السيسي: لن نسمح للعقبات بالوقوف أمام تحقيق التعاون بيننا
وقع رئيس مصر عبد الفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر البشير ورئيس وزراء إثيوبيا هايلى ماريام ديسالين خلال قمتهم في الخرطوم وثيقة إعلان المبادئ لسد «النهضة» الإثيوبي.
وأعلن الرئيس المصري أن بلاده اختارت التعاون والبناء والتنمية في علاقتها مع السودان وإثيوبيا وتسعى إلى تحويل نهر النيل إلى محور للتعاون والإخاء من أجل شعوب الدول الثلاث.
وأكد السيسي في كلمة ألقاها في القمة الثلاثية في الخرطوم: «لن نسمح لأية عقبات بالوقوف أمام تحقيق التعاون بين مصر والسودان وإثيوبيا»، داعياً إلى إبرام اتفاقات تفصيلية لحل القضايا العالقة بخصوص حوض النيل.
واعتبر الرئيس المصري القمة الثلاثية في الخرطوم لقاءً تاريخياً وقال: «لدينا جميعاً الرغبة الصادقة في تحويل الاتفاق المكتوب إلى إرادة صلبة لنتغلب على العقبات بالتوقيع على الإعلان وهي أصدق درجات التعاون من خلال مبادئ واضحة وإجراءات محددة، لأن القيمة الحقيقية لاتفاقنا هي استكمال التفاهم حتى ننتهي من مسار الدراسات الفنية لمبادرة حوض النيل».
من جهة أخرى، أكد الرئيس السوداني عمر حسن البشير التزام بلاده بالاستمرار في التفاوض للوصول إلى اتفاقات تفصيلية لاستكمال وثيقة إعلان مبادئ سد «النهضة»، تضمن عدم الإضرار بمصالح بقية الشعوب.
وأشار البشير إلى أنه يؤمن «بأن التعاون هو السبيل الأوحد للتفاهم بين شعوبنا، وأنه من دون التعاون ستفوت الفرصة في حياة كريمة».
بدوره أكد رئيس الوزراء الإثيوبي أن سد «النهضة» لن يضر بمصالح مصر.
وكان وزراء خارجية مصر والسودان وإثيوبيا قد أعلنوا مطلع آذار الجاري في الخرطوم التوصل إلى اتفاق على مبادئ حول تقاسم مياه نهر النيل ومشروع إنشاء سد «النهضة» الإثيوبي.
ولم تتضح بعد ملامح بنود وثيقة المبادئ حتى الآن، لكن مصادر مقربة من وزير الري المصري أكدت أن الاتفاق ينص على عدم اعتراض القاهرة على بناء سد «النهضة» مقابل تعهد خطي من إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر من المياه، إضافة إلى إشراك مصر في عملية إدارة السد الإثيوبي.
وكشفت المصادر أن إثيوبيا تتحفظ حتى الآن على مسألة تقديم تعهد خطي لمصر ولا ترى مانعاً من إشراكها في عملية إدارة السد.
وأوضح وزير الري المصري حسام المغازي أن وثيقة المبادئ ستصبح ملزمة للدول الثلاث بعد التوصل إلى توافق حول المكتب الاستشاري الهندسي العالمي المعني بإتمام الدراسات المطلوبة خلال الأشهر المقبلة، وإنشاء آلية تنسيقية دائمة من الدول الثلاث للتعاون في عملية تشغيل السدود بشكل يضمن عدم الإضرار بمصالح دول المصب.
ويرى خبراء مياه أن توقيع الاتفاق سيكون إقراراً رسمياً بشرعية سد «النهضة» يسمح بتدفق التمويل الدولي لبنائه.
وكان وزير خارجية مصر سامح شكري قد أكد بعد التوصل إلى الاتفاق بشأن الوثيقة في الاجتماع الوزاري الثلاثي مطلع الشهر الجاري أن «هذه المبادئ تعدّ بداية لمزيد من التعاون بين الدول الثلاث في المسار السياسي والفني».
فيما رحب وزير الخارجية الإثيوبي تادروس أدنهاوم بالاتفاق، مشيراً إلى أنه «يفتح فصلاً جديداً بين الدول الثلاث وسنلتزم هذه المبادئ».
وكانت مصر قد أعربت أكثر من مرة عن مخاوفها من أن يؤدي بناء سد «النهضة» الإثيوبي إلى تقليص حصتها من مياه النيل، وهو الأمر الذي نفته إثيوبيا.
وبدأت إثيوبيا بتحويل مياه النيل الأزرق في أيار 2013 لبناء السد، الذي يبلغ طوله 1780 متراً وبارتفاع 145 متراً والذي سينتج ستة آلاف ميغاوات من الكهرباء، وسيكون أكبر سد في أفريقيا عندما ينتهي العمل به عام 2017.
ويقع السد بولاية بنيشنقول – قماز قرب الحدود الإثيوبية السودانية، على مسافة تتراوح بين 20 و40 كيلومتراً، وتقدر تكلفة بناء السد بـ 4.7 مليار دولار أميركي.
وتعتبر مصر أن «حقوقها التاريخية» في النيل مضمونة بموجب اتفاقي 1929 و1959 اللذين يعطيانها حق استعمال 87 في المئة من مياه النهر.
إلا أن خبراء يرون أن اتفاق عام 1959 عفا عليه الزمن وتجاوزته الأحداث والوقائع، وأصبح الحديث عنه والإصرار على إلزاميته من جانب القاهرة مضيعة للوقت.
وأشار سلمان محمد أحمد سلمان الخبير الدولي في مجال المياه إلى أن فائدة السدود الإثيوبية على السودان أصبحت أمراً واقعاً حتى قبل أن يكتمل سد «النهضة» ويبدأ في توليد الكهرباء، وهو ما تنتظره الحكومة السودانية بفارغ الصبر لسد عجزها من الكهرباء البالغ 40 في المئة من حاجات الدولة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر والسودان وقعتا في تشرين الثاني عام 1959 اتفاق تقاسم مياه النيل، وذلك استكمالاً لاتفاق عام 1929 وعلى خلفية رغبة القاهرة في إنشاء السد العالي ومشروعات أعالي النيل لزيادة إيراد النهر وإقامة عدد من الخزانات في أسوان.
ونص أهم بنود الاتفاق على احتفاظ مصر بحقها المكتسب من مياه النيل وقدره 48 مليار متر مكعب سنوياً وكذلك حق السودان المقدر بأربعة مليارات م3 سنوياً، وموافقة الدولتين على قيام مصر بإنشاء السد العالي وقيام السودان بإنشاء خزان الروصيرص على النيل الأزرق، وكذلك إنشاء هيئة فنية دائمة مشتركة لمياه النيل بين مصر والسودان.
كما نص الاتفاق على أن توزيع الفائدة المائية من السد العالي والبالغة 22 مليار متر مكعب سنوياً توزع على الدولتين، بحيث يصل إجمالي حصة كل دولة سنوياً إلى 55.5 مليار متر مكعب لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان.