المستقبل لا يثق بالجميّل ولن يسير بعون الكتائب… ترشيح رئيس القوّات جعجعة
هتاف دهام
لم تفض الاتصالات بين الكتل السياسية إلى أيّ تقدم لجهة تأمين نصاب جلسة يوم غد الأربعاء، فإمكان التوافق على شخصية معينة لانتخابها لا يزال بعيداً.
يصرّ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على الاستمرار في الترشّح إلى حين. تيار المستقبل لا يزال يعتبر جعجع مرشّحه الرئاسي في جلسة الأربعاء، مقفلاً الباب أمام رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل، لاعتبارات عديدة.
يشير تيار المستقبل في مجالسه الخاصة إلى استحالة تبني ترشّح رئيس حزب الكتائب، لما لديه من علاقات واتصالات يستطيع أن يشبكها في الخارج بعيداً عنه، على عكس رئيس «القوات».
يعتبر «المستقبل» أنّ لدى الرئيس الجميّل من الاستقلالية التي تحول دون تحكّم التيار الأزرق في رئاسة الجمهورية مثلما يريد، لا سيما أن تاريخ العلاقة بين الرئيس الجميّل والرئيس سعد الدين الحريري ليست مشجعة على ما تقول مصادر مقرّبة من الحزبين.
وفق تيار المستقبل، يخفي رئيس حزب الكتائب أوراقاً سرية عن حلفائه، فهو ليس حليفاً موثوقاً به، وقد ينقلب على الموقف بشكل دراماتيكي، إذ زار سورية إحدى عشرة مرة في الثمانينات، لكنه لم ينفذ أيّ التزام حيال سورية.
في السياق، تشير مصادر مطلعة في التيار الأزرق إلى استحالة أن يكون الرئيس الجميّل رئيساً للجمهورية، فـ14 آذار لا يمكن أن تسير به طالما جعجع مرشح.
يخوض تيار المستقبل مع حزب الكتائب صراعاً داخلياً ضمن فريق 14 آذار، فالمستقبل هو المخوّل بإدارة المعركة داخل هذا الفريق، وبالطبع سيفضل جعجع على الجميّل. أما عندما تصبح المعركة على الصعيد الوطني، يتحوّل تيار المستقبل من مخطط إلى منفّذ للسياسة الخارجية وتحديداً للسياسة السعودية.
لمّا كانت سياسة المستقبل تضع «فيتو» على الجميّل، فإنّ الأخطر من ذلك، وفق مصادر كتائبية، أنّ رئيس القوات لا يمكن أن يتقبّل رئيس حزب الكتائب، فرفضه للجميّل أكبر من رفضه للعماد عون، فالعدوّ الاستراتيجيّ للقوات يتمثل بحزب الكتائب، ومخطّطه التاريخي يقوم على إضعاف الكتائب وابتلاعها.
رغم ذلك كله، ينفي الكتائبيون نية المستقبل استبعاد الرئيس الجميّل عن الترشح لرئاسة الجمهورية، بالقول إنّ التيار الأزرق سيتبنّى ترشيح الجميّل في الوقت المناسب.
يسارع الصيفي إلى رمي الكرة في ملعب فريق 8 آذار، محمّلاً إياه المسؤولية عن تعطيل النصاب، سائلاً: ما الذي يضمن لفريق 14 آذار لو انسحب الدكتور جعجع وتمّ تبني ترشيح الجميّل، ألا يمارس فريق 8 آذار والعماد عون السيناريو نفسه؟
يؤكد الكتائبيون أنّ استمرار رئيس القوات في الترشح هو لمصلحة الرئيس الجميّل، فرجل معراب هو الخاسر الأول مما يجري، وهو بمثابة جعجعة، فالنصاب لن يتأمّن من الآن فصاعداً وعدد الأصوات لن يتوافر إلى حين التوافق.
يدرك الكتائبيون أنّ الانتخابات ليست بهذه السهولة، فلا «أمين» ولا «سمير» سيصل إلى سدة الرئاسة، ولا ميشال، فالمقاومة ليست متيّمة به. إلا أنّ بكفيا تحاول حجب الأنظار عن إغفال المستقبل لرئيسها بتأكيدها أنّ رئيس التيار الوطني الحرّ العماد ميشال عون لن يكون المرشح التوافقي، خاصة بعدما نبش تاريخ رئيس القوات في الجلسة الأولى، ما جعله مرشحاً تصادمياً أكثر من حزب الله.
تسارع الكتائب إلى الإعلان جهاراً أنّ الرئيس سعد الحريري سيبلغ وزيرالخارجية جبران باسيل، بعدم إمكان السير بالعماد عون رئيساً توافقياً للجمهورية، إلا أنّ هذه المعلومات لم تؤكدها ولم تنفها مصادر تيار المستقبل، فالنائب عمار حوري الذي اعتبر أنّ الجنرال هو حليف فريق 8 آذار، وبالتالي ليس مرشحاً توافقياً، أكد لـ«البناء» أنّ هذا الكلام لا يعبّر عن موقف تياره بل عن رأيه الشخصي.
ويشدّد حوري على أنّ عدم ترشح الجنرال عون حتى الساعة يدلّ على أن خللاً ما يضرب فريق 8 آذار، فلو أنّ الأمور تسير في الاتجاه الصحيح داخل هذا الفريق لكان الجنرال أعلن ترشحه، وعدم تبني فريق 8 آذار أيّ مرشح دليل ضعف، لا سيما أنه تراجع عن ترشيح النائب إميل رحمة الذي لو فاز بعدد الأصوات على رئيس القوات لقطع الطريق على الجنرال.
في موازاة ذلك، وفي ظلّ السيناريوات المتعدّدة، تؤكد مصادر كتائبية أن لا رئيس جمهورية قبل 25 آيار، ما يعني أنّ لبنان سيدخل الفراغ الرئاسي لشهرين أو أكثر، ليعقب ذلك انتخاب قائد الجيش العماد جان قهوجي رئيساً للجمهورية من دون تعديل للدستور. هذا السيناريو، ليست قوى 8 آذار بعيدة عنه، إذ تعتبر مصادرها أنّ هناك ورقتين مخفيّتين جان عبيد وجان قهوجي والورقة الرابحة منهما تنتظر الدخان الأبيض من التوافق الدولي.
لما كانت حظوظ جعجع والجميّل معدومة في تقدير هذه المصادر فإنّ حظوظ العماد عون لا تتجاوز الثلاثين في المئة، رغم محاولته في الشهرين المنصرمين الخروج من التحالف العضوي مع حزب الله وتمايزه في الكثير من المواقف، إلا أنّ ذلك لم يجعل منه وسطياً، بحسب مصادر الكتائب والمستقبل.
ووفق 8 آذار فإنّ تيار المستقبل لن يأخذ قراره قريباً، فالسعودية ليست جاهزة للحلّ مع إيران، ولذلك ليست مستعجلة على الحلّ في لبنان، الذي سيتبلور المشهد فيه على ضوء المحادثات السعودية – الإيرانية، رغم أنّ البعض يحاول إقامة هوة بين العماد عون وحلفائه بتسريب إشاعات أنه عاد لتذكّير الأميركيين حديثاً بأنه صاحب فكرة القرار 1559، وأنه الشاهد الأول على إنتاج هذا القرار، وحين أعلن عام 2006 أنه مع خط المقاومة التزم السياسة الواقعية واتخذ مواقف مهمة جداً لمصلحة السيادة اللبنانية.