السلسلة عالقة بين فكيّ الموازنة وحسابات السنيورة
هتاف دهام
تعقيد مستجد طرأ على سلسلة الرتب والرواتب التي كان من المفترض أن تقر منذ أربعة أعوام، فأرجأها من جديد إلى أجل غير مسمى، ويبدو أنه سيرجئ الهيئة العامة التي كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ينوي الدعوة اليها في أول نيسان لدرس جدول أعمال مصنف تحت عنوان تشريع الضرورة، بعد أن تعذر على اللجان النيابية المشتركة إنجاز عملها. ويتمثل هذا التعقيد في ربط كتلتي تيار المستقبل والقوات اللبنانية إقرارها بإقرار الموازنة، هذا فضلاً عن أن ثمة مؤشرات تربط السلسلة بمعالجة الملفات المالية العالقة منذ 2005 حتى اليوم، وتجري اتصالات مكثفة للتأكد من نية الرئيس فؤاد السنيورة في هذا الشأن.
بدأ العقد العادي للمجلس النيابي وهو أول ثلاثاء يلي الخامس عشر من آذار وينتهي في آخر أيار، بالتعطيل المستقبلي للجان المشتركة التي لم تستكمل البحث في سلسلة الرتب والرواتب من حيث انتهت الجلسة الأخيرة، بحجة أنه لا يحق لمقرّر اللجان النائب ابراهيم كنعان، بحسب البيان الذي تلاه النائب عن كتلة المستقبل جمال الجراح ترؤس الجلسة، على رغم أنّ الجلسة هي استكمالية، ويحق لكنعان في هذه الحالة أن ينوب عن رئيس اللجان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الموجود خارج لبنان، وبالتالي ترؤس الجلسة كونه المقرّر في اللجنة بحسب القانون.
عندما دعا رئيس مجلس النواب إلى اجتماع اللجان المشتركة، فهو دعا على قاعدة ما رشح أنّ رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة يبدي موقفاً ايجابياً لإقرار السلسلة، ليتبيّن لاحقاً في الاجتماعات الجانبية التي عُقدت ومثل فيها النائب جمال الجراح كتلة المستقبل، والاجتماع الذي عُقد في منزل الرئيس السنيورة في بلس، أنّ إقرار السلسلة لن يسبق إقرار موازنة 2015 والتصديق على قطع حساب 2013. حاول السنيورة إقناع الرئيس بري بإرجاء الجلسة، علّه يستطيع أن يمرّر ما يريد لكنه لم ينجح، فحنكة الرئيس بري تتفوّق على حنكة الرئيس السنيورة الذي اتصل برئيس الحكومة تمام سلام محاولاً دفعه إلى عرض الموازنة على مجلس الوزراء، تمهيداً لتحويلها إلى المجلس النيابي، لكنه لم يلقَ أي جواب دقيق، على رغم أنّ وزارة المال قد أنجزت إعداد مشروع الموازنة لعام 2015 وأحالته على مجلس الوزراء قبل انتهاء المهلة الدستورية في آب الماضي، وأشار وزير المال علي حسن خليل إلى «أنّ طرح موضوع الموازنة صحي، لكن يجب أن لا يعطل هذا الأمر أمراً آخر، ويمكننا أن نقرّ السلسلة والموازنة معاً، أو في شكل منفصل ولا مشكلة لدينا، وكذلك فعل وزير التربية الياس بو صعب الذي أيد أيضاً إقرارالسلسلة والموازنة معاً، الا أنّ عدم عرض الموازنة على مجلس الوزراء يعود بحسب مصادر وزارية إلى»أنّ الدخول في تفاصيلها لجهة درس النفقات والواردات والضرائب سيكون موضع خلاف، ولذلك يتجنّب رئيس الحكومة إدراجها على جدول الأعمال».
السلسلة عالقة بين فكي الموازنة وقطع حسابات السنيورة منذ عام 1993 التي لم ترفق بأرصدة الحسابات خارج الموازنة والسلفات والقروض. وربط السلسلة بالموازنة يعني تأجيل السلسلة من 5 إلى 6 أشهر، فلو افترضنا أنّ مجلس الوزراء سيباشر في مناقشتة الموازنة ودرسها في جلسة الغد الخميس، وفيما لو افترضنا أنّ الحكومة ستحوّل مشروع الموازنة في غضون شهرين، إلى المجلس النيابي، فإنّ انتقالها من لجنة المال إلى الهيئة العامة، ومن الهيئة العامة في حال لم يتمّ التوافق عليها إلى اللجان المشتركة، يعني عملياً أنّ الموازنة لن تقرّ قبل الخريف المقبل، ويعني ذلك أنّ الموعد مع السلسلة لا يزال بعيداً، علماً أنه على مدى السنة الماضية، كلّ النقاشات التي خاضتها الكتل لم تكن مرتبطة بإقرار الموازنة، إنما إصدارها بقانون خاص أو من خلال اعتماد إضافي استثنائي.
وأوضح النائب عن كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض «أنّ الفريق الآخر لا يريد إقرار السلسلة إنما يربطها بكلّ الملفات العالقة في البلد، وهذا يعني عرقلة إقرارها». وأبدى خشيته من «أن يكون هذا الأمر جزءاً من تصعيد سياسي تشير إليه بعض المؤشرات، لا سيما أنّ من صلاحيات المجلس النيابي إصدار السلسلة وتغطية اعتماداتها من خلال قوانين خاصة».
في حين أنّ النائب الجراح اعتبر أنّ الموازنة التي رفعت من وزارة المال تضمّنت كلّ الواردات المخصّصة لتمويل السلسلة ولم تتضمّن النفقات . وعلى رغم جاهزية وزارة المال من الناحية التقنية في تعاطيها مع ملف السلسلة ولإقرارها وفقاً للمشروعين الموجودين لدى وزارة المال، إلا أن الجراح دعا «لتتضمّن الموازنة التي من المفترض أن تقدمها الحكومة الأرقام المتفق عليها حتى الآن في سلسلة الرتب والرواتب، وعلينا ان نعلم كم تبلغ نفقات السلسلة وهذا الأمر يحتاج الى نقاش وبحث».
وفي مقابل، محاولات الرئيس السنيورة تبرئة مخالفاته التي ارتكبها في الحكومات المتعاقبة، فإنّ الجراح حاول على غرار زملائه في الكتلة إعطاء السنيورة صك براءة من «الفساد المالي» بإشارته إلى «أنّ «الـ13 ملياراً التي أنفقت أثناء حكومة الرئيس السنيورة دفعت ضمن ثلاثة بنود: دعم الكهرباء والرواتب وخدمة الدين».
وكانت انطلقت الجلسة التي شهدت حدة في النقاش حيث وصلت أصوات النواب العالية النبرة وأعضاء هيئة التنسيق التي انقسمت بين مؤيد لوزير التربية، ومؤيد للنائب كنعان الى خارج القاعة العامة، بمداخلات تراوحت بين من دعا إلى عقد الجلسة، وبين من دعا إلى رفع الجلسة التي بحثت في وحدة التشريع بين العام والخاص الذي لم يقرّ في الجلسة الأخيرة للجان المشتركة في تشرين الأول الماضي، على رغم تأكيد النائب كنعان يومذاك لرئيس نقابة المعلمين في المدارس الخاصة نعمة محفوض أنّ وحدة التشريع قد أقرّت. وشدّد النواب خلال الجلسة على الالتزام بالمادة 12 الواردة في مشروع القانون، وطالب محفوض الذي تأكد أنّ وحدة التشريع لم تقرّ في الجلسة السابقة أن تخضع المدارس الخاصة للزيادات نفسها التي تعطى للقطاع العام.
وكان سبق الجلسة لقاء بين كنعان وووزير الدفاع الوطني سمير مقبل في مكتب الأول جرى خلاله بحث في سلاسل العسكريين التي أنجزت، ولقاء آخر لكنعان مع أعضاء من هيئة التنسيق النقابية ضمّ نعمة محفوض ومحمود حيدر. في حين التقى عدد آخر من أعضاء هيئة التنسيق برئاسة رئيس رابطة التعليم الثانوي عبدو خاطر في أحد المطاعم المجاورة للمجلس، وزير التربية بحضور النائب علي بزي.
وكانت هيئة التنسيق سلّمت اللجان المشتركة ملاحظاتها على السلسلة المتعلقة بتصحيح الدرجة التي يعيّن فيها أستاذ التعليم الثانوي فئة ثالثة ، بتعيينه في الدرجة 25 على الجدول المقترح ورفع مؤهّل الدخول إلى التعليم الثانوي أن يكون حائزاً على شهادة الماجستير في الاختصاص المطلوب، إعطاء معدل تصحيح غلاء معيشة واحد 121 في المئة على رواتب 1996 لجميع القطاعات وعدم احتساب الدرجات العشر والنصف درجة المستعادة والمكرّسة بالقوانين 148/99 و551/2003 و159/2011 كغلاء معيشة لأنها مقابل زيادة في ساعات العمل ولا عمل من دون أجر، إعطاء نسبة درجة واحدة لجميع القطاعات، إعطاء عشر درجات استثنائية لأساتذة التعليم الثانوي تدخل في أساس الراتب اعتباراً من تاريخ نفاذ القانون، إعطاء المتعاقدين في التعليم الثانوي الرسمي نسبة الزيادة نفسها التي لحقت بالأساتذة في الملاك، احتساب الدرجات الاستثنائية للمتقاعدين في التعليم الثانوي، إلغاء التقسيط لأن التقسيط يفقد الزيادة قيمتها، وعملاً بمبدأ المساواة مع القضاة والأساتذة الجامعيين، التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية ووفق الحاجة، إجراء مباراة لتعيين 1223 أستاذاً ثانوياً باشر مجلس الخدمة بتنفيذها، تفعيل دور مؤسسات الرقابة من تفتيش ومجلس خدمة مدنية وديوان محاسبة، تطبيق مبدأي الثواب والعقاب، إلغاء أي ضريبة تطاول الفئات المتوسطة والفقيرة، بحيث يؤخذ باليمين ما أعطي باليسار. كذلك وزع رئيس رابطة موظفي الادارة العامة محمود حيدر ملاحظات الرابطة في اجتماع اللجان المشتركة والمتعلقة بانصاف الموظفين الاداريين ورفع الغبن اللاحق بهم والذين لم تتعدل رواتبهم طيلة 18 سنة ومساواة رواتبهم مع رواتب باقي القطاعات الوظيفية في الدولة، دفع المفعول الرجعي للسلسلة من 1/7/2012 أسوة بباقي القطاعات ومن دون تقسيط، أن تشمل السلسلة كافة العاملين في الادارة، اجراء – متعاقدين – عاملين على الساعة وبالفاتورة والمياومين والمتقاعدين، زيادة راتب الفئة الثالثة الى 1.750.000، زيادة نسبة الدرجة الى 5 في المئة من أساس الراتب، اعطاء الموظف المرفع من فئة الى فئة أعلى درجة عن كل ثلاث سنوات خدمة تزيد على السنوات المطلوبة للترفيع، الرفض المطلق لأي زيادة في ساعات العمل، وقف بدعة التعاقد الوظيفي وفتح باب التوظيف عبر مجلس الخدمة المدنية وملء الشواغر في الفئتين الأولى والثانية من داخل الملاك وإعطاء الأفضلية لموظفي الإدارة مع مراعاة مبدأ الأقدمية، وعدم المس بالمعاش التقاعدي وإعادة احتسابه على أساس 100 في المئة بدل 85 في المئة.