الموسيقيّ أندريه معلولي: حضورنا عالميّاً يدعم عملنا ويوصل الصورة الحقيقية
انتخب الموسيقي أندريه معلولي، عميد المعهد العالي للموسيقى لعضوية اللجنة التنفيذية لجمعية المعاهد والكليات الموسيقية العربية، في الاجتماع التأسيسي للجمعية الذي عقد في كلية الموسيقى في جامعة روح القدس في لبنان في الثالث والرابع من هذا الشهر.
يقول معلولي: إن اتحاد الجامعات العربية قرر في دورته السابعة والأربعين العام الماضي في الأردن إنشاء جمعية معنية بالمعاهد والكليات الموسيقية العربية، على أن يكون مقرها في لبنان ويتولى رئاستها الأب يوسف طنوس عميد كلية الموسيقى في جامعة روح القدس، في لبنان، ووافق إن المعهد العالي للموسيقى في سورية على دعوة الانضمام إلى الجمعية بعد الاطلاع على أهدافها وأسسها المعتمدة الحفاظ على التراث الموسيقي العربي وتبادل الخبرات والطلاب بين المؤسسات الأكاديمية الموسيقية ، موضحاً أهمية الحضور في مثل هذا التجمع الأكاديمي الموسيقي العربي وما يترتب عليه من دعم للعمل التدريسي والطلاب والموسيقيين، فضلاً عن أهميته في ايصال الخطاب الثقافي والفني والصورة الحقيقية عن التجارب الموسيقية المحلية المهمّة إلى الدول العربية الأعضاء في الجمعية وخلق خطاب ثقافي عربي جامع.
يشير عميد المعهد العالي إلى أن الجمعية أنتخبته في اللجنة التنفيذية للجمعية إلى جانب ثلاثة أعضاء آخرين من تونس والكويت والسودان، وتضم الجمعية 35 معهداً وكلية موسيقية، كاشفاً طرح موضوع توحيد المصطلحات الموسيقية بين الأكاديميات الموسيقية العربية وصولاً إلى قاموس موسيقي عربي. ولفت معلولي إلى أن المجتمعين ركزوا على ضرورة تنشئة جيل مثقف فنياً وموسيقياً، وتخريج أساتذة متمرسين ومتمكنين من نقل الفكر الثقافي والفني المطلوب للأجيال الجديدة الذين سيكونون نواة المجتمع العربي وقوامه مستقبلاً، خاصة في ظل ما نشاهده من حوادث مؤلمة ومحاولة لنشر الفكر الظلامي في معظم الدول العربية.
يرى معلولي أن التعاون بين المعاهد والكليات الموسيقية العربية يحقق التبادل الثقافي بين هذه المؤسسات الأكاديمية، ويؤمن فرص عمل لخريجيها، ما يبعدهم عن فكرة المغادرة إلى الغرب، وهذا يحمي من تسرب الكفاءات والمواهب ويساعد في تطوير وتحسين واقع الموسيقى العربية.
معلولي عازف الفيولا في الفرقة السيمفونية الوطنية يؤكد أننا في حاجة اليوم إلى تثقيف المجتمع بطريقة خاصة، كي يكون الفكر والثقافة والفن في مواجهة الفكر الظلامي الذي ينتشر في المجتمعات العربية، لما للموسيقى من دور فاعل في تهذيب الروح والأخلاق والتفكير.
يوضح معلولي أن الجمعية مخصصة لمعاهد وكليات الموسيقى العربية المعترف بشهادتها عالمياً ولديها اعتمادية علمية عالمية، وستعقد اجتماعاتها دورياً في أحد الدول الأعضاء. كما اتفق على إصدار مجلة علمية موسيقية محكمة سنوية وتشكيل أوركسترا للجمعية مختارة من طلاب المعاهد والكليات الموسيقية الأعضاء، تجتمع مرة واحدة سنوياً للتدريب ولإقامة حفل مشترك.
وعرض عميد المعهد العالي للموسيقى في الاجتماع لتجربة المعهد في المحافظة على التراث الموسيقي العربي وقدرته على تطوير الموسيقى العربية من خلال الاستئناس ببعض العلوم الغربية الموسيقية مع الحفاظ على الخصوصية العربية. وحول هذه النقطة يلفت معلولي إلى أن المعهد العالي للموسيقى هو الأكاديمية الموسيقية الوحيدة في العالم التي يتقن خريجها علوم الموسيقى الكلاسيكية والشرقية معاً، وبذلك يكون العازف السوري متكاملاً ومميزاً ويختلف عن نظرائه عربياً وعالمياً. ويشير إلى أهمية أن تمتلك المعاهد والكليات الموسيقية العربية العلوم الموسيقية العالمية لنتمكن من تقديم خطاب ثقافي عربي نحاور من خلاله الحضارات المختلفة ونعرف بالفكر والثقافة العربيين عبر موسيقا خاصة بنا ضمن إطار الموسيقى العالمية.
