أحمد جميل حسين حمّود ورفيق سيف الدين وصقر عبد الحقّ من شهداء النضال القوميّ
لبيب ناصيف
في مجدل بلهيص قضاء راشيا الوادي، ولد أحمد حمود سنة 1922. عرف النضال باكراً إذ اعتقلته فرنسا عام 1940، وفي عام 1943، يوم كان رجال الاستقلال معتقلين في راشيا، ترأس تجمعاً من الشبّان ومشى به إلى راشيا مستنكراً الفعل الفرنسي ومعرباً عن مساندته للمعتقلين في قلعتها .
بعد تخرّجه من مدرسة المقاصد الإسلامية في بيروت، انتقل إلى دمشق حيث انتمى إلى الحزب عام 1944، وفي 1945 نال شهادة المحاماة وانتقل إلى راشيا ليعمل في مهنته، وعين منفذاً عاماً سنة 1949، ثم عاد إلى دمشق ليشارك في الثورة القومية الاجتماعية الأولى التي أعلنها الزعيم، وكان مع القوة التي كلفت باحتلال قلعة راشيا. لم تستطع قوات السلطة اللبنانية اعتقاله فحوكم غيابياً واتهم بالتعامل مع العدو، كالعادة. وعندما عاد إلى لبنان سنة 1955 أعيدت محاكمته وطلب فتح «ملف التعامل مع العدو» وأصرّ على ذلك حتى جرت المحاكمة وصدر عندها حكم البراءة .
كان الأمين حمود يكتب في عدد من الصحف والمجلات في الخمسينات، وكان يتقن الفرنسية ويلّم بالإنكليزية والألمانية. وبفضل ثقافته ونضاله كان يتمتع بثقة ومحبة عارفيه، وفي مهنته كان مرافعاً عنيداً عن الحق وله مرافعات مشهودة في دمشق والسويداء. ولهذه الأسباب كلّها تسلم الأمين حمود مسؤوليات عديدة في الحزب وهي منفذ عام راشيا والبقاع الغربي، منفذ عام حوران، منفذ عام القامشلي، منفذ عام زحلة، وكيل عميد الإذاعة. انتخب عضواً في المجلس الأعلى ومثل الحزب في أعمال عديدة.
عام 1957 رشحه الحزب للانتخابات النيابية عن راشيا والبقاع الغربي. ويوم اندلعت حوادث 1958 وكان الأمين حمود مسؤولاً في الحزب، تطوع لمهمة حزبية تقضي بالاتصال ومفاوضة السلطات في دمشق، لما كان يتمتع به من علاقات محترمة اجتماعية وسياسية. وإذ عاد حاملاً آراء المسؤولين في الشام إلى قيادة الحزب، توجه مرة ثانية إلى دمشق لاستئناف المهمة التي تطوع لها، وأثناء عودته من دمشق في 8 آب 1958 ومعه الرفيقان صقر عبد الحق ورفيق سيف الدين تعرّضوا في وادي منسية جنوب قرية حلوة بين ميسلون وينطا لكمين معاد فسقط الأمين حمود والرفيقان عبد الحق وسيف الدين شهداء الواجب، ليسطّر الأمين حمود في تاريخ الحزب أنه أول أمين يسقط شهيداً.
حول اغتيال الأمين احمد حمود والرفيقين صقر عبد الحق ورفيق سيف الدين، أصدر رئيس مكتب عبر الحدود بتاريخ 06/11/1958 التعميم 16/26، موجه الى جميع القوميين الاجتماعيين عبر الحدود، هذا نصه:
نشرت جريدة «نهضة العرب» الصادرة في مدينة ديترويت الولايات المتحدة الأميركانية، خبراً مدسوساً مفاده أن القوميين الاجتماعيين هم الذين قاموا باغتيال الأمين أحمد حمود ورفيقيه في منطقة الحدود الشامية اللبنانية.
وقد ورد الى مكتب عبر الحدود عدد من الرسائل يستفهم فيها الرفقاء عن صحة هذا الخبر، خاصة أن بعض المواطنين بدأوا يرسلون الى رفقاء مغتربين إشاعات أطلقها خصوم الحزب والذين تحوم حولهم شبهة الإشتراك في الجريمة ليحاولوا إبعادها عنهم. لكل ذلك فإن مكتب عبر الحدود مخول بإيضاح النقاط التالية:
لقد حدثت جريمة قتل الأمين أحمد حمود والرفيقين رفيق سيف الدين وصقر عبد الحق، قرب بلدة حلوة التي يسيطر عليها سليم الداوود النائب الحالي في المجلس اللبناني. وقد قتل الأمين أحمد في داخل السيارة في حين قتل الرفيقان الآخران خارجها.
قام الحزب فوراً بتكليف محقق خاص متابعة هذا الموضوع، وهو يقوم بهذه المهمة ولا يزال.
إن التحقيق في الحادث صعب جداً بسبب استحالة الإنتقال الى المنطقة التي جرت فيها الجريمة وهي منطقة تسيطر عليها المقاومة الشعبية والمكتب الثاني الشامي، وبسبب صعوبة الاتصال بجميع الاشخاص الذين يمكن أن يكون استجوابهم مفيداً لجلاء هذا الحادث. وكذلك منطقة البقاع الجنوبي منطقة تسيطر عليها قوى مخاصمة للحزب ولا يمكّن المسؤولين المعروفين الانتقال ضمنها بإطمئنان.
الأمين أحمد حمود لم يعلن انسحابه من الحزب إطلاقاً بل كان المركز مطلعاً تمام الاطلاع على كل عمل يقوم به.
ورد في بعض الإشاعات المدسوسة أن هناك رفيقاً من زحلة اسمه أنطون سعد قتل في الحادث وجواباً على ذلك نعلمكم أنه ليس في الحزب أي رفيق من زحلة اسمه أنطون سعد، كما أنه لم يقتل أثناء الحوادث أي رفيق من مدينة زحلة نفسها لا في منطقة راشيا ولا في غيرها من المناطق. إن الرفقاء الذين قتلوا في معركة شملان، من منفذية زحلة هم من بلدة قوسايا وليس بينهم أي واحد باسم أنطون سعد.
وإن المعلومات المتجمعة لدى الحزب تشير الى أن قتل الأمين أحمد حمود والرفيقين رفيق سيف الدين وصقر عبد الحق، إنما تم بسبب خوف بعض المتنفذين المحليين في منطقتي البقاع الجنوبي وراشيا من الشعبية المتزايدة التي اكتسبها الحزب والأمين أحمد والرفيق سيف الدين، مما يهدد نفوذ هؤلاء السياسيين في المنطقة بالانهيار .
إن خصوم الحزب يملكون من الوسائل الإذاعية ما ليس بإمكان الحزب أن يضاهيهم بها، خاصة في المناطق التي يسيطرون عليها والتي تسري فيها الشائعات التي يطلقونها هم فقط دون أن يكون بإمكان الحزب أن يرد عليها في أذهان الشعب.
لذلك فإننا نستغرب أبداً أن يقع بعض المواطنين فريسة لهذه الدعايات والإشاعات وأن يرسلوها في رسائلهم إلى رفقائنا في المغتربات.
إن تصديق هذه الشائعات والأخذ بها إنما يخدم المخططات التي وضعها خصومنا لاستغلال كل فرصة ليعملوا على تفكيك وحدتنا وبعثرة قوانا وإثارة الشك والريبة في نفوس الرفقاء .
ولكن لنا نحن من متانة عقيدتنا وإيماننا، ومن الثقة المطلقة بنظامنا وقيادتنا ما يجعلنا منيعين على كل هذه المحاولات المخربة بل إننا لا بد وأن نردها فاشلة منهزمة الى نحور الذين قاموا بها.
إن الحزب السوري القومي الاجتماعي لا ينسى شهداءه وأبطاله.
الرفيق الشهيد صقر عبد الحق
الإسم الكامل : صقر جاد الكريم عبد الحق .
مكان وتاريخ الولادة : ينطا 1934 .
مكان وتاريخ الانتماء: عاليه 1957 .
ولد الرفيق الشهيد صقر في عائلة فقيرة الحال وكان يعاون والده بمهنة الحدادة العربية في قرية ينطا إلى أن طلب العمل في المدينة واستقر في عاليه / الغرب، وفيها انتمى إلى الحزب .
عام 1958 عاد إلى قريته ينطا، وكان شديد الاعتماد على نفسه وعرف بالإقدام والشجاعة بين جميع الرفقاء، ما أهله للتكليف بمرافقة الأمين أحمد حمود إلى دمشق .
الرفيق الشهيد رفيق سيف الدين
الإسم الكامل : رفيق يوسف سيف الدين .
مكان وتاريخ الولادة : ينطا 1931 .
مكان وتاريخ الانتماء: عالية 1947 .
كان الرفيق الشهيد من أشد أبناء المنطقة ذكاءً، تعلم في دمشق واشتهر بأن المدرسة حيث كان يتابع دراسته رفعته ثلاثة صفوف في سنة واحدة، خلال تلك السنة 1947 ، انتمى للحزب في دمشق على يد الرفيق سيف الدين المأمون وتسلم عدة مسؤوليات حزبية. كانت له اليد الأولى في انتشار الحزب في قريته ينطا. تسلم رئاسة بلدية ينطا لحين استشهاده وهو من عائلة ميسورة الحال. مارس مهنة التدريس في بلدة ينطا وقد كان يقوم بتدريس كل أبناء البلدة وحيداً لفترة طويلة.
كان خطيباً مفوهاً ويمتلك شخصية مميزة .
رئيس لجنة تاريخ الحزب