اقتراب النهايات
عدي رستم
فرضت الإنجازات العسكرية التي حققها الجيش السوري في الجنوب والمقاومة اللبنانية في مزارع شبعا، قواعد اشتباك جديدة، وكسرت حاجز توازن الرعب لصالحهما من خلال العمليات التي قاما بها على مرمى من العين «الإسرائيلية»، ما جعلها غير قادرة إلا أن تركن لعجزها ، الأمر الذي أعطى الفرصة للاعب التركي بأن يتسلم الملف السوري، محاولاً أن يفرض وجوده بأوراقه ليحظى بالنصيب الأكبر عند إنجاز التسويات.
عند إعادة قراءة المشاهد الدرامية للحرب على سورية، نتوقف أمام مجموعة لحظات تكتنف كلّ العوامل ويصبح التاريخ مبنياً على قرار أو خطوة عندها تتكثف الصراعات.
من تلك اللحظات، إسقاط الطائرة التركية من قِبل الدفاعات الجوية السورية، حيث لُخّصت الإمبراطورية العثمانية في عقل أردوغان الصغير في هذا الموقف ، لكنّ هذه اللحظة تُرجمت بالانكفاء خلفاً لعدم قدرته إلا على الصراخ عالياً بعدما كثُر حديثه عن استعداده لإنشاء المنطقة العازلة ومنطقة الحظر الجوي، ليأتي ذلك المشهد قاسماً فيصلاً مبيناً أنّ عدم القدرة على القيام بأي خطوة ميدانية، لا يُترجم إلا بالصراخ عالياً والانكفاء والتراجع.
يأتي العبث التركي في الجبهة الشمالية، بعد الصفعة المدوّية التي وُجهت إلى السعودية عبر الإنجازات العسكرية الميدانية في ريف دمشق وبعد المعارك مع «جيش الإسلام» بقيادة زهران علوش، ليتكامل هذا المشهد مع العمليات التي قام بها الجيش السوري في كلّ من درعا والقنيطرة، لتشكل اندفاعة تحقق نتائج مذهلة أهمها منع العدو «الإسرائيلي» من التجرؤ على الدخول في الحرب.
يتصرف التركي الآن بمنطق حلاوة الروح، وهو منطق مفهوم لدولة تريد أن تملأ فراغاً استراتيجياً في لحظة انفلات تاريخي، إما لتحقيق مكسب معيّن أو لتحسين الموقع التفاوضي، وخصوصاً بعد الاتفاق الأميركي ـ التركي على تدريب مجموعة من المعارضة «المعتدلة» ودخول القوات التركية إلى مناطق تحت سيطرة تنظيم «داعش» من دون أن تحصل أية اشتباكات بينهما.
تتصاعد المؤشرات الإقليمية في خطها البياني من خلال الوصول إلى لحظة الذروة في المفاوضات الإيرانية – الأميركية حول البرنامج النووي الذي بدت مؤشراته من خلال زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى السعودية لتبليغ الحلفاء بإعادة التموضع الجديد، على الشكل التالي:
– إنجازات الجيش السوري وحزب الله في الجنوب تربك «إسرائيل».
– معارك الشمال تُحسم لصالح الدولة السورية.
– التفاهم الإيراني – الأميركي يرفع الصراخ التركي عالياً.
– التفاوض يجري على صفيح ساخن.
كلّ هذه مؤشرات تختصر المشهد بدلالاتها على اقتراب النهايات.