الطائرات تسقط وتُسقط معها المشاريع

سعدالله الخليل

بعد سقوط الطائرة التركية يأتي دور الطائرة الأميركية، فحين أسقطت الرشاشات السورية المضادّة للطيران طائرة الإف 4 في المياه السورية في محافظة اللاذقية وعلى ارتفاع 100 متر أنهت المضادّات الجوية مغامرة الطيران التركي بمحاولة دخول العمق السوري، واكتفى حينها «طيب» تركيا «الإخواني» بالتهديد والوعيد وسوق الذرائع بأنّ الطائرة أسقطت في المياه الإقليمية عبر صاروخ موجه بالليزر، ورغم أنّ التقارير أشارت إلى إعداد طائرات الإف 16 للقصف في سورية، وتراجعت أنقرة لأنها لم تكن على دراية كافية بالأنظمة الروسية المضادة للطائرات المنتشرة في سورية، وتوقف المشروع التركي في التدخل بالأجواء السورية ومعها ذهبت أحلام أوغلو بمنطقة حظر جوي في الشمال السوري.

ومع إسقاط المضادّات الجوية طائرة الاستطلاع الأميركية ومن البوابة البحرية أيضاً تبدأ مرحلة جديدة من التعاطي السوري مع النوايا والخطط الأميركية، والتي لم تكن يوماً سليمة أو بريئة حيالها، ولم تنكر واشنطن فقدان الاتصال بالطائرة، وأقرّ المسؤولون الأمنيون بسقوطها، وإنْ كانوا ما زالوا غير متيقنين من أنّ الجيش السوري، أو «قوات الأسد» بحسب التعبر الأميركي ، هو مَن أسقط الطائرة، وفي هذا التخفي محاولة يائسة لعدم تجرّع العلقم مرتين، مرة بإسقاط الطائرة وانكشاف النوايا وفشل مخططاتها الذريع الذي تمثله من جهة، وقدرة الجيش السوري الحاضرة بعد أربع سنوات من الحرب والاستهداف الممنهج لقدرات الدفاع الجوي السورية على أيدي عملائها من جهة أخرى، وأبسط الردود على عدم يقين واشنطن بالتساؤل إنْ لم يسقط الجيش العربي السوري الطائرة فمن يا ترى أسقطها؟ «جبهة النصرة» مثلاً؟ أو عملاء واشنطن في ريف اللاذقية غير القادرين على الردّ على رشاشات الجيش التي تصطاد عرباتهم.

يأتي إسقاط الطائرة الأميركية بعد أيام من تصريحات جون كيري الداعية إلى التفاوض مع الرئيس الأسد لإنهاء الحرب، تصريحات ردّ عليها الرئيس الأسد بطلب أفعال لا أقوال، فإذ بالأفعال عدائية، طائرة استطلاع من طراز إم كيو-1 أقلعت من قاعدة تركية بالتزامن مع زيارة المبعوث الأميركي الخاص المسؤول عن تشكيل التحالف ضدّ «داعش» جون ألن ليطمئن أنقرة بأنّ موقف واشنطن من الأسد ما زال كما هو ليأتي الجواب بإسقاط الطائرة، الثابت أنّ موقف الأسد لا يزال ثابتاً كما هو.

يحاول ألن طمأنة أنقرة، ويتظاهر بالصلابة ويخفي دموعه على سقوط طائرة بلاده، ويتساءل عن خطة بلاده في قادمات الأيام بعد أن فشل مشروع مواجهة تنظيم «داعش» لتمدّد طائرات بلاده في الجغرافية السورية وضرب مواقع سورية من بوابة الحرب على الإرهاب.

ربما فهم ألن بما أنه قريب من الأراضي السورية تحذير دمشق الواضح عقب الإعلان عن تشكيل حلف واشنطن الاستعراضي لمواجهة «داعش» حين اعتبر وزير الخارجية السوري وليد المعلم أنّ أيّ خروج لضربات التحالف عن مسار مواجهة «داعش» سيقابل بردّ قوي غير قابل للتفاوض ولا المناورة بما يتماشى مع مواجهة خرق السيادة السورية، فكان الصاروخ السوري بمثابة صفعة تتهي حلماً أميركياً بتكرار السيناريو الأميركي في اليمن وباكستان وأفغانستان حيث تسرح وتمرح الطائرات الأميركية وتقصف الأهداف بذريعة محاربة الإرهاب دون أن يرفّ لأميركي جفن أو يحسب حساب ردّ فعل لدولة أو حكومة.

تعرض القنوات الأميركية فيديو حطام الطائرة الأميركية بانتظار تبرير منطقي من قياداتها، أو تفسير لحقيقة ما جرى بعيداً عن المواربة والخداع الذي يلازم المسؤولين الأميركيين، ربما يمتلك أحدهم الجرأة بقول الحقيقة ويفصح بالفم الملآن بسقوط مشروع تمدّد الطائرات الأميركية في الأجواء السورية ويقرّ بحقيقة مفادها أنّ سقوط الطائرات يسقط مشاريع أصحابها.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى