في يومها العالمي… المرأة السورية تواجه حرباً تسلبها حقوقها
للسنة الرابعة على التوالي، يعود يوم المرأة العالمي، وأزمة قاسية تثقل كاهل المجتمع السوري الذي لا يزال مصرّاً على مواجهة الفكر الظلامي الرجعي للتنظيمات الإرهابية المسلحة ومحاولاته العودة بالتاريخ إلى ما قبل العصر الحجري، في ظل صمت دوليّ. ولعل المرأة من أهم مكوّنات المجتمع السوري الذي يسعى إلى مواجهة هذا الفكر، كونه يرمي إلى سلبها حقوقها وتجريدها من كيانها لتكون تبعاً للرجل، لا قرار تملكه ولا ذات تؤسّسها ولا مجتمع يعيرها اهتماماً.
في بعض المناطق السورية، التي انتشرت فيها التنظيمات الإرهابية واستولت على أشكال الحياة، كانت الكارثة الأكبر التي تواجهها المرأة. إذ مورس بحقها العنف بجميع أشكاله، مادياً ونفسياً واجتماعياً، وتحت مسميات غربية عن المجتمع السوري وثقافته في انتهاك كامل لحقوقها، وهو ما استدعى جهداً مضاعفاً من الدولة لحماية النساء في هذه المناطق، سواء بمحاولات الوصول إليهن أو زيادة الاهتمام بمن استطعن الخروج من هناك لمعالجة الآثار النفسية التي مررن بها ومحاولة مساعدتهن لتخطيها.
من هنا، حرصت جهات عدّة، حكومية وأهلية، على تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وبناء قدراتها الذاتية لتكون أقدر على المشاركة الفعلية في إحلال السلام المجتمعي وحفظه، فضلاً عن تفعيل دورها في مرحلة إعادة الاعمار، وهو ما شكل جزءاً من برامج الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وهذا بحسب قول رئيسة الهيئة هديل الأسمر لـ«سانا». وذكرت الأسمر أن النساء تعرضن في بعض المناطق لانتهاكات خطيرة ارتكتبها التنظيمات الإرهابية، إذ ظهرت مظاهر اجتماعية طارئة كثيرة على المجتمع السوري.
الجمعية السورية الدولية لرعاية النساء من ضحايا الحرب، تعنى أيضاً بمن تعرضن لانتهاكات التنظيمات الإرهابية المسلحة، لا سيما ممن اضطررن للمغادرة إلى مخيمات اللجوء في دول الجوار هرباً من إرهاب تلك التنظيمات، إذ يشير وائل سعداوي أحد العاملين في الجمعية إلى انتشار العنف بمختلف أشكاله ضد الفتيات المقيمات في مخيمات اللجوء، موضحاً أنه أمر تحكمه ظروف استثنائية في ظل الأوضاع الإنسانية السيئة التي تعانيها الأسر المهجرة في حين لا تستطيع جمعيات المجتمع الأهلي التواصل مع هذه الأسر.
وظهرت خلال الأزمة حالات جديدة من الانتهاكات ضد المرأة وهي تمثل أمراً طارئاً على المجتمع السوري الذي كان يسجلها كحالات فردية ليس إلا، فحسب المحامية مها العلي تتعرض المرأة السورية اليوم لجريمة الاتجار عبر الاستغلال الجنسي والعمالة القسرية. لافتة إلى أن لا آلية للوصول إلى النساء الضحايا اللاتي تعرضن للاتّجار باعتبارها جريمة منظمة عبر الحدود، في حين يقف العالم صامتاً بدلاً من أن تتعاون الدول والحكومات للحدّ من هذه الجريمة.
وعلى رغم مما يسجل من عنف ضد المرأة وما تحاول التنظيمات الإرهابية المتطرفة بثه من أفكار ملوثة ضدها، إلا انها استمرت في صمودها وممارسة دورها المجتمعي، إذ دأبت نساء كثيرات سواء عبر أعمال فردية أو مجتمعية منظمة إلى دعم المرأة التي تعاني الآثار السلبية للأزمة في كل مكان والعمل لمواجهة العنف الذي تتعرض له.
وتشير الناشطة في مجال العمل الأهلي المهندسة سوسن علي إلى صمود المرأة السورية وإصرارها على بذل التضحيات فهناك من فقدت معيل أسرتها أو أبناءها فداء للوطن، واستمرت بدعم الجيش والقوات المسلحة لافتة إلى ضرورة دعم النساء ضد الانتهاكات الخطيرة التي حدثت بحقهن نتيجة ممارسات التنظيمات الإرهابية التكفيرية من قتل وتشريد وتعرضهن للعنف بجميع أشكاله بهدف تشويه صورتهن الحضارية.
وفي الوقت الذي يسترشد العالم المتحضر بإلاعلان العالمي لحقوق الانسان الذي يضمن المساواة بين الرجل والمرأة إضافة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إذ تمثل هذه المبادئ حجر الزاوية في جميع أنشطة هيئة الأمم المتحدة، يغيب الموقف المطلوب من هذه الدول اتخاذه ضد الممارسات التي تتعرض لها المرأة، بينما تجهد الحكومة السورية إلى تطبيق القوانين والتشريعات الكفيلة بضمان حقوق المرأة وسن ما يضمن لها حياة كريمة والحفاظ عليها وحمايتها من كل من يستهدفها.
وتنبع قوة المجتمع من المرأة لكونها المعنية بعملية إعادة بناء الأجيال وتحصينهم فكرياً ووجدانياً وتنشئتها على قيم التضحية والعطاء وغرس الانتماء الحقيقي إلى تراب الوطن وتراثه لتعود سورية من جديد وطناً حضارياً آمناً ومستقراً.