كيري وظريف حتى الجمعة في لوزان ووزراء الخمسة ينتظرون بعد أميركا… أوروبا: نتحدث معه… والأسد يردّ… نريد الأفعال
كتب المحرر السياسي
محوران متلازمان في صياغة المشهد الإقليمي على الساحة الدولية، يتصدّران اهتمام الدول الكبرى، التي يستنفر وزراء خارجيتها في مكاتبهم بلا مواعيد هامة لا يمكن إلغاءها، بانتظار اتصال معاونيهم الموجودين في لوزان بسويسرا، ضمن محادثات الملف النووي الإيراني على مستوى المدراء السياسيين لوزارات الخارجية في بلدان الخمسة زائداً واحداً وإيران، بعدما وضعت مفاوضات وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والإيراني محمد جواد ظريف الإطار شبه النهائي لصيغة الاتفاق، الذي صاغ بنوده التقنية الوزير علي أكبر صالحي المسؤول عن الملف النووي في إيران ووزير الطاقة الأميركي أرنست مونيز، وتركا للمدراء الديبلوماسيين رسم الخطوات التنفيذية من جهة، والالتزامات المتبادلة من جهة ثانية، وتحويلها إلى جداول زمنية متبادلة، بينما ينتظر كلّ من الوزيرين كيري وظريف، في لوزان ويتابعان عن كثب عمل اللجان، بعدما مهّد ظريف في زيارته إلى بروكسيل ولقائه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، الطرق لحوارات إيجابية قطعاً للطريق على أفخاخ تعرقل تقدّم التوصّل إلى التفاهم، وينتظر كيري وظريف الدخان الأبيض، لينضمّا مع وزراء دول 5+1 إلى الاجتماع الموسّع الذي يفترض أن يختتم المفاوضات، ويعلن التفاهم النهائي قبل التوجه إلى مجلس الأمن الدولي، الذي بات كلّ شيء فيه جاهزاً لإصدار قرارات تمّت صياغتها بعناية لضمان تنفيذ الالتزامات المتبادلة التي يتضمّنها الاتفاق، ومنحه الشرعية الدولية، ونزعه من لعبة المزايدات في التطبيق السياسي للقوانين الوطنية للدول المعنية، خصوصاً بالنسبة إلى ضمان رفع العقوبات.
أما على ضفة التسليم بانتصار الرئيس السوري بشار الأسد من قبل دول الغرب وخصوصاً أميركا والاتحاد الأوروبي، تواصل الإرباك والارتباك، فبعد كلام وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن ضرورة التحدّث إلى الرئيس السوري والتفاوض معه، تراجعت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ومثلها الناطق بِاسم البيت الأبيض عن حرفية النصّ، وحوّلته إلى كلام تقليدي، بينما كانت مفوّضة شؤون السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تعلق على كلام كيري بالقول: نحن نؤمن بحلّ يضمّ كلّ الأطراف، ومن ضمنهم النظام الذي يوالي الأسد، وهذا يستدعي التحدث مع الجميع، فعملياً نحن نتحدث معه، بينما خفف الرئيس السوري من قيمة كلّ التصريحات، قائلاً: يهمّنا أن نرى الأفعال، وليس سماع الكلام.
مصادر متابعة في أوروبا وصفت الإرباك والارتباك، حول العلاقة الأميركية والأوروبية بسورية، بالعمل المدروس لجسّ النبض والتمهيد، وهذه حالات معروفة في سجل الديبلوماسية، حيث يصدر تصريح صادم ويتمّ التراجع عن نصفه بالتوضيحات، ليتضح بعد حين، أنّ الهدف كان إحداث الصدمة، ومن ثمّ امتصاص نتائجها، وتقديم جرعات مشابهة، حتى تحين ساعة التغيير الشامل، مشيرة إلى أنّ الأقرب إلى الواقع في التعبير عن الموقف الأميركي الحقيقي هو ما قاله كيري، الذي لا يكنّ وداً للدولة السورية، والذي لم يكن في سياق حديث سجالي يخرجه من السياق بل متعمّداً أن يقول ما قال، وكلّ ما لحق كلامه كان مبرمجاً للتعامل مع ردود الفعل السلبية المتوقعة سلفاً.
لبنانياً يبدو الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، قد نجح في تخطي الأفخاخ التي وضعها الرئيس فؤاد السنيورة لنسفه، فقد نجحت العناية الفائقة لرئيس مجلس النواب نبيه بري، بجعل النقاش حول تحصين الحوار مادة أولى لجلسة حوار الغد، بدلاً من تبادل النصائح وتسجيل المواقف من خارج مائدته.
على رغم استياء رئيس المجلس النيابي نبيه بري من بيان 14 آذار الأخير إلا أنه مصمّم على الحفاظ على الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، وتجاوز محاولات تفجيره من قبل بعض قيادات «المستقبل» الذي عبّر عن توجههم هذا الرئيس فؤاد السنيورة بوضوح.
وعشية انعقاد الجولة الثامنة من الحوار، غداً في عين التينة لاستكماله بحضور وزير المال علي حسن خليل، نقل زوار الرئيس بري عنه لـ«البناء» انزعاجه من البيان الذي تلاه السنيورة، وأشاروا إلى «أنّ رئيس المجلس حريص على استمرار الحوار ومستغرباً محاولات النيل منه».
وأكدت مصادر عين التينة لـ«البناء» «أنّ الحوار ضروري لأنّ البديل عنه سيّئ جداً»، مشيرة إلى «أنّ الفريقين مسؤولان في الرجوع إلى طاولة الحوار غداً وتحمّل مسؤوليتهما في حفظ البلد والاستمرار في المساعي لتخفيف الاحتقان».
ولفتت المصادر إلى «أنّ كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد جاء رداً على كلام السنيورة»، مشيرة إلى «أنّ من يدقّ الباب يسمع الجواب، إلا أنّ ذلك لا يعني قطع أوصال الحوار بين الطرفين المحكومين بالاستمرار في التواصل».
من جهته، أكد النائب عمار حوري لـ«البناء» أنّ تيار المستقبل ثابت على مواقفه ولن يتراجع عن انتقاد حزب الله في ما يتعلق بسلاحه وتدخله في سورية، وعدم تعاونه مع المحكمة»، مشيراً إلى «أننا لا نهاجم حزب الله بل نقوم بتوصيف ما يقوم به».
أما في ما يتعلق بالحوار فأكد حوري «أننا مستمرون في الحوار علناً نحدث خرقاً في موضوع الانتخابات الرئاسية، وتخفيف الاحتقان المذهبي»، نافياً حصول انتكاسة في الحوار. وأشار إلى «أنّ المجلس الوطني لـ14 آذار هو عبارة عن برلمان 14 آذار وإطار سياسي لجميع اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين».
حزب الله: بأيّ كلام نأخذ؟
في المقابل، أكد رئيس المجلس السياسي في الحزب إبراهيم أمين السيد «أن بيان 14 آذار انتهى في 15 آذار، هؤلاء الذين فرحوا حينما سيطر داعش على الموصل وكركوك، هم يكذبون إذا قالوا إنهم ضدّ الإرهاب، إنهم يشعرون بالحزن والألم والفشل والسقوط كلما سقط داعش في أي مكان، هؤلاء أسمّيهم الداعشية السياسية في لبنان. هؤلاء يجب أن يشكروا حزب الله لأنه يبقيهم على قيد الحياة السياسية، فليست لديهم مشكلة إلا حزب الله، يا ليتهم قدّموا لنا برنامجاً بالأمن والاستقرار والاقتصاد وحلّ مشاكل الوطن، هؤلاء أين هم وأين المنطقة، وفي أي زمن يعيشون؟ يتحدثون عن إيران، وبعد أسبوعين أو ثلاثة أسابيع سيوقع الاتفاق بين إيران ودول العالم».
وأضاف: «يتحدثون عن إيران والرئيس سعد الحريري يقول بعد لقائه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي نحن لدينا ملاحظات على إيران ولكننا لسنا ضدّ إيران، ونأمل بأن تكون هناك علاقات بيننا وبين إيران يؤخذ فيها في الاعتبار مصالح لبنان ومصالح إيران، فبأيّ كلام نأخذ ببيان 14 آذار أم بكلام الرئيس الحريري»؟
«14 آذار» تطيّر جلسة اللجان اليوم
من ناحية أخرى، تبدأ اليوم الدورة العادية لمجلس النواب، وفيما كان من المرجح أن يدعو الرئيس بري إلى جلسة عامة نهاية الشهر الجاري لإقرار عدد من مشاريع واقتراحات القوانين المتعلقة بسلسلة الرتب والرواتب، وقانون الانتخاب، والإيجارات، لن تعقد اليوم جلسة اللجان المشتركة التي كلف الرئيس بري رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بترؤسها لمتابعة درس السلسلة، لعدم اكتمال النصاب مع مقاطعة نواب 14 آذار من تيار المستقبل والقوات والكتائب الجلسة بحجة أنّ ترؤس كنعان الجلسة يعدّ مخالفة للنظام الداخلي.
وإذ أكد النائب حوري لـ«البناء» أنّ تيار المستقبل لن يشارك اليوم في الجلسة بسبب ترؤس كنعان لها»، أشار إلى «أنّ أحد نواب الكتلة سيحضر إلى ساحة النجمة ويعقد مؤتمراً صحافياً يفند فيه أسباب مقاطعة «المستقبل» للجلسة». ولفت حوري إلى أنه «لا يجوز لكنعان أن يترأس الجلسة، فالمادة 39 من النظام الداخلي للمجلس تؤكد على ترؤس اجتماع اللجان رئيس المجلس النيابي أو نائبه».
وإذ اعتبر «أن لا جلسة عامة لإقرار السلسلة»، شدد على أنه «لا يمكن المرور إلى إقرار السلسلة قبل إقرار الموازنة التي تلحظ كلّ الإجراءات التي تموّل السلسلة»، ورأى أنه «لا يجوز للحكومة أن تستمرّ في الصرف من دون موازنة».
في المقابل، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض لـ«البناء»: «أننا سندعو إلى التعاطي بجدية مع سلسلة الرتب والرواتب والإسراع في إقرارها على قاعدة إعطاء الناس حقوقهم كاملة، خصوصاً أنّ النقاشات السابقة حول توفير الموارد لتمويل السلسلة قطعت شوطاً بعيداً وهي تؤمن المبالغ المطلوبة».
وأشار فياض إلى «أنّ تعطيل العملية التشريعية خصوصاً في ظلّ الحاجة إلى البت بقضايا ملحة تتصل بمصالح الناس، يعدّ عدم اكتراث لمصالحهم وتمادياً في تعطيل مؤسسات الدولة».
إلى ذلك، دعا حزب الكتائب مع بدء العقد العادي لمجلس النواب، إلى «عدم التفريط بحبة واحدة منه، وتحويل أيامه إلى ورشة انتخابية، ثم تشريعية، تفضي أولاً وأساساً إلى انتخاب رئيس للجمهورية الذي ثبت بالممارسة أنه أكثر من ملحّ وضروري، وأنه ناظم العلاقات السوية بين المؤسسات الدستورية، بدليل الاشتباك السياسي حول صلاحيات مجلس الوزراء ومجلس النواب بسبب الشغور الرئاسي».
واعتبر بعد اجتماع المكتب السياسي للحزب برئاسة الرئيس أمين الجميّل، «أنّ إبقاء البلاد من دون رئيس للجمهورية، فمعناه الدستوري والواقعي تفريغ النظام وتعطيله، واستمرار مفهوم الشراكة الجماعية في مجلس الوزراء، وتشريع الضرورة في البرلمان المتصل فقط بعملية انبثاق السلطة».
اشتباكات في الجرود
وتواكبت الأجواء السياسية المحمومة، مع استمرار التوتر بين الجيش اللبناني والجماعات الإرهابية، على جبهة جرود عرسال ورأس بعلبك. وأمس رصد الجيش مجدّداً تحركات ومحاولات تسلل للمجموعات المسلحة الإرهابية في جرود رأس بعلبك، فسارع إلى التعامل معها بالأسلحة المدفعية المناسبة. وسمعت بوضوح أصوات القذائف المدفعية والراجمات في المنطقة.
ومساء، أحبط الجيش محاولة تسلل على حاجز وادي حميد في عرسال، وأفيد عن سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف المسلحين.
وأوضحت مصادر أمنية لـ«البناء» أنّ عملية التسلل في جرود عرسال هي محاولة لإشغال الجيش في تلك المنطقة بهدف التسلل باتجاه رأس بعلبك عبر محور تلة الحمرا وتلة حرف الحرش.