مغربي وعلوش: الأسرى رمز للنضال الفلسطيني وقضيتهم امتداد عضوي لاحتلال الأرض ولا يمكن تحريرهم بمعزل عن المقاومة
على هامش انعقاد المنتدى العربي الدولي لنصرة الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، التقت «البناء» عدداً من المشاركين في المنتدى من الضيوف العرب والفلسطينيين، وسألتهم حول الهدف من مشاركتهم ودور بلدانهم في نصرة قضية الأسرى، وكذلك اطلعت من أحد الأسرى المحررين حديثاً في الصفقة الأخيرة، التي شملت الإفراج عن ثلاثين أسيراً فلسطينياً اشترطت سلطات الاحتلال «الإسرائيلي» إبعادهم عن فلسطين المحتلة، ويقيمون حالياً في قطر، على واقع الأسرى القابعين في سجون الاحتلال «الإسرائيلي» وظروفهم.
الأسير المحرر دودين
البداية كانت في اللقاء مع الأسير المحرر موسى دودين البالغ من العمر نحو 41 سنة، ودخل المعتقل في عمر 19 سنة.
ما هي الظروف التي جرى فيها اعتقالك؟
أقدمت قوة عسكرية صهيونية على اقتحام منزلي بطريقة همجية في بلدة دورة قضاء الخليل بالضفة الغربية، واعتقلتني مع ثلاثة من أشقائي، وقامت بتكسير محتويات المنزل، ولم تسمح لي بارتداء أي شيء سوى القميص، على رغم أن الطقس كان بارداً جداً، بعد ذلك جرى تحويلنا إلى التحقيق الذي استمر لمدة أشهر.
ماذا حصل في التحقيق معك؟
تعرضت لتعذيب قاسٍ جداً وقد أدى ذلك إلى تكسير عظام يدي، وكانت تنتابني نوبات ألم شديد. وفي العديد من المرات جرى توثيق يدي وقدمي بعمود في منتصف الساحة من المساء حتى الصباح، على رغم البرد الشديد وفي العراء».
ما هي نوعية الأسئلة التي كانت توجّه إليك خلال التحقيق؟
«قبل اعتقالنا كنا مجموعة عسكرية فدائية، واشتبكنا مع جنود للعدو وتمكّنا من قتل جنديين وإصابة أربعة بجروح، ولهذا كان التحقيق يستهدف معرفة كل أعضاء المجموعة الفدائية التي شاركت في العملية، وكذلك الأسلحة التي استخدمت. وطوال الوقت كان التحقيق يتركز على ذلك.
هل تمكنوا من الحصول على المعلومات؟
لقد انتهى التحقيق من دون الحصول على المعلومات التي أرادوا الوصول إليها، لا الأسلحة ولا بقية أعضاء المجموعة، مع العلم أن بعض أفرادها كانوا معتقلين معي.
كيف هي ظروف الحياة في السجن؟
هناك أساليب عقابية كانت تُتّبع معنا، على رأسها العزل الانفرادي، وهو أشبه بصندوق حجري لا يمكن التمييز فيه الحد الفاصل بين الليل والنهار. الهواء يدخل عبر شفاط، وهناك فتحة من باب حديد لإدخال الطعام ومساحة الغرفة الصندوق 3 أمتار بعرض مترين، والسرير الحديد الموجود مثبت بالحائط وبجانبه الحمام المليء بالجرذان والحشرات. قضيت في هذا السجن الإنفرادي ست سنوات متواصلة، ومن الصعب أن يخرج الإنسان منها وهو بوعيه وتوازنه. النقطة الأخرى كانت تعرضنا للتفتيش العاري، فلم يبق أحد منا لم تتم تعريته في سجن جلبوع، حيث تمت تعرية 15 أسيراً ووضعهم في غرفة واحدة.
أسف لعدم وجود توثيق لهذه الجرائم التي يرتكبها الإحتلال داخل المعتقل ليتم تقديمها إلى المؤسسات الدولية، حتى أن بعض الأهالي كانوا يفتشوا بشكل عاري تماماً، ولا يستثنى من ذلك حتى النساء.
