تقرير الاستخبارات الأميركية يحذف إيران وحزب الله من قوائم الإرهاب حوار عين التينة يتخطى ألغام السنيورة ويشدّد على الاستقرار
كتب المحرر السياسي:
حذف التقرير السنوي الصادر عن جيمس كلابر مدير الاستخبارات الأميركية، إيران وحزب الله، من «قوائم الإرهاب». وهو التقرير الذي قدّمه كلابر إلى مجلس الشيوخ الأميركي، في 26 شباط الماضي، وأعاد كلابر سبب حذف إيران إلى جهودها في محاربة تنظيم «داعش». وذكر التقرير حزب الله مرة واحدة، في إشارة إلى التهديدات التي يواجهها من جماعات متشدّدة، مثل «داعش» و«جبهة النصرة»، بينما دان دعم طهران لنظام الرئيس السوري بشار الأسد. وفى التقرير السابق لكلابر الصادر في 2014، أدرج مدير الاستخبارات إيران وحزب الله ضمن قسم «الإرهاب»، موضحاً أنهما «يستمران في تهديد مصالح حلفاء الولايات المتحدة في شكل مباشر». وقال يومها: «إنّ حزب الله قد زاد من نشاطه الإرهابي الدولي خلال السنوات الأخيرة إلى درجة لم نلحظها منذ التسعينات». كما أنّ إيران كانت مدرجة في قسم «الإرهاب» في نسخ أعوام 2011 و2012 و2013 من التقرير ذاته.
هي المرة الأولى التي يصدر فيها تقرير استخباري أميركي عن التهديدات الإرهابية، ولا يرد فيه اسم إيران وحزب الله، واللافت بحسب المراقبين أنّ هذا يجري في توقيت متناسب ليس صدفة، مع محاولات متكرّرة تقوم بها واشنطن، لإرضاء إيران عشية الاقتراب من التوصّل إلى تفاهم تاريخي معها، والاعتراف بالاستعداد للتعامل إيجاباً مع حلفائها كما قرئ تصريح وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن التفاوض مع الرئيس السوري، أو على الأقلّ الامتناع بالتحدث عنهم بالسوء كما هو الصمت عن الاتهامات المعتادة بحق حزب الله.
محللون أميركيون يرون الأمر أبعد من ذلك، من دون نفي صلة الموقف النوعي الجديد بالمفاوضات الأميركية الإيرانية، فيربطون كلّ ما يجري بتبلور سياسة أميركية تضع رؤوس جسور للمرحلة المقبلة انطلاقاً من اليقين، بأنّ الحرب على سورية انتهت بفشل ذريع ولا بدّ من أثمان تدفع لصناعة التسويات في قلب الحرب على «داعش»، التي يتصدّرها حزب الله وتشكل سورية وجيشها قوتها المركزية، بينما يرى فريق ثالث أنّ الانخراط مع إيران وحلفائها هو إعلان ضمني بالعودة لتوصيات لجنة بيكر ـ هاملتون الصادرة عام 2006 بعد حرب تموز، والتي كان نسف مفاعيلها سبباً لكلّ الحروب الدائرة منذ ذلك التاريخ، وأهمّها كانت الحرب الفاشلة لإسقاط سورية، والرهان الخاسر على تركيا والسعودية وقطر و«إسرائيل» بتغيير قواعد اللعبة مع حلف المقاومة الذي دعت توصيات بيكر ـ هاملتون إلى الاعتراف بقواه كتيار صاعد في الشرق الأوسط والبحث عن التسويات الواقعية معه.
يوضع تقرير كلابر في التداول، بينما المفاوضات في لوزان السويسرية، تدخل يومها الخامس، ووزيرا خارجية أميركا وإيران، يلتقيان للمرة الرابعة، بحضور رئيس منظمة الطاقة النووية الإيراني علي أكبر صالحي ووزير الطاقة الأميركي أرنست موديز. ويشير المتابعون إلى أنّ التفاهمات دخلت مرحلة اللمسات النهائية، وأنّ نواب وزراء خارجية دول 5+1 سيصلون اليوم إلى لوزان، ليتبعهم الوزراء غداً الجمعة استعداداً لجلسة يفترض أن تكون ختامية، قبيل التوقيع على التفاهم في شكله النهائي، والتقاط الصورة التذكارية إذا سار كلّ شيء وفقاً للروزنامة المتفق عليها.
