مجلس الأمن لحوار يمني برعاية المبعوث الأممي لا الرياض فرنجية: ملتزمون بعون رئيساً… وربيع ساخن في القلمون
كتب المحرر السياسي
توقفت الحملة التي نظمتها السعودية في وجه إيران مع الكلام الصادر عن مستشار الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني، الشيخ علي يونسي، توضيحاً لموقفه ونفياً للكلام المتداول نقلاً عن لسانه، وتأكيده على موقف القيادة الإيرانية المساند لمقاومة شعوب المنطقة وحكوماتها للإرهاب والصهيونية، باعتبار المعركة تدور ضمن جبهة واحدة ومنطقة واحدة، من ضمن حدود دولها وكياناتها الوطنية التي تحظى باحترام إيران، وانصرف الانتباه نحو اللقاء الذي تشهده سويسرا غداً بين وزيري الخارجية الأميركي والإيراني جون كيري ومحمد جواد ظريف لمواصلة تذليل المتبقي من قضايا تحول دون الإعلان عن تفاهم حول الملف النووي الإيراني، في مناخ وخلفية تتراكم فيهما التعقيدات، وتتصاعد فيهما أسباب الارتباك الأميركي، وترتفع معهما نسبة التردّد، فالداخل الأميركي يشهد حرباً ضروساً بين الديمقراطيين والجمهوريين، يتصل للمرة الأولى بعناوين مصيرية في السياسات الأميركية، العلاقة مع إيران، الموقف «الإسرائيلي»، الحرب على الإرهاب، وفي ما يبدو صعباً على الديمقراطيين الظهور كمن يدعو إلى استبدال التحالف مع «إسرائيل» بالتفاهم مع إيران، يخشى الجمهوريون الظهور كمن يدعو إلى الانسحاب من الحرب على الإرهاب وتعريض الأمن الأميركي للخطر لأنّ مقتضيات الحرب لا ترضي التطلعات «الإسرائيلية»، وتخشى نخب الحزبين أن تتحوّل الحرب الانتخابية إلى سبب لارتكاب حماقات استراتيجية بحق مكانة أميركا ومصالحها.
يذهب كيري إلى سويسرا آتياً من القاهرة، حيث الحصار السعودي التركي القطري على مصر صار واضحاً، كما الرعاية الأميركية التي يحظى بها، حماية لدور «الإخوان المسلمين»، بينما تريد واشنطن ترضية مصر والبحث عن صيغ توظيف الضغوط لجلبها إلى التحالف ضدّ الإرهاب وربطها بسياساته وروزنامته، والزيارة المخصّصة لهذه المهمة تغيّرت وجهتها مع المتغيّرات العراقية، حيث لم تعد روزنامة الحرب على «داعش» أميركية خالصة، والتقدّم العراقي في تكريت بدعم من إيران، والتنسيق السوري العراقي، ودور حزب الله وإيران في الحرب على الإرهاب عناصر غيّرت المعادلة، وفرضت اللحاق بركب تحالف آخر يصيغ روزنامة الحرب، ليدور النقاش في القاهرة بحذر حول إمكانية توسيع التحالف لضمّ مصر، من دون تلبية شرطها بضمّ تركيا، والتزام تركيا بانخراط جدي في هذه الحرب، أمام ملف تفصيلي تقدّمه مصر عن التورّط التركي مع «داعش» والمجموعات المسلحة لـ»الإخوان المسلمين»، وهل يمكن تفسير ضمّ مصر وتركيا من دون التفاوض مع إيران على شكل التعاون في حرب باتت هي من يمسك بزمام المبادرة فيها، وفرضت على الرئيس الأميركي باراك أوباما التسريع في طلب التفويض بخوض حرب برية ضدّ «داعش»، بعدما بدا أنّ الانفراد بالحرب من الحلف الذي تتوسطه إيران ويضمّ سورية والعراق والمقاومة، سيحرم إدارة أوباما من فرص الإفادة من توظيف النصر على «داعش» في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
يلتقي كيري وظريف، وعلى الطاولة كلّ الفرضيات، بما فيها ما تسرّب عن مناقشة طلب إيراني بتتويج أي اتفاق بقرار من مجلس الأمن يؤكد مضامينه، بعد التشكيك في الصدقية الأميركية الذي فرضته مذكرة النواب الجمهوريين للقيادة الإيرانية، كما يلتقيان والقضية اليمنية تطرح على مجلس الأمن، بصورة لا تتيح هوامش للمناورة أمام واشنطن، في ظلّ إصرار دول مجلس التعاون الخليجي على تفويض السعودية برعاية الحوار اليمني، وبالتالي إلغاء مهمة المبعوث الأممي، في مقابل رفض روسي صيني لوصاية سعودية على الحلّ في اليمن يرفضها التيار المقابل لمؤيدي السعودية من اليمنيين، وهو التيار الحوثي ومثله المؤتمر الشعبي برئاسة الرئيس السابق علي عبدالله صالح، واللذين من دونهما على الأقلّ لا ينعقد حوار، ومن دون صنعاء وثلثي اليمن الخاضعين لسيطرة الثوار يصير دعم الرئيس المستقيل منصور هادي كلاماً للإعلام لا يصرف في أرض الواقع، ويصير التبنّي الأممي للموقف الخليجي إعلاناً بنعي الحوار، ما دفع إلى تفاهم ضمني في مجلس الأمن لا يريح السعودية يفترض أن يمهّد لجلسة الغد بين ظريف وكيري، بترك مهمة تحديد مكان الحوار اليمني للمبعوث الأممي جمال بن عمر بالتفاوض مع الأطراف المعنية.
