تقرير إخباري

نيبال هنيدي

«إن السياسة في الحقيقة لها أكثر من وجه «هذه المقولة عمرها أكثر من نصف قرن ولكن سياسة الإدارة الأميركية المضطربة والعدائية تجاه سورية قد بلغت أكثر من ذلك بكثير، حيث تتقاطع في هذه الأزمة المصالح الاستراتيجية والخلافات ذات الأبعاد السياسية بين القوى الرئيسية في العالم والمنطقة.

فبعد أيام قليلة فقط من حديث كيري عن آفاق للحل السياسي والذي تجلى في تصريحه حول التفاوض مع الرئيس السوري بشار الأسد، أسقطت الدفاعات الجوية السورية طائرة معادية استطلاع من دون طيار شمال اللاذقية اخترقت الأجواء السورية من جهة البحر، وهي الأولى من نوعها منذ بداية الأزمة السورية.

فلماذا هذه المغامرة من أميركا بعد فشل تجربة تركيا من قبلها في القيام بأي عمل عسكري ضد الدولة السورية؟ ولماذا هذا الخرق للسيادة السورية من هذه المنطقة تحديداً؟

سبق أن أسقط الجيش السوري طائرة حربية تركية في حزيران 2012، واستهدف طائرة ثانية قالت تركيا إنها كانت في مهمة للبحث عن الطائرة الأولى، في محاولة يائسة للتقديم لعمل عسكري في سورية، ووصفت تركيا حينها إسقاط طائرة اخترقت الأجواء السورية بالاستفزازي وجاء ذلك عشية اجتماع دعت إليه تركيا لحلف شمال الأطلسي وسمته «اجتماع أزمة»، فيما صرح نائب رئيس الوزراء التركي بولنت أرينج حينها إن تركيا ستحمي نفسها في إطار القانون الدولي.

هذا القانون الدولي والذي تحركه واشنطن وعواصم الغرب والذي وافق على مشروع قرار أميركي يدين استخدام غاز الكلور في سورية ويهدد بفرض عقوبات على مستخدميه، ولكن اللافت هذه المرة أن القرار لم يتهم صراحة الدولة أو المسلحين بذلك واتسمت صياغة نصه، عمداً، بالضبابية في ما يختص بتداعيات عدم احترام بنوده. فهو يتضمن إشارة إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لكنه لا ينص على ذلك صراحة، فهل كانت الرسالة التي كانت تنوي واشنطن ارسلها عبر طائرتها هي تقديم لعمل عسكري تحت الفصل السابع، إذ أن من المعروف أن جبهة النصرة تسيطر على مناطق وقرى في ريف اللاذقية، وهو ما لا يروق كثيراً للتحالف الدولي، خصوصاً أنه قصف سابقاً مواقع للنصرة في ريف إدلب، وهو يعتبرها الفرع السوري لتنظيم القاعدة، في حين يرى مراقبون ان الطائرة كانت في مهمة استطلاعية أو عملانية وبالتالي سعي لضربة عسكرية لسورية بحجة قصف النصرة، في إطار التدخل العسكري في سورية.

هذا التهور الأميركي نسف كلام كيري عن استعداد بلاده للتفاوض مع الرئيس الأسد وليبقى ما تحدث عنه الأسد عن أن مواقف أميركا من الأزمة السورية اقتصرت فقط على التصريحات وأن علينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر، استئنائياً في أهميته، وجاء هذا العمل العدائي باختراق الأجواء السورية ليقطع الشك باليقين أن الإدارة الأميركية لا تعمل إلا في إطار مصالحها ورغباتها الخاصة ولا سيما في الأزمة السورية التي تمر بمخاض سيولد منه توازن ونظامان إقليمي وعالمي جديدان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى