قراءة سريعة في خطاب نتنياهو

وصف أوباما إصرار نتنياهو على إلقاء خطابه في الكونغرس بأنه انحراف عن المسار الطبيعي للعلاقات الأميركية «الإسرائيلية،» ولكنه انحراف لن يؤدّي إلى إلحاق ضرر أو تدمير دائم. وأضاف انه سبق لنتنياهو أن أخطأ في تقديراته حول المفاوضات في الملف النووي، مشيراً إلى التزام إيران بكلّ بنود الاتفاق المرحلية لعام 2013.

نتنياهو في محاولة «غير صادقة» منه لرأب الصدع في علاقاته مع أوباما كرّر أمام اللوبي «الإسرائيلي» وكذلك في خطابه أمام الكونغرس انه لا يقصد الإساءة او التقليل من احترام شخص او موقع الرئيس الأميركي.

استبقت إدارة أوباما خطاب نتنياهو بتفنيد ما يمكن أن يسوقه من حجج ضدّ اتفاق محتمل بين إيران ومجموعة 5 +1، بالتشديد على وضع الضوابط الصارمة والرقابة المعززة لضمان انّ الاتفاق لن يمكّن إيران من السير نحو امتلاك السلاح النووي إذا رغبت ولعقد من الزمن على الأقلّ.

التفنيد جاء على لسان مستشارة الأمن القومي سوزان رايس في خطابها أمام مؤتمر اللوبي «الإسرائيلي»، رغم أنها تملّقت الحضور بنشر خطابها باللغة العبرية واستحضار ذكرياتها الحميمة خلال زيارتها الى فلسطين المحتلة.

بدا خطاب نتنياهو امام الكونغرس على شكل مطالعة لإدانة أيّ تقارب مع إيران أو السعي إلى إنجاز أيّ اتفاق معها، لا بل شكل تشكيكاً خالصا بالاتفاق المحتمل باعتباره اتفاقاً سيّئاً لأنه لا يلغي البنية التحتية للمشروع النووي الإيراني، وسردية أنه لا يمكن الوثوق بإيران. كما قرن أيّ اتفاق بشرط التزام إيران مسبقاً بوقف دعمها لما أسماه الإرهاب في العالم وتدخلها في شؤون جيرانها وتهديداتها بالقضاء على «إسرائيل.» وطالب بعدم رفع العقوبات عن إيران حتى تغيّر من سلوكها الراهن.

زعم نتنياهو أيضاً أنّ البديل للاتفاق النووي، الذي يتمّ التفاوض عليه حالياً، ليس الحرب بل التوصل إلى اتفاق أفضل منه. واعتبر انّ التشدّد مع طهران هو المقاربة الأفضل لأنها بحاجة ماسّة إلى الاتفاق وستخضع وتتنازل رغم تهديدها بترك المفاوضات.

مصادر مقرّبة من البيت الأبيض، في أول ردّ غير رسمي، عبّرت عن استيائها الشديد والعميق من خطاب نتنياهو واعتبرته معسول الكلام خالياً من تقديم بدائل واقعية.

للعديد من المراقبين في العاصمة الأميركية يبدو خطاب نتنياهو وإصراره على إلقائه قبل الانتخابات «الإسرائيلية» بمثابة المحطة الانتخابية الداخلية، ولكن على بعد 6 آلاف ميل.

قد ينشغل البعض في إحصاء عدد المرات التي صفق فيها أعضاء الكونغرس وقوفاً متأثرين ببراعة نتنياهو الخطابية، ويجرون المقارنة بالمرات السابقة، لكن الاختبار الحقيقي سيكون عدد الأصوات التي يمكن ان يكسبها في الانتخابات المقبلة، في «إسرائيل» التي تشهد منذ الثمانينيات المزيد من التشظّي والانقسام والعجز عن تكوين حزب او ائتلاف وازن لأغلبية حاسمة تستطيع ممارسة الحكم بصورة مستقرة نسبياً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى