«كرة نار» الاستحقاق الرئاسي في مرمى 14 آذار فهل تستطيع ملاقاة 8 آذار؟ «المستقبل» يدلّل جعجع فلا يخدم انتخاب الرئيس… واحتمال التوافق رهن الموقف السعودي
حسن سلامه
قبل ساعات قليلة من انعقاد الجلسة النيابية العامة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية، لا يبدو أن ثمة تبدلاً في المشهد السياسي الذي رأيناه في الجلسة الأولى، سواء من خلال توزع مواقف الكتل النيابية حيال الاستحقاق، أو من خلال ما ستشهده الجلسة غداً من تطيير للنصاب اعتراضاً على قرار فريق «14 آذار» على الاستمرار في تبنّي ترشيح رئيس «القوات» سمير جعجع، لما يشكّله هذا الترشّح من استفزاز لغالبية اللبنانيين، بما في ذلك العديد من أطياف هذا الفريق.
الواضح أن أي تغيير في مسار جلسات الانتخابات بات في مرمى قوى «14 آذار» بدءاً من تيار «المستقبل» الذي عليه أن يختار بين دفع هذا الاستحقاق نحو الفراغ في 25 أيار المقبل، وأخذ الأمور نحو التفاوض والحوار، ما يسهل الاتفاق على مرشّح توافقي، حيث ويبقى العماد ميشال عون المرشّح الأكثر ترجيحاً لهذا التوافق في حال صارت.
لذلك، السؤال الأكثر إلحاحاً، هل تشهد الفترة المتبقية من المهلة الدستورية، أي أقل من شهر إمكان التوافق على مرشح توافقي، تفادياً للشغور في موقع الرئاسة؟
وفق المعلومات والمعطيات، لا تغيير في جلسة الغد ويرجّح أن تؤجّل الجلسة، لكن مصادر سياسية بارزة تشير إلى أنّ ثمّة اتصالات على خطوط متعددة تحصل لإنجاز «شيء ما» يفضي إلى التوافق حول شخصية مقبولة من أكثرية الكتل قبل انتهاء المهلة الدستورية. وتتحدث المصادر عن اتصالات تقوم بها أطراف في 8 آذار بدءاً من الرئيس بري إلى النائب جنبلاط، لكنها توضح أن الاتصالات الأكثر دقة وحساسية هي تلك القائمة بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ورئيس حزب «المستقبل» سعد الحريري بطريقة غير مباشرة عبر موفدين، سعياً إلى الاتفاق على رؤية مشتركة في ما يتعلق برئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة في المرحلة المقبلة. وتشير المصادر إلى أن هذه الصيغة في حال دخلت مرحلة الاتفاق بين الجانبين فإنها تقضي بدعم «المستقبل» ترشح العماد عون لرئاسة الجمهورية في مقابل دعم التيار الوطني الحر عودة الحريري إلى رئاسة الحكومة بعد إنجاز الانتخابات الرئاسية والاتفاق على صيغة مشابهة مع تبدّل في الأسماء.
غير أن المصادر تؤكد أن أي صيغة قد يمكن التوصل إليها لن تصبح قابلة للتنفيذ إلا في حال قبول قوى 8 آذار بها وأكثرية قوى «14 آذار»، وتوضح أن تحرك العماد عون منسق مع حلفائه في 8 آذار، وبالتالي لن يقدم على أي خطوة أو اتفاق من دون التنسيق والاتفاق مع حلفائه، مشيرة إلى أن قوى 8 آذار تركت للعماد حرية الحراك السياسي مع تيار «المستقبل» سعياً إلى صيغة تخرج الملف الرئاسي من الاشتباك السياسي الذي يواجهه اليوم.
لكن السؤال الآخر الذي يطرح نفسه، هل لدى تيار «المستقبل» رغبة أو حتى قدرة على السير في اتفاق مع قوى 8 آذار لفتح الأفق أمام حصول الانتخابات في موعدها؟
إلى الآن، لا يظهر ما يؤشر إلى أن «المستقبل» قد يذهب نحو هذا التفاهم، وهذا ما تصرّح به مصادر من داخله إذ تقول إن كتلة «المستقبل» لم تغير حتى الان في موقفها الداعم لترشيح جعجع. وتضيف أن الأجواء تحتاج إلى كثير من البحث والتشاور قبل القول إن ثمة نضجاً أو اتفاقاً مع الفريق الآخر حول مرشح رئاسي توافقي، بل تؤكد أنه من الباكر جداً الحديث عن توافق حول الاستحقاق الرئاسي، خاصة أن ثمة لا مبالاة خارجية حيال هذا الملف.
في المعطيات التي تملكها المصادر السياسية، هناك أكثر من مؤشر إلى عدم حصول الانتخابات قبل 25 أيار وأبرزها:
ـ لن تتمكن «14 آذار» من الاتفاق على مرشح آخر غير سمير جعجع إلا إذا اتخذ «المستقبل» قراراً جدياً بالتخلي عن هذا الترشيح والتوقّف عن ممالأة جعجع في المسرحية الهزلية التي يصر عليها باستمرار ترشحه، وهذا غير واضح حتى الآن.
ـ المعطيات الخارجية غير ناضجة حتى الآن لحض الأطراف الداخلية على التوافق على مرشح مقبول من أكثرية اللبنانيين، والدليل ما صدر عن سفير السعودية في لبنان قبل أيام، مع الإشارة إلى أن تيار «المستقبل» يقرر الذهاب في مسار التوافق مع قوى 8 آذار حول اعتماد العماد ميشال عون كمرشح توافقي أو حتى في اتجاه شخص آخر يكون للجنرال الكلمة الأساس في تسميته.
في جميع الأحوال، تدعو المصادر إلى انتظار بضعة أيام لتبيان «الخيط الأسود من الخيط الأبيض» في ما يتعلق بإمكان تغيير موقف «المستقبل»، وفي تقدير المصادر أن مثل هذا التغيير لن يتبلور قبل أسبوعين من اليوم رغم علامات الاستفهام التي لا تزال تحيط بموقفه بسبب إضاعة المزيد من الوقت ودعمه لجعجع.