يوضع تقرير كلابر في التداول، بينما الحرب على الإرهاب، تنوء تحت ثقل الانتهاك الأميركي للأجواء السورية بطائرة استطلاع لقيت حتفها، على يد الدفاعات الجوية السورية، من دون أن تعلن واشنطن نتائج تحقيقاتها، واكتفت ببيانات باهتة تشير إلى امتصاص الصدمة أسوة بما قاله رئيس حكومة الاحتلال بعد عملية مزارع شبعا بعد تلقيه النصيحة الأميركية، التي يبدو أنه يرغب في ردّها إلى الأميركيين هذه المرة لولا سعيه إلى استرضاء واشنطن عشية مشاوراته لتشكيل حكومة جديدة، وإلا لما تردّد في مخاطبة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالقول، إنها ضربة موجعة لكنها لا تستحق حرباً، وتنوء الحرب على الإرهاب، على رغم التقدّم النوعي الذي يحققه الجيش العراقي مدعوماً من قوات الحشد الشعبي برعاية إيران، تحت ثقل التغطية الأميركية للدور التركي في حماية «داعش»، وتمركز وحداتها في ليبيا، للضرب يميناً ويساراً، لتعويم «الإخوان المسلمين» في ليبيا، كشريك في حلّ سياسي تصرّ عليه واشنطن، وتصرّ على شراكة «الإخوان» فيه، وهم حزب تركيا المدلل، والرهان على تغيير المعادلتين المصرية والتونسية بمجرّد عودة «الإخوان» إلى المشهد الليبي، وهم اليوم جزء فاعل من المشهد المغربية ولذلك يرعى الحلّ في ليبيا.
لا يغيّر تقرير كلابر من التغطية الأميركية لتركيا، واستخدامها المزدوج لـ«داعش»، وتمسّكها بدور «الإخوان المسلمين» في المشهد السياسي الجديد للمنطقة، وتونس التي نزفت أمس دماً غزيراً، إثر هجوم إرهابي، كانت نموذجاً عن اللعبة التي تدار في الكواليس، «داعش» ضرب، تركيا ترعى، قطر تموّل، واشنطن تصرّ على حلّ سياسي يشارك فيه «الإخوان»، المتمركزون بين تركيا وقطر، ويعود «الإخوان» من ليبيا والمغرب، وربما اليمن، ليصير التوازن في تونس مختلفاً فيتحسّن حضورهم، وصولاً إلى انتخابات مصرية تردّ لهم الاعتبار، ورهاناً على مقعد يحجز لهم في التسويات في سورية والعراق.
في لبنان، يبدو أنّ تيار المستقبل قد قرأ تقرير كلابر، فتغيّر السعي إلى التفجير نحو تحصين الحوار، وعقدت جلسة الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله في عين التينة، لتخرج ببيان يؤكد أهمية تعزيز الاستقرار، بينما نقل عن أجواء الاجتماع تمسك فريقيْه بالحوار والمناخات الإيجابية التي تتولد عنه، على رغم الخلافات والتوترات التي يجب أن تبقى جانبية كما أكد الفريقان، وفقاً لمصادر المجتمعين.
وعلى وقع التصعيد «المستقبلي» عُقدت جلسة الحوار الثامنة بين حزب الله وتيار المستقبل في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة مساء أمس، بحضور المعاون السياسي للأمين العام لـحزب الله حسين الخليل والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن حزب الله، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل. وأكد المجتمعون جدية الحوار، باعتباره ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار لبنان وحمايته مما جرى في المنطقة. واتفقوا على استمرار البحث في المواضيع المقرّرة بالزخم والاندفاع نفسيهما، اللذين سادا الجلسة الأولى.
العودة إلى أجواء الجلسة الأولى
وعلمت «البناء» أنّ جلسة الحوار تابعت البحث في مكافحة الإرهاب وتخفيف الاحتقان وتطرّقت إلى ملف رئاسة الجمهورية لناحية تأكيد ضرورة الخروج من الشغور الرئاسي.
وعلمت «البناء» أيضاً من مصادر المجتمعين أنّ «الجلسة سادتها الصراحة حيث طالب خلالها وفد حزب الله بالابتعاد عن التصريحات التصعيدية التي تتناقض مع مناخات تخفيف الاحتقان والتوتير، مشيرة إلى «أنّ النقاش انصبّ على معالجة هذه النقطة في ظلّ أجواء تعكس تمسّك الطرفين بالحوار». وكشفت المصادر «أنّ الجلسة وضعت قواعد جديدة للحوار انطلاقاً من الذي أعلنه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد لجهة وضع ضوابط على تصريحات نواب المستقبل».
وسألت المصادر هل التصعيد المتناغم من تيار المستقبل جزء من مناخ التصعيد الإقليمي أم أنه رؤية محدودة يمكن تجاوزها؟
التمديد للقادة الأمنيين
من جهة أخرى، بقيت التعيينات الأمنية محور اهتمام السياسيين، ولا سيما رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون الذي كان بحث في هذا الموضوع مع رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط أول من أمس.
وفي معلومات «البناء» عن هذا اللقاء، أنه كان ودياً من الناحية الاجتماعية وساده جوّ من المزاح. أما سياسياً فبدأ بالملف الرئاسي، وأشارت المصادر إلى «أنّ جنبلاط كان صريحاً بقوله: «إنّ الظروف القائمة لا تسمح له بأن يتراجع عن ترشيح النائب هنري حلو». ولفتت المصادر إلى «أنّ الجنرال عون فهم هذه الرسالة الخاطفة ولم يكرّر طرح موضوع الاستحقاق الرئاسي».
أما بالنسبة للقادة الأمنيين، فقد استبق جنبلاط الموضوع بتأكيده أنه ضدّ ترشيح قائد الجيش العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية، وضدّ التمديد له، لكنه أرفق الموضوع بإعلانه أنه ليس الشخص الوحيد الذي يقرّر في هذا الشأن، مع إشارته إلى «أنّ الجوّ العام الذي يعرفه لن يتقبّل فكرة الفراغ في قيادة الجيش، ولن يتقبّل أن يصبح رئيس الأركان «الدرزي» وليد سلمان قائداً للجيش بالوكالة»، ولفت جنبلاط إلى أنه مع «تعيين قائد جديد للجيش إذا توافرت شروطه».
وأكدت المصادر «أن عون كان مرتاحاً لجهة أنّ جنبلاط ضدّ وصول قائد الجيش إلى رئاسة الجمهورية وضدّ التمديد له، لكنه في الوقت نفسه كان منزعجاً من عدم تأييد جنبلاط لتعيين قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز قائداً للجيش، فجنبلاط لم يعده بأيّ شيء في هذا الشأن».
وفيما لم يعلن حزب الله موقفاً من التمديد للقادة الأمنيين، رجحت مصادر مطلعة أن يصدر اليوم موقف في هذا الشأن بعد اجتماع كتلة الوفاء للمقاومة. وأشارت مصادر مطلعة لـ«البناء» إلى «أنّ فريق 8 آذار يدعم عون في موقفه الرافض للتمديد، لكن إذا تعذر تنفيذ ما يطالب به الأخير، وخُيّر بين الفراغ والتمديد لقهوجي فإنه سيختار التمديد»، مشيرة إلى ما أعلنه رئيس تيار المرده النائب سليمان فرنجية في حديثه التلفزيوني الأخير في هذه النقطة». ولفتت المصادر إلى «أنّ الجميع يعلم أنّ أيّ قرار سيتخذ لن يحظى برضى جميع الكتل السياسية، والمشكلة أنّ عون لم يأخذ كلاماً مريحاً من جنبلاط في ما يتعلق بالعميد روكز.
وأشارت المصادر إلى «أنّ طرح العماد عون هو المنطبق أكثر على القانون لأنه سيعيد تشكيل المجلس العسكري بكامل أعضائه، بعكس التمديد الذي سيبقي المجلس ناقصاً ثلاثة من أعضائه».
ولفتت مصادر سياسية لـ«البناء» إلى «أنّ التمديد لمدير المخابرات إدمون فاضل حسم بقرار من وزير الدفاع سمير مقبل من دون العودة إلى أحد، أما بالنسبة لقائد الجيش ورئيس الأركان فإنّ الأمر لم يحسم ولا يزال قيد التداول».
بري مستاء من ربط السلسلة بالحسابات المالية
على الصعيد النيابي، أكد رئيس المجلس نبيه بري إنه سيدعو هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع يوم الثلاثاء المقبل لدرس وإقرار جدول أعمال الجلسة التشريعية العامة المقبلة التي سيدعو إليها بعد 15 نيسان المقبل.
ومن جهة أخرى، شدّد بري على دعوة اللجان النيابية المشتركة لمتابعة درس سلسلة الرتب والرواتب، آملاً في «انجازها لوضعها على جدول أعمال الجلسة العامة المقبلة»، مشيراً بحسب ما نقل عنه نواب لقاء الأربعاء إلى «أنه لم يكن برّي راضياً عن مناقشتها، مطالباً بوجوب أن تصل إلى مستحقيها». وأبدى «قلقه لأنّ الفريق الآخر لا يقتصر في موقفه على ربط السلسلة بالموازنة إنما بالحسابات المالية». وقال: «لا يجوز رهن موضوع السلسلة لأمور أخرى».
دفن 6 قتلى من «داعش» في عرسال
أمنياً، بدأت نتائج معارك الجيش مع الجماعات الإرهابية في جرود عرسال ورأس بعلبك والخسائر البشرية لتلك الجماعات بالظهور.
فقد أعلن الصليب الأحمر اللبناني أنه نقل 6 جثث لإرهابيين سقطوا في معركة رأس بعلبك، من مستشفى الهراوي الحكومي في زحلة إلى بلدة عرسال لدفنهم فيها.
وأشارت المعلومات إلى أنّ الجثامين تعود إلى عناصر من «داعش» وتم نقلها بناء على طلب من الجيش اللبناني، وبمؤازرة منه، وسلمت إلى أحد علماء الدين داخل عرسال.