صباح الخير
صباح الخير للعام الجديد في أوّل الأيام
صباح الخير لمن بقي صاحياً ومن ذهب لينام
وللناس الذين ما سهروا وللذين يصحون وعيونهم إلى الأمام
يحرسون أحلامنا ويحرسون صحواتنا وغفواتنا
جيوش تعرف معنى الكرامة، وشباب يرفعون رأس مقاومتنا
هو عام يحتضن تضحيات قرن مضى
تضحيات رجال لا يمكن نسيانهم، منهم من يقاتل ومنهم من قضى
فحرب الاستقلال التي تخوضها أمّة العرب والمسلمين
منذ الاستعمار العثماني والفرنسي والبريطاني وضياع فلسطين
حرب موصولة وثورات ومقاومات وأنصاف انتصارات
وانتقال بمراحل إلى مراحل من المواجهات والتسويات
هي الحرب نفسها والأهداف نفسها
غد القصية وأمسها
أن تتحرّر الأمة من «ربقة» المحتل وتملّك القرار
في النفط والأرض والحكم وينتهي الاستعمار
ومنذ نصف قرن مضى كان شبه انتصار
عندما جاء عبد الناصر وأمّم القناة
وواجه العدوان الثلاثي بالقتال
ووحّد وجدان الأمة على خيار العروبة
وحاصر الحكّام الذين صاروا بيد المستعمر ألعوبة
وجاء عهد انتقال الدفة من الاستعمار القديم إلى يد أميركا
وتجمّعت كلّ أيادي الشرّ في حرب عام 67
لإسقاط خط التحرّر وإنهاء قضية فلسطين
ورحل عبد الناصر وجاء حافظ الأسد وكانت حرب تشرين
لكنّها نصف انتصار
فمنها عادت «كامب ديفيد» يجدد الحصار
وخرجت مصر وعاد محور السعودية يحكم الأمة
وعقود من التوازن السلبي لا نصر فيها ولا هزيمة وكثير من التسويات في مؤتمرات القمة
حتى انتصار المقاومة بتحرير الجنوب
ليست آخر الحروب
نصف انتصار آخر
والمؤامرة في فلطسين في ذات المسار
إجهاض الانتفاضة والمقاومة
والعودة إلى لعبة المساومة
على رغم قول «الإسرائيلي» إن مبادرة الملك السعودي لا تعادل حبرها وليست واردة
ومع مطلع القرن الجديد الأميركي و«الإسرائيلي» في حال هجوم مع نتائج نهاية الحرب الباردة
فتبدو كل السحب السوداء تتجمع لحسم مستقبل آسيا
وتحشد الجيوش والقرارات والأساطيل الراسية
وتدور رحى الحرب بحلقات متعدّدة بجولات ضارية قاسية
من أفغانستان إلى العراق والهدف حصار وإسقاط
لسورية وإيران فيسقط الشرق من بكين إلى الرباط
وبعد الفشل في حرب تموز
وظهور «إسرائيل» وجيشها العجوز
كشمطاء متصابية
معدومة العافية
كان استنفار آخر الخيارات
وحشد كل الطاقات
في معركة فاصلة
تبنى عليها آخر التوازنات الحاصلة
فقد حشد الإخوان من مصر وليبيا وتونس وتركيا وقطر
والسعودية و«القاعدة» وفرنسا والمال والإعلام والفتاوى، ورفعت الحرب إلى أعلى درجات الخطر
وكانت الحلقة الحاسمة وكان المفصل المقرّر
من يكسب سورية بين حلفين متواجهين يحمل «الكارت» الأحمر
ودارت رحى الحروب بكلّ أنواعها
وشعرت أميركا كيف يكون ليّ ذراعها
فتراجعت بذكاء نحو التفاهم مع روسيا على إدارة العالم
وقالت نُدير بالشراكة من حارب ومن سالَم
وتركت بعد التفاهم الكيماوي والتفاهم النووي
السعوديين و«إسرائيل» وباقي الجوقة في حلفها الحيوي
يتدبرون أمورهم ويتوهون في الضياع
فالأميركي دخل «البازار» واشترى وباع
ودخلنا العام الجديد
وقد ترجم المقاومون حربهم بالنار والحديد
وهو عن تكريس النصر الذي تاه مئة عام
بأنصاف الانتصارات وأنصاف التسويات
ليصبح اليوم قاب قوسين من النهايات
النصر يعني سقوط الحقبة السعودية
والنصر يعني أن تغلّ اليد «الإسرائيلية»
والنصر يعني انتصاراً لسورية
والنصر يعني أن تعلو اليد الإيرانية
والنصر يعني أن تعترف أميركا
والنصر يعني أن المقاومة خيار لا تكتيكا
والنصر يعني تقاسم القرار الدولي بين أقطاب متعدّدة
بينها موسكو وبكين وعواصم متجددة
وأن تكون بينها الشام وطهران في آسيا ونفطها وغازها
تملك المفاتيح والربط والحلّ وفكّ الأزمات وألغازها
وأن تتنحى السعودية و«إسرائيل» عن المنصّة
وفي حشرجة الموت وفي قلوبهما غصّة
وها نحن نقترب من خطّ النهاية
لنتوّج قرناً من القتال والصمود لتكتمل الرواية
ونخرج بصباحاتنا نهتف لقادة رحلوا
جمال عبد الناصر وحافظ الأسد بكل عطاءاتهم وما تراجعوا ولا بخلوا
ونهتف للذين يحملون راية المواصلة بإصرار وثبات
صباح الخير للخامنئي والأسد ونصر الله كل الصباحات
صباح الخير للتضحيات
صباح الخير للشهداء
صباح الخير لعام النصر وأيامه
صباح الخير لشعب يحقق أحلامه.