مدارات محاربة «داعش» ورقة انتخابية بيد أوباما
ناديا شحادة
موقف أميركا من محاربة «داعش» بات لغزاً يحير الجميع وسياسة ازدواجية المعايير التي تتبعها الإدارة الأميركية في تعاملها مع ملفات الشرق الأوسط وفي قرارها بالقضاء على «داعش» وتباطؤ التحالف في القضاء على هذا التنظيم باتت محل استغراب للجميع، على اعتبار أن التحالف الدولي تشكل للقضاء على «داعش» الذي تارة يظهر وكأنه مسيطر على غالبية المناطق التي أعلنها إمارة له في سورية والعراق وتارة أخرى يتقهقر مقاتلوه ومن ثم يحاصر الجيش الأميركي في منطقة الأنبار، عقب تصريحات مستشار الرئيس الأميركي باراك أوباما ومنسق التحالف الدولي ضد التنظيم جولن الن عن قرب عملية برية محتملة ضد التنظيم تقوم بها الجيوش العربية بتغطية جوية من التحالف الدولي.
ويؤكد الخبراء في الشؤون العسكرية أن تقدم «داعش» في بعض المناطق وتراجعه في أخرى يؤكد أن هناك اتفاقاً بين أميركا والتنظيم لاستمرار وجوده في المنطقة العربية لفترة أطول، وأن القيادة الأميركية غير راغبة في القضاء على «داعش» وأنه يستمد قوته أساساً من الولايات المتحدة الداعم الأول لهذا التنظيم الإرهابي.
فقد أكد إدوارد سنودن العميل السابق بوكالة الأمن القومي الأميركي في 20 من آب الماضي أن المخابرات المركزية الأميركية والموساد «الإسرائيلي» بالتعاون مع مخابرات البريطانية هم من عملوا على تأسيس «داعش» في المنطقة، فتنظيم «داعش» مثل القاعدة يرسم لها مؤسسوها أهدافاً معينة لتحقيقها ويضعون لها خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها، ولكن في أغلب الأحيان ينقلب السحر على الساحر ويتطلب ذلك دخول المؤسس لإيقاف التنظيم، فـ«داعش» الذي اعتبرته القيادة الأميركية بدأ يتجاوز الخطوط الحمراء عندما وصل إلى مشارف أربيل، جعل من واشنطن تشعر بأن مصالحها باتت مهددة، جرائمه ضد الإنسانية زادت وبلغت من الفظاعة أن بدأ الرأي العام العالمي يوجه انتقادات شديدة إلى الدولة العظمى عن سكوتها عن هذه الجرائم البشعة، فأعلن أوباما الحرب عليه.
باراك أوباما الذي أكد في 15 تشرين الأول 2014 أن الحرب على «داعش» في العراق وسورية قد تكون طويلة الأمد وستشهد انتكاسات وتقدماً، الأمر الذي جعل من المراقبين يؤكدون محاربة التنظيم والقضاء عليه هو الورقة التي يسعى الحزب الديمقراطي إلى استخدامها في الانتخابات الرئاسية عام 2016.
ويرى المراقبون أن الحرب الأميركية على تنظيم داعش أثارت حالة من اللغط والتساؤلات العديدة حول الأهداف الحقيقية للحرب، فهل هي مقدمة لعودة واشنطن للمنطقة مجدداً أم أن للحرب أهدافاً انتخابية أخرى، إذ أكد مستشار تجمع مكافحة الإرهاب في الكونغرس الأميركي إن أوباما يستخدم حربه على تنظيم داعش لجلب نقاط لمرشحيه في الولايات في الانتخابات المقبلة، معتبراً أن الحرب مجرد مناورة لا أكثر، لهذا فهو لا يريد خوض حرب برية تفادياً لأي خسائر بشرية.
ويؤكد المراقبون أن أوباما الذي لم يكشف عن استراتيجيته الحقيقية من وراء الحملة التي قام بها لمحاربة التنظيم، بات متخوفاً من القضاء على «داعش» في هذه الفترة، فمشهد المروحيات الروسية من طراز مي -24 المشاركة في العملية العسكرية في تكريت جواً والصواريخ الإيرانية المعدلة التي يستخدمها الحشد الشعبي براً قد أزعج أوباما ورئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي الذي عكست تصريحاته الأخيرة الإحراج الذي وقعت فيه القيادتان
العسكرية والسياسية في الولايات المتحدة، نتيجة المبادرة العسكرية العراقية بدعم إيراني في معركة تكريت، إذ حاول ديمبسي إقحام دور ما لطائرات التحالف الدولي في معركة تكريت ووصف الحملة العسكرية التي تخوضها بلاده في حاجة إلى صبر استراتيجي وأنه من الخطأ تكثيف الضربات الجوية للتحالف الدولي ضد «داعش» .
فبعد التصريحات الأميركية التي تتسم بالارتباك والقلق من تقدم الإيرانيين بالتعاون مع الجيش العراقي في القضاء على تنظيم داعش يبقى السؤال هل الحرب التي تقودها الولايات المتحدة بقيادة أوباما للقضاء على داعش مجرد كذبة كبرى وما ملاحقة الإرهابيين الإسلاميين وشن حرب وقائية في جميع أنحاء العالم لحماية الوطن الأميركي سوى ذريعة يستخدمها أوباما كورقة رابحة للحزب الديمقراطي قبل الانتخابات الأميركية؟