ماذا عن ملف المرضى في السجون، هل يتلقون العلاج؟
هناك الكثير من المرضى يعانون من أمراض عدة، والاحتلال يتقصد تركهم من دون علاج. مثلاً: هناك أسير كان قد أصيب برصاصة بقيت في جسده لمدة خمس سنوات حتى أجريت له عملية وتم إخراجها من مكانها.
الأطفال تعرفوا على خريطة فلسطين من خلال زياراتهم المتكررة على مدى السنين لرؤية آبائهم في السجون التي كانوا يتنقلون فيها، وبعض العائلات كان نصفها داخل السجن ونصفها الآخر في الخارج.
بعض الأطفال، بعد عشرين عاماً اعتقلوا وتعرفوا على آبائهم في السجن.
هل لك أن تذكر لنا حادثة ليتعرف الرأي العالم إلى حقيقة الجرائم التي يرتكبها العدو داخل السجون؟
هناك حادثة حصلت في سجن النقيب تعبّر عن بشاعة الجرائم التي يرتكبها المحتل، كانت هناك مشكلة تمثلت بإحضار طعام سيئ وعندما اعترضنا قام مدير السجن المدعو اتسيمح بإطلاق النار على أحد الأسرى وقتله، وعندما تقدم نحوه أحد الإخوة الأسرى متحدياً وغاضباً أقدم أيضاً على إطلاق النار عليه وقتله.
الآن هناك سجل حافل بالانتهاكات ضد الأسرى، ونحن كأسرى كانت لدينا التزامات بعدم الذهاب إلى المؤسسات الدولية، أما الآن فالمطلوب منا التوجه إلى المحاكم الدولية لإدانة الاحتلال «الإسرائيلي»، ولدينا العشرات من الشهادات الحية لتقدم أمام المحاكم الدولية.
هل لديكم خطة لذلك؟
هذا الجهد مطلوب من السلطة الفلسطينية كجسم قانوني وجامعة الدول العربية، عليهم التحرك باتجاه المحاكم الدولية لمقاضاة الاحتلال «الإسرائيلي» على جرائمه بحق السجناء.
ماذا عن الاعتقال الاداري كيف يتم؟
أحد أشكال العقوبة المزاجية التي يقدم عليها الاحتلال تكمن في الاعتقال الإداري لمدة معينة، ثم إطلاق سراح الموقوف فترة قصيرة، ليجري بعد ذلك اعتقاله مجدداً وهكذا…
وأضرب مثلاً على بشاعة هذا الأسلوب الصهيوني: لدي شقيق مكث في المنزل سنة من أصل 13 سنة كان يقضيها في الإعتقال الإداري من دون أي محاكمة أو اتهام.
عبد العظيم مغربي
والتقت «البناء» الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب عبد العظيم مغربي.
ما الهدف من مشاركتك والرسالة التي تريد توجيهها من خلال هذا المنتدى؟
الهدف هو تأكيد التضامن والمشاركة في النضال لأجل تحرير الأسرى والمعتقلين السياسيين في سجون الاحتلال. كما أننا نريد أن نؤكد أن قضية الأسرى هي رمز لقضية النضال الفلسطيني للانعتاق من الاحتلال العنصري الصهيوني لفلسطين وضرورة إعادة النظر في أسلوب العمل واعتماد المقاومة وسيلة أساسية ورئيسية لاستعادة حقوقنا المغتصبة، وكذلك ضرورة إعادة ترتيب العلاقات بين القوى العربية والدولية لإعطاء هذه القضية ما تستحقه، باعتبار أن القضية الفلسطينية ما زالت وستبقى القضية المركزية للأمة العربية.
كيف ترى دور مصر المقبل، هل هو في اتجاه استعادة مصر لدورها القومي الريادي المساند لقضية فلسطين ونضال الشعب الفلسطيني؟
بالتأكيد مصر تقوم بذلك، وهذا يتأكد يوماً بعد يوم، وأعتقد أن رعاية مصر للمصالحة الفلسطينية خير شاهد على ذلك، وهذا تعبير عن تأكيد ما قاله الزعيم الراحل جمال عبد الناصر من أن القضية المركزية لشعب مصر كما للأمة العربية هي القضية الفلسطينية، ولا يمكن أن تحول دون ذلك اتفاقية كامب ديفيد المشؤومة التي يرفضها الشعب المصري في مضمونها بالكامل.
