش السوري الذي أحكم الطوق في شكل كامل حول حلب، وبين سندان المجموعات الإرهابية التي لا تملك قرارها.
ما زال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني يتفنن في محاربة أميركا، فبعد الرسائل التي أرسلها إليها وإلى السعودي في لقاء مسقط الشهير، والذي خط الخطوط العريضة للاتفاق النووي الإيراني، حيث تمّت تصفية قادة الكبار في العراق تحت إشرافه المباشر، يعاود الإرسال مجدّداً في هذه الأيام المفلصية بإنجاز الاتفاق النهائي حول الملف النووي الإيراني، فما تقوم به قوات الحشد الشعبي التي تعمل تحت إشرافه المباشر في العراق كانت أكبر من الرسائل السابقة في تصفية أقذر الأوراق الأميركية العثمانية في الحرب الدائرة في المنطقة، وهذه الرسائل وحده الأميركي يفهم معانيها، ويدرك الوهابي الذي يعلو نباحه مخافة «هيمنة الإيراني على العراق»، إلا أنه في قرارة نفسه يعلم أنها المسمار الأخير الذي يدقّ في نعشه بسقوطها لأنه الإعلان النهائي عن انتصار محور المقاومة الممتد من الضاحية الجنوبية إلى دمشق وبغداد وطهران، الأمر الذي يعني لزاماً سقوط عروشهم.
إنّ من يستطيع أن يخفي ضوء الشمس بالغربال يستطيع أن يخفي الهزائم المنكرة التي تعرضت لها «جبهة النصرة» في سورية، بدءاً من كسب إلى القنيطرة والجولان فحلب، وما قامت به الطائرة السورية بدون طيار في ريف إدلب كانت عملية استخبارتية دقيقة جداً سحقت أكبر قادة «النصرة» دفعة واحدة، والذي يعتقد أنّ القائد العام لـ«جبهة النصرة» «الجولاني» أحد الذين تمّ أستهدافهم في تلك العملية، وما يحصل في ريف حلب أحد أهم معاقل «النصرة» في سورية، حيث يتمّ تدمير أوكار وتجمّعات كبيرة لـ«النصرة»، وفكّ الحصار وإعادة سيطرة الجيش السوري وحزب الله على مساحات كبيرة من الأراضي التي كانت «النصرة» قد سيطرت عليها، كلها شمس الانتصار وتهاوي «النصرة» التي لا يمكن حجب ضوئها بغربال التركي و الصهيوني والسعودي، فخروجها من المعادلة السورية بات قريباً و هذا ما ينهي آخر الأوراق السعودية و«الإسرائيلية».
الأمر نفسه يحدث مع «داعش» في العراق الذي يتكبد خسائر فادحة تحت ضربات الجيش العراقي والحشد الشعبي، الأمر الذي سيؤدي إلى توالي هزائمه في سورية بعد السقوط المريع له في عين العرب، وهذا ما يعلن سقوط الأوهام التركية والصهيوـ سعودية بإنشاء المناطق العازلة جنوباً وشمالاً لإسقاط وتدمير الدولة السورية.
إنّ سقوط هذه الأوهام ألزم الأميركي على إنجاز الاتفاق النووي بسرعة مع إيران، ودفع كيري إلى التوجه إلى مونترو والاجتماع إلى السيد جواد ظريف في جولة المباحثات النووية، وترك نتنياهو ينبح وحيداً في أميركا، ومن ثم زيارة السعودية التي تخسر تباعاً في كلّ الملفات المفصلية في المنطقة من اليمن إلى سورية ولبنان والعراق، لإبلاغها أنّ اللعبة انتهت، وأنّ إيران هي سيدة المنطقة الجديدة وعليكم ترتيب أوراقكم والتعايش مع هذا الأمر الذي بات واقعاً، وأنّ تنفيذ توصيات لجنة «بايكر هاميلتون» هو المخرج الوحيد للحلّ في هذه المنطقة.
بعدما أسقط الرئيس السوري بشار الأسد قواعد الاشتباك مع «الكيان الصهيوني» وأعلن فتح جبهة الجولان وأكمل السيد حسن نصرالله معادلات إسقاطها في شبعا، تلقى الكيان الصهيوني الضربة القاصمة بإعلان السلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع حكومته الذي أطلقه اتفاق أوسلو المشؤوم، الذي قال عنه يومها الرئيس الراحل حافظ الأسد أنّ كلّ بند من بنوده يحتاج إلى العديد من الاتفاقات، وكانت أولى نتائج هذا القرار المبارك هو عملية دهس خمس شرطيات صهيونيات في القدس يوم الجمعة، ما نرجو أن يكون استمراراً لنهج الصمود في فلسطين المحتلة على أراضيها كافة ، وأن تكون هذه العملية بذرة لإعلان الانتفاضة الرابعة على أرض فلسطين، ابتداءاً من الضفة الغربية لتشمل الأراضي المحتلة كافة.