لبنان لا يزال معنياً بكلّ ما يجري، وينتظر التسويات التي تجري في المنطقة لأنها تريحه وتسهّل التفاهمات فيه، كما قال النائب سليمان فرنجية الذي جدّد تمسكه بترشيح الثامن من آذار للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية، في حوار تلفزيوني عبّر خلاله عن مواقف قوى الثامن من آذار تجاه ما يجري في لبنان والمنطقة، وتطرّق خلاله إلى الهمّ اللبناني المقابل للاستحقاق الرئاسي وما يمثله تحدّي ربيع ساخن في القلمون توقع فرنجية قدومه داعياً بإلحاح للإسراع في التنسيق اللبناني السوري، منعاً لخطأ استراتيجي سيدفع لبنان ثمنه في المستقبل، مطالباً قائد الجيش العماد جان قهوجي بمطالبة مجلس الوزراء بمثل هذا التنسيق.
في الفترة الفاصلة عن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقررة في الثاني من شهر نيسان المقبل، تعاود فرنسا ملء الفراغ على هذا الصعيد بإرسال موفد جديد إلى بيروت للبحث في موضوع الاستحقاق الرئاسي والوضع الأمني في لبنان.
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن باتريك باراكان سيزور لبنان قبل نهاية الشهر الجاري، وذلك قبيل زيارة وزير الدفاع الفرنسي جان إيف في النصف الثاني من نيسان المقبل لتسليم أول دفعة من السلاح الفرنسي للجيش اللبناني بموجب الهبة السعودية المخصصة لهذه الغاية.
وبالتوازي، علم أن لقاء سيعقد بين قائد الجيش العماد جان قهوجي وملك الأردن عبد الله الثاني الأحد في عمان للبحث في تسليح الجيش.
فرنجية: إذا سار عون بالوسطي لن أصوت
أما رئاسياً، فلم يطرأ جديد على هذا الملف المرتبط بالاستحقاقات الإقليمية. وفي السياق كانت رسائل سياسية لرئيس تيار المردة في هذا الموضوع إضافة إلى الحوار الجاري بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية. وأكد فرنجية في مقابلة مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال» ضمن برنامج «كلام الناس» مساء أمس، «أننا مع كل تقارب في لبنان، ولدينا خطنا السياسي وتوجهنا، ومرشحونا إلى الرئاسة».
وقال «عند كل استحقاق، تتكون قراءة سياسة محلية وإقليمية ودولية، ولا نستطيع في هذه الأجواء أن نتفق على شخصية معينة، من هنا توقعت أن نصل إلى الفراغ، علماً أن البعض كان يعتقد أنني أمتلك معلومات أو أنقل رسائل وهذا خطأ، فقد كانت لدي قراءتي الخاصة».
وأشار فرنجية إلى «أن الرئيس ميشال سليمان أثبت أن لا شخصية وسطية في البلد، حتى الوسطيون لديهم تقارب لخط معين، نحن لدينا مرشحنا اليوم هو الجنرال ميشال عون، والمطروح اليوم هو التخلي عن عون ليتخلى الفريق الآخر عن سمير جعجع».
وقال: «الاستحقاق الرئاسي هو مزيج من السياسة المحلية والإقليمية والدولية»، لافتاً إلى أن «تجربة العماد سليمان في رئاسة الجمهورية غير مشجعة، وكما يقال «شو باك بتنفخ على اللبن قلو الحليب كاويني». وأكد أن «أي رئيس سيأتي لاحقاً سيكون على صورة المرحلة المقبلة، ونحن لن نقبل برئيس وسطي، وإذا سار حليفنا ميشال عون بالوسطي فلن أذهب إلى التصويت». واعتبر أن «المعادلة السياسية في لبنان بسيطة إذا حصل تفاهم إيراني سعودي تكون صورة الرئيس شيئاً، وإذا اختلفا تكون شيئاً آخر، وما أتمناه أن نعود إلى التفاهم، وكلنا نتمنى أن نصنع رئيساً، ولكن التمني شيء والواقع شيء آخر».
وتابع فرنجية: «إذا كان مطلوباً رئيس للجمهورية من 8 آذار، وتم التفاهم مع 14 آذار ورئيس حكومة منها، عندها تكون لي حظوظ»، لكنه قال: «أنا لا أسعى لأن أكون رئيساً للجمهورية، ولن أبدل مواقفي في سبيل الوصول إليها، وفي حال تخلى العماد عون عن ترشحه فأنا حتماً مرشح 8 آذار، وأنا أثق بان العماد عون ملتزم في خطنا السياسي وهو لن يغير مواقفه». وأعلن أنه «إذا اتفق عون وجعجع، على أي أسم لرئاسة الجمهورية فنحن غير ملتزمين به».
وأشار إلى أن «التواصل مع الرئيس سعد الحريري هو تواصل إنساني»، معتبراً أن «الحوارات الجارية في لبنان تنفس الاحتقان في الشارع»، لافتاً إلى أن «الجو بيننا وبين القوات اللبنانية إيجابي ضمن ثوابتنا، وكل واحد في موقعه». وأكد أن «الجو المسيحي أكبر منا جميعاً، واذا داعش هاجم زغرتا فسنكون مع القوات في خندق واحد».
وأعلن أنه يدعم الجنرال شامل روكز لقيادة الجيش. وقال: «إذا خيرت بين روكز أو العماد جان قهوجي فأقول على الملأ شامل روكز، أما بين الفراغ أو التمديد للعماد قهوجي فنحن مع التمديد للأخير، أما بمسألة رئاسة الجمهورية فنحن نثق بالعماد قهوجي من بين الوسطيين».
لجنة الرقابة تمر رغم تحفظ 6 وزراء
على خط آخر، خيمت أجواء هادئة على جلسة مجلس الوزراء أمس ولم يتخللها سوى نقاش طويل حول لجنة الرقابة على المصارف استمر لنحو ساعتين، وانتهى بتحفظ 6 وزراء على تعيين سمير حمود رئيساً للهيئة بدلاً من أسامة مكداشي، وتعيين جوزيف سركيس بدلاً من أمين عواد والتجديد للأعضاء منير اليان، أحمد صفا، سامي العازار. ما يعني أن آلية عمل الحكومة الجديدة ترجمت في هذا البند.
وأشارت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى «أن رئيس الحكومة تمام سلام أعلن في الجلسة أنه لا يمكن أن يقبل بأن تكون الهيئة عرضة للتجاذبات السياسية». وأكدت أن ملف النفط سيطرح على طاولة مجلس الوزراء قريباً، بغية حسم موضوع مرسومي النفط».
تصويب مستقبلي على الحوار
وفيما تعقد الجولة الثامنة من الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في 18 من الجاري في عين التينة بحضور وزير المال علي حسن خليل، واصل بعض قيادات «المستقبل» التصويب على الحوار. وفي هذا الإطار، أكدت مصادر التيار لـ«البناء» أن «الحوار مع حزب الله لا يتعدى الحوار الشكلي، فنحن لا نتفق معه على أكثر من 5 في المئة من المسائل المطروحة، أما الـ 95 في المئة الباقية فهي محط خلاف جوهري».
ولفتت من جهة أخرى، أن الخطة الأمنية لبيروت والضاحية الجنوبية، لم تبدأ بعد، وهي تنتظر عودة وزير الداخلية نهاد المشنوق من الجزائر». وأشارت المصادر إلى أن «الخطة الأمنية لبيروت تعني بيروت خالية من السلاح، لكن هل يمكن لحزب الله أن يسلم سلاحه»؟
كنعان يترأس اللجان
على خط آخر، برز قرار لافت لرئيس مجلس النواب نبيه بري بتكليفه رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بترؤس جلسة اللجان المشتركة المخصصة لمتابعة ودرس ما وصل إليه موضوع سلسلة الرتب والرواتب في القطاع العام. ومن المقرر أن يلتقي كنعان هيئة التنسيق النقابية عند العاشرة من صباح الثلاثاء المقبل أي قبل انعقاد الجلسة عند العاشرة والنصف.
وفي السياق، اعتبر عضو كتلة القوات اللبنانية النائب أنطوان زهرا لـ«البناء» أنه من غير المفيد «أن يكلف النائب كنعان بترؤس اللجان المشتركة التي وفق النظام الداخلي يترأسها رئيس المجلس أو نائبه».
ولفت إلى «أن موازنة عام 2015 المعروضة على مجلس الوزراء تتضمن الإجراءات المرافقة للسلسلة، لا سيما أن ترشيد الإنفاق مستحيل في ظل غياب الموازنة».
وشدد على «أن موقف القوات من الجلسة العامة سيحدد بعد الدعوة التي سيوجهها الرئيس بري، ليبنى على الشيء مقتضاه»، مشيراً إلى «أننا لا نزال على موقفنا من تشريع الضرورة المتعلق بإعادة إنتاج السلطة».
إلى ذلك، يشارك الرئيس سلام في المؤتمر الاقتصادي العربي الذي يعقد اليوم وغداً في شرم الشيخ على أن يلتقي عدداً من رؤساء الدول المشاركين من بينهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.