مخيمات الفلسطينيين في لبنان تفتح صفحة تعاون مع الدولة ضدّ الإرهاب
يوسف المصري
تنطلق حالياً في المخيمات الفلسطينية في لبنان تطبيقات إنشاء قوة أمنية فلسطينية تحاكي القوة الأمنية التي تمّ تشكيلها في مخيم عين الحلوة تحت ضغط ضرورات ضبط المجموعات التكفيرية المتفلتة فيه والموجودة في حيّيْ الطوارئ والتعمير، وأيضاً تحت ضغط تسرّب هاربين إرهابيين من الشمال والالتجاء إليهما.
ومن المفترض أن تعمّم تجربة القوة الأمنية الفلسطينية في عين الحلوة والتي يتلخص جانب من هدفها الهام بإنشاء تنسيق في شأن ضبط الحراك الإرهابي داخل المخيمات مع الدولة اللبنانية، إلى مخيمات المية ومية والبص والرشيدية ومن ثم مخيم برج البراجنة وامتداداً حتى مخيمات أخرى.
وخلال نقاش تعميم تجربة القوة الأمنية الفلسطينية في مخيم عين الحلوة على مخيمات أخرى، كان برز تحفظ من الدولة اللبنانية في البداية تحت عنوان أن تعميمها قد يوحي بأن الدولة تشرعن أو تعترف بالأمن الذاتي الفلسطيني، وأن موجبات قبول الدولة بإنشاء هذه القوة في عين الحلوة يقع في خانة الإجراء الاستثنائي، ويجب أن تكون يتيمة ومحصورة داخل هذا المخيم فقط. ولكن مؤخراً تم تجاوز هذا التحفظ على اعتبار أن حالة الحرب المفتوحة مع الجماعات الإرهابية التي هناك توجس في شأن أن يكون لديها أجندة تصعيد في لبنان خلال هذا الربيع، تحتم تعميم تجربة القوة الأمنية في عين الحلوة على مخيمات أخرى، وذلك لسببين اثنين على الأقل ، أولهما نجاحها لحد مقبول في عين الحلوة وثانيهما ضرورة تحصين الساحة الفلسطينية في لبنان لمنع اختراقها من قبل الجماعات التكفيرية. وهذا الهدف يستلزم عملاً مشتركاً لبنانياً فلسطينياً.
وبحسب مصادر مطلعة فان قرار تبريد الأجواء الأمنية والسياسية داخل المخيمات الفلسطينية، ينتظر أن يشهد المزيد من الفعاليات التي تدعمه خلال المرحلة المنظورة. وتقول هذه المصادر إن أبرز ما هو مطلوب لإنتاج حالة تحصين المخيمات يتمثل باتخاذ عدة خطوات منها تعميق الانسجام الأمني ضد تسرب الإرهابيين إلى داخل المخيمات بين الدولة اللبنانية وبين الفصائل الفلسطينية داخلها. وحتى هذه اللحظة يوجد تقويم مشترك فلسطيني ولبناني بأن تجربة التنسيق الأمني بين الطرفين في مخيم عين الحلوة كانت إيجابية. وحالياً تبدي الفصائل الفلسطينية تعاوناً مسؤولاً مع الدولة اللبنانية بخصوص أنها تقوم بإطلاع الأجهزة الأمنية اللبنانية على كل عنصر يتم إلحاقه في القوة الأمنية في المخيمات الجاري العمل لتعميم تجربة إنشاء هذه القوة فيها.
أما الأمر الثاني الذي يحتاج لمعالجة جدية لإراحة الأجواء الأمنية في المخيمات فيتمثل بتسوية الأوضاع الأمنية لنحو خمسة آلاف فلسطيني في مخيم عين الحلوة. فهؤلاء يوجد بينهم فقط نحو خمسمئة فلسطيني هناك ضدهم تهم أمنية مختلفة وتعتبر بين خطرة وأقل خطورة. أما الباقون 4500 مطلوب فتهمهم ثانوية كإطلاق النار في المناسبات أو كتابة شعارات على الجدران، الخ…
ومن بين الخمسمئة الأخيرين يوجد نحو خمسين مطلوباً يعتبرون خطرين أمنياً، ويوجد ضدهم اتهامات خطرة. وهؤلاء يفترض معالجة ملفاتهم في شكل حازم.
والواقع أن الصورة الآنفة تظهر أن المشكلة الأمنية داخل عين الحلوة يسيرة ويمكن علاجها عن طريق ورشة عمل أمنية وقانونية تؤدي إلى تسوية أوضاع 4500 مطلوب بتهم بسيطة، فيما تتم معالجة الخمسمئة مطلوب الآخرين على نحو خاص ووفق معايير محددة. فيما المشكلة تظل متلخصة بخمسين مطلوباً فقط.
وتلفت المصادر عينها النظر إلى أنه من أصل 120 ألف لاجئ يقيمون في عين الحلوة، فإنه يوجد خمسة آلاف مطلوب بتهم أكثرها غير ذات بال، فيما كل القصة تتعلق بخمسين مطلوباً خطرين من أصل خمسمئة مطلوب هناك حاجة للتدقيق بملفاتهم الأمنية.
تختم هذه المصادر أن قضية الأمن في المخيمات الفلسطينية التي يعتبر عين الحلوة أهمها، يبدو حلها سهلاً فيما لو توافرت إرادة تسهيل الحلول من قبل الدولة اللبنانية وإرادة التعاون مع الأجهزة الأمنية والدولة من قبل الفصائل الفلسطينية، وهما أمران يبدو أنهما متوافران في هذه اللحظة.