سلام: نؤيّدإنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي
لفت رئيس الحكومة تمام سلام إلى «أنّ التأخير المتمادي في انتخاب رئيس للجمهورية، أدى إلى تعثر عمل مؤسساتنا السياسية، وانعكس سلباً على دورتنا الاقتصادية»، معولاً على «نجاح الحوار القائم بين الأطراف السياسية، الذي أشاع أجواء إيجابية في البلاد، في خلق المناخ المؤاتي لإنجاز هذا الاستحقاق الدستوري البالغ الأهمية، ليكون في مقعد لبنان في القمة العربية المقبلة رئيس الجمهورية اللبنانية، رأس دولتنا ورمز وحدة وطننا».
وفي كلمة أمام القمة العربية السادسة والعشرين المنعقدة في شرم الشيخ، أكد سلام «أنّ لبنان، وانطلاقاً من حرصه على دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وعلى الإجماع العربي ووحدة جميع البلدان العربية واستقرارها، يعلن تأييده أي موقف عربي يحفظ سيادة اليمن ووحدة أراضيه وتماسك نسيجه الاجتماعي».
وأضاف: «إذ نؤكد إيماننا بأهمية اعتماد الحلول السياسية للأزمات الداخلية بعيداً من أي تدخل خارجي في شؤون الدول العربية، نأمل أن يعود الأمن سريعاً إلى ربوع اليمن حفظاً لأرواح أشقائنا اليمنيين وصوناً لمقدرات بلدهم، تمهيداً لاستئناف الحوار في إطار عملية سياسية تستوعب الخلافات، وترمم العلاقات بين مختلف الأطراف، وتضع خارطة طريق للمستقبل»، داعياً «إلى تحييد لبنان عن كلّ الصراعات الإقليمية التي قد تكون لها انعكاسات سلبية على الوضع اللبناني».
وتابع سلام: «لقد أدت حالة عدم الاستقرار التي تعصف بمنطقتنا العربية إلى بروز وتضخم ظاهرة الإرهاب، الذي يزرع العنف في بلداننا باسم الإسلام، والإسلام منه براء. لقد تسلل هذا الإرهاب الأسود إلى منطقتنا من ثقوب الجهل، من وعي زائف للدين، من عسف السياسات المولدة للضغائن. وجاءنا من غرف التآمر ومعامل توليد الفتن، فعمّم الفوضى وسمح بتدخلات خارجية متمادية في العديد من الدول العربية».
وقال: «إننا مدعوون، نحن الذين نتشارك الماضي والحاضر والهوية، نحن الذين نتشاطر الهم ونتلقى الأذى، إلى إقامة سدّ دفاعي أمني وسياسي وفكري في وجه هذه الحالة الشاذة. وهذا يتطلب قرارات حاسمة تجند لها كلّ الإمكانات، ويستدعي استنفار كلّ القوى التنويرية في مجتمعاتنا. من هذا المنطلق، فإننا نساند أي خطوة تتخذها قمتنا في هذا الاتجاه، ونؤكد تأييدنا إنشاء قوة عربية مشتركة لمكافحة الإرهاب وصون الأمن القومي العربي».
ولفت إلى «أنّ لبنان عانى، ولا يزال، من الإرهاب العابر للحدود. ولقد دفعنا ثمناً بشرياً ومادياً باهظاً، قبل أن نتمكن من وضع حدّ لهذه الموجة بفضل قرارنا السياسي الحاسم، الذي التف حوله اللبنانيون، وبفضل صلابة ويقظة جيشنا وقواتنا الأمنية».
واعتبر سلام «أنّ العامل الأساس في تمكيننا من التصدي للموجة الإرهابية، هو المجتمع اللبناني الذي لفظ الإرهاب وأثبت بالملموس أنه لا يشكل بيئة حاضنة له»، مؤكداً أن «لا مكان في بلادنا وفي صفوف شعبنا لهؤلاء الظلاميين»، وأننا «في لبنان متشبثون بنموذج العيش المشترك بين أبناء الطوائف المختلفة، الذي يتسع للحوار والتسامح وقبول الآخر، ونعتبره تجربة مضيئة مناقضة لنموذج التطرف والإقصاء والإلغاء، الذي تقدمه لنا منظمات الإرهاب، ولنموذج الصلف والعنصرية الذي تمثله إسرائيل».
وإذ جدّد التأكيد على التزام الحكومة، «مبدأ النأي بالنفس عن الحريق السوري المستعر في جوارنا»، رأى سلام «أن لا خلاص إلا بحلّ سياسي يتوافق عليه السوريون». وأضاف: «لقد لفحنا الحريق السوري بقوة، وألقى في حضن لبنان أكثر من مليون ونصف مليون نازح، مع ما يعنيه ذلك من تبعات وأعباء على كلّ المستويات، في بلد يعيش وضعاً اقتصادياً صعباً، ويعاني أساساً من ضعف في بناه التحتية. إنّ الحكومة اللبنانية سوف تتقدم بخطة مفصلة لحاجات لبنان، في القمة الثالثة للدول المانحة للنازحين السوريين، التي ستتكرم دولة الكويت مشكورة باستضافتها بعد يومين. ونأمل أن تلقى هذه الخطة كلّ اهتمام ودعم من جانبكم».
وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال سلام: «لقد أخفقت كلّ الجهود الدبلوماسية، التي بذلت على مدى سنوات، في فرض حلّ عادل للقضية الفلسطينية، وها هو المجتمع الإسرائيلي يكشف، كما بينت نتائج الانتخابات الأخيرة، عن تجذر مشاعر التطرف والعنصرية في داخله، ويبلغ العالم أنه لا يريد التفاوض مع الفلسطينيين، ولا الاتفاق معهم، وأنّ سياسات الاستيطان وتغيير الديموغرافيا مستمرة، وأنّ الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية باق إلى الأبد. إن الردّ العربي، وعلى رغم كلّ الهموم والانشغالات، يجب أن يكون واضحاً لإسرائيل وللعالم، وهو: أنّ الشعب الفلسطيني ليس متروكاً»، داعيا الفلسطينيين إلى «تزخيم خطوات المصالحة، ووضع خطة موحّدة للتعاطي مع المرحلة المقبلة». كما أعلن «وقوفنا إلى جانب السلطة الفلسطينية، في أي مساع تبذلها في المحافل الدولية لتوسيع الاعتراف بدولة فلسطين، تمهيداً لقيام هذه الدولة بصورة ناجزة».
وكان سلام التقى، فور وصوله إلى شرم الشيخ، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي استقبله في صالة الشرف في المطار، حيث عقدا خلوة قصيرة. كما عقد لقاءات على هامش القمة، أبرزها مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الرئيس العراقي فؤاد المعصوم، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ووزيري خارجية السعودية سعود الفيصل والإمارات عبد الله بن زايد آل نهيان، وعاد بعد ظهر أمس إلى بيروت.