مجلس الأمن يخذل السعودية وقطر
حميدي العبدالله
رفض مجلس الأمن الدولي إصدار قرار تحت الفصل السابع يجيز التدخل الخارجي في اليمن، واكتفى المجلس بإصدار بيان رئاسي يتمسك بموجبه بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، ويدعو إلى الحوار لتسوية الأزمة اليمنية على قاعدة ما توصلت إليه الأطراف في حوارات سابقة بإشراف ممثل الأمم المتحدة. كما رفض البيان الرئاسي التدخل الخارجي في شؤون اليمن. ومعروف أنّ قطر والسعودية بذلتا كلّ جهد مستطاع لإقناع أعضاء مجلس الأمن بإصدار قرار تحت الفصل السابع وإجازة تدخل عسكري خارجي في اليمن.
يمكن القول إنّ الصفعة التي وجهت إلى الرياض والدوحة لم تكن مفاجئة، فالحكومات الغربية، وتحديداً الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، في وضع لا يؤهّلها لفتح جبهة عسكرية جديدة، في ضوء جبهات أفغانستان والعراق وليبيا وسورية ومالي والصومال، فأيّ جبهة جديدة من شأنها أن تزيد أعباء على الأعباء الحالية، وتستنـزف قدرات باتت ضئيلة، حتى وإنْ كانت الرياض وقطر على استعداد لتمويل هذه الجبهة، فتعدّد الجبهات يحتاج إلى عشرات مليارات الدولارات، وهذا عبء يصعب على أحد تدبّره، فضلاً عن نتائجه وتداعياته على استقرار مناطق واسعة وحيوية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي، وفي قلبه اليمن بموقعه الاستراتيجي حيث يتحكم بممر مائي هامّ لناقلات النفط، وحيث يشترك بحدود واسعة مع دول مثل السعودية، وهي الدولة الأولى التي تنتج في اليوم أكثر من 10 ملايين برميل لتحافظ على المستوى الحالي لأسعار النفط.
فضلاً عن ذلك، تدرك الحكومات الغربية تعقيدات الوضع في اليمن، هذا البلد الذي فشل الاستعماران العثماني والغربي في إخضاعه، حيث لن تكون معركة سهلة في ظلّ انتشار السلاح على نطاق واسع، بكلّ أشكاله، سواء الخفيف أو المتوسط أو الثقيل، كما أنّ جغرافية اليمن تساعد المدافعين عنه على الصمود لفترات طويلة، وتجعلهم أكثر فعالية في أي حرب استنزاف يمكن أن يفكر أيّ طرف في خوضها. في ضوء هذه الحسابات لم تجار الحكومات الغربية حكومتي السعودية وقطر، ورفضت سعيهما إلى إصدار قرار تحت الفصل السابع، يمكن أن يشكل منـزلقاً للتورّط في الغوص في رمال حرب جديدة.
برهن الطلب السعودي القطري من مجلس الأمن بإصدار قرار تحت الفصل السابع، كما برهنت في السابق محاولاتهما الضغط على الولايات المتحدة لتوريطها في حرب مباشرة في سورية، مدى سذاجة حكام هذين البلدين وقصر نظرهم، حيث لا زالوا يعتقدون أنهم بمجرّد أن يلوّحوا بتمويل أيّ حرب فإنّ الدول الكبرى سوف تسارع إلى شنّ هذه الحرب بمعزل عن تقييم نتائج الحروب السابقة، وآفاق الحرب الجديدة وتداعياتها. وبديهي إذا ما واصل هؤلاء الحكام هذه السياسة فإنهم سوف يدفعون ثمناً باهظاً لمواقفهم غير الواقعية، أيّ أنّ استمرار رسم سياساتهم بناءً على حسابات تنطلق من ترصيد القوة الغربية في إطار هذه السياسات، سيجعلهم يدفعون ثمن هذا القصور ليس فقط بخسارة كراسيهم في الحكم، كما حدث لأمير قطر والد الأمير الحالي، بل تعرّض أنظمتهم هذه المرة للخطر أيضاً.