الحوثيون يطوقون عدن… وحوار الدوحة معلق… وهادي يستنجد بدرع الجزيرة تركيا للتنسيق مع العراق… والجعفري لحلف مع سورية… وغداً كيري ـ ظريف
كتب المحرر السياسي:
على إيقاع التصعيد السعودي بلا أفق يمنياً، يتفرغ الرئيس فؤاد السنيورة لإفراغ ما تبقى في جعبته من إهانات بالرئيس رفيق الحريري، وتوصيفه كرجل غير جدير بتحمل مسؤولية ممارسة الشأن العام، حيث يتفادى مواجهة التحديات ويبكي حتى الانهيار على كتف السنيورة أمام المصاعب، ويحاول شراء الذمم ورشوة المسؤولين السوريين «لتسهيل الأمور»، بينما يجرؤ السنيورة على رفض إشراك سفراء الدول الأجنبية في شأن سيادي كما قال، يضع الرئيس الحريري مصير لبنان وسيادته، بقياس قدرته المحدودة على تحمل الضغوط التي ترتبها المسؤولية، ويبذل من سيادة بلده وكرامته الشخصية وماله كل ما يلزم للحفاظ على وجوده مع المقربين منه في السلطة، أما في البعد القانوني فيفتقد السنيورة أبسط شروط الشاهد المقبول لدى أبسط المحاكم، فلا تاريخ صحيحاً ولا اسم صحيحاً ولا جواب كاملاً وكل شيء عليه جواب «أظن» و«أعتقد» و«أفترض»، وليس هناك كلمة «رأيت» و«سمعت» و«علمت» و«متأكد» و«متيقن»، وأي محكمة تحترم نفسها ترفض تدوين شهادته.
فيما العرض مستمرّ على مسرح لاهاي، في مسرحية تفتقد عناصر الجاذبية، بعدما فقدت جديتها وهزلت وفشلت في أن تكون هزلية، بعد أن عجزت عن أن تكون جدية، يعيش العالم والمنطقة أسبوعاً حاسماً.
يعقد وزيرا الخارجية الأميركي والإيراني جون كيري ومحمد جواد ظريف اجتماعهما الذي يفتتح الجولة الأخيرة قبيل نهاية المهلة المقرّرة لإنجاز الاتفاق التاريخي حول الملف النووي الإيراني، وسيحضر معاونو وزراء خارجية دول 5+1، المعنيون بالتفاوض، كما سيحضر ممثلو ومدراء الملفات في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسيكون الوزراء على السمع لتلقي نداء التوجه إلى لوزان في سويسرا.
على إيقاع التوقعات، وحيث العراق قاسم مشترك للمعطيات الإيرانية والأميركية، كانت المنطقة تستعدّ لهذا الأسبوع الحاسم بعناوين عراقية، حيث يزور رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري تركيا، ويتسرّب من مستشاريه أنّ الرئيس التركي رجب أردوغان مهتمّ بدور لحكومته في الفصل المقبل من الحرب على «داعش»، مبدياً استعداداً لدور محوري في حسم الموصل، ما وصفته مصادر الجبوري، بتحوّل نوعي يوحي بقراءة متغيّرات نوعية إقليمية تتصل بالتفاهم الأميركي الإيراني من جهة والمعارك الدائرة في العراق واتجاهها من جهة أخرى، بينما كان وزير الخارجية العراقي الدكتور إبراهيم الجعفري في دمشق، يترجم عملياً تحوّل العلاقة التنسيقية بين العراق وسورية في وجه الخطر المشترك للإرهاب، إلى تحالف معلن، مؤكداً أنّ سورية والعراق معاً تقاتلان عن العرب والعالم.
في مقابل التموضع التركي وإشاراته اللافتة، اشتعلت حرب تصريحات أميركية «إسرائيلية» بين الرئيس الأميركي باراك أوباما والمرشح لتشكيل حكومة الاحتلال الجديدة بنيامين نتنياهو، حول الموقف من قيام دولة فلسطينية، بينما واصلت السياسة السعودية تصعيدها اليمني، بدفع الرئيس المستقيل منصور هادي، للمطالبة بتدخل درع الجزيرة عسكرياً لإخراج الثوار الحوثيين من صنعاء وسائر المدن اليمنية، ما أطاح فرص مناقشة هادئة لمبادرة المبعوث الأممي جمال بن عمر، ودفع الثوار لإطلاق حملة عسكرية نجحت ببلوغ محافظات لحج والضالع وشبوة، مع التقدم المتواصل من تعز إلى تخوم عدن، بحيث صار الطوق شبه محكم على العاصمة عدن.
من عدن واكب اللبنانيون التصعيد السعودي، ومن منصة لاهاي واكبوا صداه على لسان الرئيس فؤاد السنيورة.
بين وادي أبوجميل ولاهاي، توزع التصعيد «السعودي- المستقبلي» ضد حزب الله وإيران من جانب تيار المستقبل، متضمناً اتهامات خطيرة للحزب أدرجتها أوساط سياسية في خانة إثارة الفتنة في ظل الأجواء المتوترة التي تشهدها المنطقة.
تيار الفيصل ضد مصالح الحريري
فلليوم الثاني على التوالي، مثل رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة أمام المحكمة في لاهاي للإدلاء بشهادته في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري متابعاً نقل أقوال على لسان الحريري من دون تقديم أدلة عليها وأخطرها أن الأخير أبلغه مرة أنه تم اكتشاف عدة محاولات لاغتياله من قبل «حزب الله»!
وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن شهادة السنيورة تتمحور حول هدف رئيس وهو إثارة الفتنة في لبنان ووقف الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، لا سيما أن رئيس كتلة المستقبل أبدى منذ البداية رفضه لهذا الحوار ولا يزال.
ولفتت المصادر إلى «تعارض مصالح كبيرة بينه وبين الرئيس سعد الحريري الذي لديه مصلحة في تهدئة الوضع من أجل تهيئة الظروف للعودة إلى السرايا، لا سيما أنه يعلم أن الجسر الذي يعيده إلى رئاسة الحكومة يكمن في تهدئة الوضع وإنهاء الفراغ الرئاسي، وهذا يفرض عليه عدم الاستجابة إلى التيار السعودي برئاسة سعود الفيصل والذي يفتح النار على حزب الله، في حين أن السنيورة هو أحد أدوات هذا التيار ومن منظومة التخريب على الحوار، وما قام به هو دور من أدوار التخريب، فهو يعلم أن الذي قاله عن اكتشاف أكثر من محاولة من حزب الله لاغتياله، لن يكون له أي أثر قضائي أو جنائي، فهو لم يشهد به خدمة للعدالة، إنما من أجل إشعال الفتنة في لبنان».
وعلّق الوزير السابق سليم جريصاتي في بيان على شهادة السنيورة التي وصفها بأنها «مزيج من إيراد الكلام على لسان الأموات الشهداء، وتحديداً رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري، من دون شاهد آخر سواه، واتهامات أقل ما يقال فيها أنها سياسية بامتياز وعقيمة الدليل».
وأوضح أن «الأدهى أمران: الأول، أن من يتوسل العدالة الدولية … عليه أن يجانب، سواء كان شاهداً أو متضرراً، ما من شأنه إثارة الفتنة في وطنه، … والأمر الثاني، أن الشاهد غير الحذق، مسكن الرئيس العملاق الشهيد إلى درجة أنه أبكاه على كتفه، فما هكذا تصان الأوطان ورجالاتها، لا سيما في المحافل الدولية».
وأكد جريصاتي أن «من تبوأ رئاسة حكومة مفتقرة إلى الميثاقية ونادى بإعلان روما والنقاط السبع ونزع سلاح المقاومة بعد انتصار تموز 2006 المدوي والفريد على الآلة العسكرية الإسرائيلية في عدوانها الغاشم على لبنان، لا يحق له أن يتفّه صانع تفاهم نيسان أو أن يسوق ضد المقاومين سيلاً من حقد تصفوي لحسابات سلطوية بحتة».