يكشف معلولي أن فكرة الجمعية انطلقت قبل عشر سنين، إنما واجهتها ظروف وعقبات حالت دون إطلاقها، وهي تتحقق اليوم بسبب الحاجة غليها ولتوضيح أهمية الموسيقى وضرورة تقديمها كفن وعلم منفرد ذي اختصاصات واسعة، وهي خطوة مهمة لتبادل الكوادر التدريسية والطلاب والتعاون للنهوض بالموسيقى العربية. ومن الضروري إثبات الوجود في كل المحافل العربية والعالمية الموسيقية والثقافية والفنية، منوها بتميز مشاركة الوفد السوري في الحوار ونقل صورة حقيقية عن عمل المعهد العالي للموسيقى وتوضيح خطابنا الثقافي الذي يعكس حقيقة شعبنا الذي ينادي بالمحبة والسلام. ويؤكد أن قبول أهم الأكاديميات الموسيقية الغربية والعالمية وأعرقها للخريجين السوريين الراغبين في إكمال دراستهم الأكاديمية العالية مردّه المستوى الموسيقي والأكاديمي العالي الذي يتمتعون به، ما يعكس قدرة المعهد على تخريج طلاب أكاديميين في مستوى عالمي، مضيفاً: «نحن نستثمر في المعهد بالفكر والعلم الموهبة لدى الطالب ونقدم أعمالاً موسيقية جديدة تعبر عن المستقبل الموسيقي، إلى جانب المحافظة على تراثنا الموسيقي وتقديمه بطريقة أكاديمية جديدة»، مقراً في الوقت نفسه بوجود ثغر وعقبات يتم تلافيها وتجاوزها من خلال الاخلاص في العمل والانتماء إلى المعهد. ويتابع: «إن المستوى الموسيقي للعازفين السوريين مرتفع جداً رغم تواضع الإمكانات المتاحة مقارنة بدول عربية أخرى تبذخ على النشاط الموسيقي لكنها لا تملك حضوراً موسيقياً أو كوادر وطنية حقيقية يمكن أن يعول عليها لبناء حركة موسيقية، بل تستقدم أمهر العازفين العرب والأجانب من مختلف البلدان. إن المعهد العالي للموسيقى استطاع، رغم الظروف تحقيق نقلة نوعية عبر تطوير قسم الموسيقى العربية وتعديل اللائحة الدرسية الداخلية وتدارك النقص في العملية التدريسية اعتماداً على خبرة الأساتذة في علوم الأكاديميات المتنوعة من العالم وإدخال بعض العلوم النظرية مثل مادة النظريات الموسيقية العربية المعمقة ومادة علم التمثيل، ما ينعكس على أداء العازف والمغني على المسرح ومادة تاريخ الآلة التي تساعد في بناء علاقة صحيحة بين العازف وآلته ومادة التواصل الاجتماعي ومادة طرائق التدريس ومواد أخرى تهم الموسيقي في عمله بعد تخرجه»، مذكّراً بأنّ ثمة نقصاً في الكوادر التدريسية في بعض أقسام المعهد علماً أنه سيتم إطلاق قاعة التدريس عبر السكايب في المعهد قريباً لتدارك هذا النقص بعدما وافق مجلس إدارة المعهد على الفكرة وأخذت موافقات من عدة أساتذة سوريين وعالميين موجودين في عدة دول من العالم بفضل العلاقات الخاصة معهم ليسدوا النقص التدريسي الحاصل.
يشير معلولي إلى أن إدارة المعهد حاولت أن تعتمد في مناهج أقسام المعهد على مواد أساسية مثل الصولفيج التي جمعت من أفضل المناهج العالمية، والتي تعتبر أساسية لكل عازف، إلى جانب اعتماد كتاب عن تمارين العود قدمه استاذ آلة العود محمد عثمان مؤكداً أن الكادر التدريسي وإدارة المعهد تسعى ليكون لدى المعهد خصوصية أكاديمية، مع إفساح المجال للأستاذ كي يكون قادراً على الإبحار خارج المنهاج وإعطاء ما يلزم للطلاب.
أعرب معلولي ختاماً عن تفاؤله بمستقبل المعهد العالي للموسيقى قائلاً: «إن الأمل موجود دائماً بمستقبل أفضل نحقق فيه ما نصبو إليه من نشر ثقافتنا وفكرنا وقدراتنا الموسيقية في أنحاء العالم، مراهنين على إمكانات الإنسان السوري الذي يتجاوز مختلف العقبات أينما وجد.