تقرير إخباري
فاديا مطر
بعد إعلان القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي في بداية آذار، جاهزية القوات الأمنية والحشد الشعبي لبدء معركة تحرير صلاح الدين، بعد أن أعطى فرصة أخيرة للعناصر المغرر بهم ودعاهم للعودة قبل فوات الأوان، أشاد بدور العشائر العراقية التي تساند القوات الأمنية.
فيما يشارك نحو 5 آلاف مقاتل من العشائر السنية في صلاح الدين بمعركة تحرير تكريت، التي انطلقت رسمياً بعد إعلان رئيس الحكومة حيدر العبادي من سامراء جاهزية القوات للاندفاع إلى المدينة، بعد أن فشلت مساع قامت بها أطراف محلية قبل بدء الحملة العسكرية، بإقناع بعض العشائر، بالانضمام إلى الحلف المقاتل، خوفاً من تعرضها لأعمال ثأرية.
إيران تمكنت من التغلغل في العمق العراقي، ولا أدلّ على ذلك أفضل من قوات الحشد الشعبي التي باتت كياناً أمنياً موازياً للكيان الأمني المركزي التابع للدولة العراقية والتي تقوم إيران بالإشراف على تدريبها ليكون لها دور فاعل في المعارك المقبلة.
وما يميز هذه المعركة عن غيرها، هو مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي من شيعة وسنة وعرب وأكراد تحت قيادة عراقية إلى جانب وجود مستشارين إيرانيين من دون أن يكون هناك أي دور للقوات الأميركية أو قوات التحالف.
أميركا التي لم تكتفِ فقط بتوجيه ضربات من بُعد لمواقع «داعش»، بل لم تقم أيضاً بأي إجراء عملي بتسليح الجيش العراقي بمعدات حديثة ومتطورة وفقاً لما نص عليه الاتفاق الأمن الذي وقعه العراق مع أميركا. بل تعدى الأمر إلى الأخطر من ذلك بقيام الطائرات الأميركية بين وقت وآخر بقصف مواقع للحشد الشعبي في مقابل إلقاء الأسلحة والذخيرة إلى «داعش» تحت مبرر وقوع أخطاء غير مقصودة.
هذه المواقف السلبية الأميركية من الحرب ضد «داعش» تم تتويجها عندما كشفت قيادات أميركية عن موعد وخطة الهجوم لتحرير الموصل، الأمر الذي أكد أن واشنطن ليست جدية في قضية الحرب ضد «داعش».
على رغم تصريح وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر وتأكيده أهمية «الانتصار على «داعش» بالتعاون مع الحكومة العراقية وبطريقة غير طائفية»، على حد تعبيره. وقال: «نتحرك في العراق دعماً للحكومة العراقية التي لم تطلب دعمنا في هذه العملية تحديداً، وأعتقد أنه علينا أن نكون يقظين في متابعتنا والحكومة العراقية لعملية استعادة الأراضي من «داعش» وبطريقة متعددة الطوائف»، مضيفاً: «نحن بحاجة إلى أن ننتصر على داعش ولكن بطريقة لا تشعل الطائفية من جديد في العراق، ولذلك نحن نراقب هذا الأمر عن قرب».
فعلى ما يبدو إن الانتصارات التي حققها الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي بالتعاون مع أبناء العشائر لم ترق لأميركا التي أخذت أحلامها تتهاوى ومخططاتها تفشل، على رغم الحرب النفسية التي يشنها الإعلام الاميركي والإعلام العربي الرجعي وفي مقدمه الإعلام في السعودية وقطر الذي يتعالى مع الصراخ الأميركي ضد الحشد الشعبي وضد وجود مستشارين عسكريين إيرانين في العراق، إذ حذر سعود الفيصل من تنامي دور إيران في العراق، متهماً طهران بفرض سيطرتها عليه عن طريق مساعدته في الحرب ضد التنظيم المتشدد.
وأضاف الفيصل إن «تكريت مثال ساطع على ما يقلقنا»، مبيناً أن «إيران في طريقها لوضع يدها على البلاد». هذا يدل على القلق السعودي الذي يتقاطع مع القلق الإميركي من تنامي القبضة الإيرانية العراقية ضد «داعش».
هنا بدأ العزف على الوتر الطائفي البغيض من أجل إيجاد شرخ في الجدار العراقي الصلب الذي أقيم أمام «داع « عبر الترويج لمزاعم وأوهام لا وجود لها على الأرض، مثل احتمال بروز حساسيات طائفية بسبب وجود القوات المساندة في المناطق السنية مثل تكريت أو وقوع اعتداءات على المواطنين والممتلكات الخاصة والمقدسات، أو وقوع عمليات ثأرية، وكأن الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي هي قوات غريبة عن تكريت، وأن «داعش» هو الأقرب لمواطني المناطق الغربية من الحشد الشعبي والجيش العراقي.
إيران التي تحقق الانتصار تلو الآخر، في المجالين السياسي والعسكري، وكذلك الإقليمي والدولي لأنها تملك مشروعاً وتحسب خطواتها جيداً وتدعم حلفاءها، وفوق كل هذا وذاك امتلاكها كل أسباب القوة العسكرية الذاتية، ما خلق لها هيبة عالمية، وشكل قوة ردع في وجه الآخرين، وهي القوة التي أجبرت الادارة الأميركية على التفاوض معها والرضوخ لمعظم شروطها، وهنا نتحدث عن حقائق على الأرض لا يمكن تجاهلها أو التقليل من شأنها ولا ندفن رأسنا في الرمال مثل آخرين.