وفي الموازاة، استمرت أجندة الاهتمامات الداخلية على حالها. وانطلاقاً من مبدأ تشريع الضرورة الذي ساد منذ غياب رئيس الجمهورية، قرر رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي ترأس هيئة مكتب المجلس في عين التينة توزيع مشروع جدول الأعمال على أعضاء المكتب ليراجعوا فيه كتلهم والكتل الأخرى غير الممثلة في مكتب المجلس، ويصار على أساسه إلى عقد جلسة أخرى للمكتب لاعتماد القرار النهائي.
ويتضمن مشروع الجدول نحو 33 بنداً، منجزة من قبل اللجان النيابية، ومن أبرزها: مشروع قانون سلامة الغذاء ومشروع قانون حق الوصول إلى المعلومات، وبرنامج تسليح الجيش.
وفي السياق، رأى تكتل التغيير والإصلاح «أن تشريع الضرورة هو تشريع ضروري لجهة أن تكون هناك قوانين متصلة بتكوين السلطة، أو هناك مصلحة وطنية في بحثها وإقرارها»، معتبراً أن استعادة الجنسية والموازنة وسلسلة الرتب والرواتب والقروض من تشريع الضرورة.
«أبو هريرة» و«أبو عمر» في قبضة الجيش
أمنياً، أحرزت مديرية المخابرات في الجيش صيداً معلوماتياً وعسكرياً ثميناً بتوقيفها المطلوبين الإرهابيين عمر ميقاتي الملقب بـ»أبي هريرة» وبلال ميقاتي الملقب بـ»أبو عمر اللبناني» و«أبو عمر الطرابلسي». وأوضح بيان لقيادة الجيش أن الموقوفين ينتميان إلى أحد التنظيمات الإرهابية ومن المشاركين في الاعتداءات على الجيش، وفي عمليات إرهابية داخل الأراضي اللبنانية، كما يشتبه بتورط أحدهما بذبح أحد العسكريين المخطوفين.
لا سلاح من روسيا والصين وإيران
وفي سياق متصل، لفتت مصادر عسكرية لـ«البناء» إلى «أن قيادة الجيش تدرك أن الأشهر المقبلة ستكون حاسمة ودقيقة في المعركة ضد الإرهابيين في الجرود، ولذلك تسعى إلى توفير الأسلحة والذخائر بشتى الطرق المناسبة. وفي هذا السياق تستمر الأبواب مقفلة بوجه الهبة الإيرانية المرفوضة من فريق 14 آذار لاعتبارات سياسية، في حين أن العرض الصيني يشهد مماطلة من قبل الحكومة التي لم تقدم أي جواب لبكين حول العرض.
وأشارت المصادر إلى «أن السلاح الروسي حاضر في موسكو، إلا أن الحكومة اللبنانية تذرعت تحت ضغوط غربية أنها لن تستطيع أن تحول الدفعة الأولى من الثمن بحجة العقوبات الغربية المفروضة على المصارف الروسية بسبب الأزمة الأوكرانية، ويخشى أن تتعرقل الصفقة أو تتأخر». أما بالنسبة إلى السلاح الفرنسي، فلفتت المصادر إلى احتمال وصول دفعة منه لا يتجاوز حجمها 35 مليون دولار على ثلاث مراحل ما بين نيسان وآب المقبلين، إنما لا شيء نهائياً.
وفي الإطار نفسه، أبلغت الولايات المتحدة الأميركية قيادة الجيش أن هناك دفعة من هذا السلاح إلى الطريق للبنان خلال شهرين، وعلى هذا الأساس، وفي ظل الحاجة اللبنانية للسلاح، هناك سعي لدى الأردن لتسليح الجيش ببعض الأسلحة والذخائر الضرورية في المعركة المستقبلية المحتملة.