ابراهيم علوش
وأخيراً كان لقاؤنا مع الدكتور ابراهيم علوش الناشط السياسي العربي الآتي من الأردن.
ما هي الغاية من مشاركتك في المنتدى؟
الهدف هو التضامن مع قضية الأسرى، والمشاركة في الفاعليات المتعلقة بهم، خصوصاً أننا قمنا في الأردن بأكثر من فعالية تضامناً مع الأسرى مقابل السفارة الصهيونية في عمان، وكان عنوان الاعتصام الأسبوعي الذي نقيمه أمام سفارة العدو يرتبط أحياناً بقضية الأسرى، حيث قمنا بأنشطة خلال معركة الأمعاء الخاوية والمطالبة بتحسين ظروف الأسرى وبمناسبة يوم الأسير الفلسطيني والعربي.
ما رأيك بموضوع الأسرى والمفاوضات هل ترى علاقة بين الأمرين؟
أولاً لا يجوز أن نطرح قضية الأسرى من زاوية إنسانية محض كما فعل البعض لكسب تأييد «الرأي العام الغربي». قضية الأسرى هي امتداد عضوي لقضية احتلال الأسرى والأرض، ولا يمكن أن نطرح ملف الأسرى بمعزل عن ارتباطه بعنوان الاحتلال، ولا يمكن أن نتناول موضوع تحرير الأسرى بمعزل عن المقاومة. هناك من يروّج اليوم لتحرير الأسرى عبر المفاوضات كما تروّج السلطة الفلسطينية.
أما البعد الآخر الذي يجب التنبيه إليه هو أن كثيرين يتجاهلون أن موضوع الأسرى ليس موضوعاً فلسطينياً فحسب، فلا يزال هناك نحو 150 أسيراً عربياً في سجون الاحتلال يسمّون أسرى الدوريات، منهم نموذج الأسير المحرر عميد الأسرى سمير القنطار، الذين أسروا نتيجة مقاومتهم للاحتلال.
وبرأيك ما هو سبب تغييبهم؟
لأنهم عرب والبعض يريد تحويل القضية الفلسطينية إلى مسألة فلسطينية صرف في سياق مشروع التسوية.
تسمية يوم الأسير في 17 نيسان بماذا ارتبطت؟
إن هذه التسمية عام 1974 كانت قد ارتبطت بتحرير أول أسير من المعتقلات الصهيونية بقوة المقاومة في هذا التاريخ.
الأردن اليوم حافل بالأحداث وهو يقع على الحدود مع فلسطين المحتلة وسورية والعراق، كيف يتأثر بالأحداث الجارية هناك وما هي ارتداداتها عليه؟
النظام الأردني بدأ يشعر بخطورة الجماعات التكفيرية التي دعمها على مدى ثلاث سنوات في سورية وليبيا والعراق، وبدأ يتخذ إجراءات خجولة لاحتواء تأثيرها وتسلّلها إلى الساحة الأردنية. لكن أزمة النظام تكمن في كونه نظاماً تابعاً للغرب بعامة. والولايات المتحدة بخاصة، وتالياً فإنه لا يملك قراره الاستراتيجي.
من هنا بات النظام يعيش معضلة حقيقية بين الحاجة لاتخاذ خطوات تنقذه كنظام مما يجري في الإقليم وبين بنيته وتاريخه المجبول على الانصياع لبريطانيا ثم للولايات المتحدة الأميركية.
ويحاول النظام اليوم أن يحافظ على استقراره في منطقة مضطربة أسهم هو في اضطرابها وإن يكن بحدود أقل بكثير من دول أخرى مثل السعودية وتركيا.
الوضع الاقتصادي في الأردن يزداد سوءاً في ظل غياب المشروع التنموي، فلا مفر من استجداء المساعدات من أميركا والمؤسسات الدولية، وهذا لا يأتي بلا شروط سياسية. فإما الخبز وإما الأمن.
أجرى الحوار: حسن حردان