مدارات التحالف الدولي يقف عاجزاً أمام تنسيق الجيشين السوري والعراقي
ناديا شحادة وتوفيق المحمود
أيقنت سورية والعراق أن الولايات المتحدة الأميركية غير جادة في محاربة الإرهاب بخاصة في ظل الحديث عن أن «داعش» هو صناعة غربية من أجل إيجاد ممر للتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، فلم تفلح الاستراتيجية الأميركية لمواجهة التنظيم بل على العكس ما زال هذا التنظيم يتوسع ويسيطر على الأراضي العربية ويهدد الدول ذات السيادة، ولا أحد يستطيع أن ينكر مطلقاً أن الولايات المتحدة هي التي أسست «القاعدة» وموّلتها وتحالفت معها من أجل التخلص من الاتحاد السوفياتي بعدما فشلت في تحقيق ذلك عسكرياً وما زالت هذه التجربة الناجحة من وجهة النظر الأميركية قابلة للتطبيق في منطقة الشرق الأوسط عبر خلق كيانات متطرفة لهدم وتفكيك بنية الدول العربية، وذلك من أجل الحفاظ على ثوابت الاستراتيجية الأميركية في المنطقة بدءاً من حماية أمن «إسرائيل».
إن تمدّد تنظيم «داعش» في كل من سورية والعراق والعديد من الدول، جعل دمشق وبغداد تدركان عدم جدية التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في القضاء على هذا التنظيم الإرهابي، وإنه قد حانت اللحظة لكي تقودا هذه المعركة بنفسهما وأن تسخّرا كل إمكانياتهما لمواجهة هذا الخطر الداهم ولا تنتظرا لكي تحل مشاكل المنطقة بأيد خارجية، وبالتالي إدراك ضرورة التنسيق الثنائي والمشترك بينهما والتنسيق مع المقاومة اللبنانية، وبخاصة بعد كلام الرئيس الأميركي باراك أوباما وإخباره العالم وشعوب المنطقة خصوصاً، إلى التأقلم مع وجود إمارة «داعش» لسنوات طويلة، وعدم التفاؤل بفرصة التخلص من كابوس القتل المتوحش والإبادة للناس والتاريخ والقيم إلا بحرب طويلة يجب أن يشترك العالم كله فيها لسنوات عدة.
ويرى المراقبون أن نتائج التنسيق بين الجيشين السوري والعراقي ومع المقاومة اللبنانية بدأت بالظهور من خلال هزائم «داعش» من كوباني وديالى، إذ أعلن قائد شرطة محافظة ديالى العراقي في 27 كانون الثاني 2015 أن محافظة ديالى باتت خالية من تنظيم «داعش» تماماً، وتمكن مقاتلو وحدات حماية الشعب من طرد عناصر تنظيم «داعش» من مدينة عين العرب السورية بعد أكثر من أربعة أشهر من المعارك، وفي الـ11 من آذار قامت وحدات الحشد الشعبي العراقي بدخول مستشفى مدينة تكريت وتحرير مناطق عدة فيها، وبالتزامن مع ذلك وعلى ضفة موازية بدأت معركة الأنبار حيث قامت وحدات الحشد الشعبي ومقاتلو العشائر بقطع طريق الإمداد بين الموصل والأنبار وصلاح الدين، وتصبح مفتوحة على تكريت بعد تحريرها، ويتقدّم مقاتلو العشائر في الأنبار على أكثر من جبهة.
ومن الناحية السورية، تقوم وحدات من مقاتلي عشائر دير الزور مدعومة من الجيش السوري بمواجهة «داعش» لإحكام الطوق عليه ولمنعه من التنقل بين الجغرافيتين السورية والعراقية، إذاً التنسيق بين الجيشين العراقي والسوري قائم بقوة على رغم التحذيرات الأميركية للقيادة العراقية، لتفادي هذا التنسيق فالتحالف الدولي الذي تقوده أميركا ويضم أكثر من 60 دولة قامت بضربات جوية عديدة لفصائل الحشد الشعبي والجيش العراقي، وكان في كلّ مرّة العذر حصول خطأ في العمليات الحربية.
وعندما شعر التحالف الدولي بأن دعم فصائل المقاومة والحشد الشعبي للقوات الأمنية العراقية أحدث زخماً كبيراً في المعركة، وأن الانتصارات بدأت تتحقق، وباتت على مشارف الموصل عمل التحالف الدولي على التدخل ومحاولة إبقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم تغييره لمصلحة الدولة العراقية.
أخيراً يؤكد مراقبون أن واشنطن ستسعى إلى تقويض خسائرها الاستراتيجية في المنطقة أو الحدّ منها، وذلك من خلال سلب محور المقاومة مكاسبه الاستراتيجية فالشكوك عميقة في النوايا الأميركية والتساؤلات كثيرة، فهل الهدف إضعاف «داعش» أم احتواؤها أما زيارة وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري إلى سورية اليوم، ليس إلا من أجل زيادة العمل على ضرورة النظر في زيادة التعاون والتنسيق والتحالف لمواجهة الإرهاب من خلال استراتيجية شاملة بعد فشل التحالف الدولي في تحقيق أهدافه، وبالتالي يوضع تقدم الجيشين السوري والعراقي المرفق بقوات الحشد الشعبي والمقاومة من حزب الله وغيرهما بخانة كشف الادعاءات الزائفة التي تحدثت عن استحالة التخلص من «داعش» أو الإرهاب عموما وبينها تصريحات ليون بانيتا رئيس الاستخبارات الأميركي الأسبق، وعليه تقع الإدارة الأميركية التي تقود التحالف الدولي بإحراج أمام المجتمع الدولي حيث ظهر تحالفها عاجزاً أمام تقدم محور إيران سورية العراق وحزب الله أمام من يعنيه الأمر.