معاهدة الدفاع العربي المشترك والقوة المشتركة
عامر نعيم الياس
لم يخفِ عدد من المحللين والمراقبين إعجابهم بفكرة تشكيل «قوة عربية مشتركة» التي أقرّتها القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ. فمجرد إعادة طرح الفكرة فتح الباب واسعاً أمام الحديث عن ضرورة تفعيل التعاون الأمني العسكري العربي المشترك. لكن توقيت الطرح في ظل الهجوم على اليمن عبر تحالف خليجي وعربي وإقليمي، طرح عدداً من التساؤلات حول جدوى الطرح، بينما رآه البعض استباقاً من الرياض لتشكيل قوة عربية مشتركة، إذ دخلت باكستان وتركيا على خط «عاصفة الجنون» ضدّ اليمن، فإن قرار القمة العربية باعتماد اقتراح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعاد الحديث عن القرار باعتباره يتكامل مع العدوان على اليمن ويخرج عن سياق أيّ حديث أو تلميح عن معاهدة الدفاع العربي المشترك.
وفي سياق سرد الافتراق في نَسَب القوة العربية المشتركة عن الهدف والغاية الأسمى المتعلقة بمعاهدة الدفاع العربي المشترك يمكن الحديث عن العوامل التالية:
ـ شكل القوة العربية المشتركة وهيكليتها القيادية، برئاسة من؟ هل تخضع في بنيانها لبنود اتفاقية الدفاع العربي المشترك؟ وهل اتخذ القرار في القمة العربية استناداً إلى المعاهدة أم إلى قرار مجلس الجامعة؟
ـ مبادرة السيسي هل هي مبادرة جدّية ذات هدف استراتيجي للنهوض بـ«الأمة العربية»، أم أنها تكتيكية للتغطية على الهدف الحقيقي من وراء مشروع قوة الاستقطاب الطائفي في المنطقة.
ـ ما هي مصادر التهديد التي ستتحرك القوة العربية لمواجهتها؟ هل ستواجه الكيان الصهيوني؟ أم أن هناك أولويات جديدة؟
ـ هل ثمّة تعريف واضح للأمن القومي العربي؟ ما هي أولويات المواجهة الحالية؟ أهو الإرهاب في المنطقة والذي تختلف أدوار الدول العربية في تحديد تعريفه، أم مواجهة إيران؟، ماذا عن تعارض العلاقات بين القاهرة وأنقرة وتضارب مصالحهما في أكثر من ساحة مواجهة بما فيها الداخل المصري، ألا يشكل المشروع العثماني خطراً على أمن مصر القومي، وبالتالي هل تستطيع القوة العربية التحرّك لمواجهة تركيا؟
ـ معاهدة الدفاع العربي المشترك تركز على ردع أي تهديد يواجه الدول العربية، ماذا عن اتفاقيات التعاون الثنائي بين بعض الدول العربية ودول حلف شمال الأطلسي؟ ماذا عن معاهدات السلام بين عمان ورام الله والقاهرة من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى؟
ـ ما هي العقيدة القتالية للقوة العربية المشتركة التي اعتمدتها القمة العربية في شرم الشيخ باعتبارها إنجازاً خاصاً بالقمة؟ ما هو شكلها ونمط تسليحها؟
من الواضح أن القرار الصادر عن قمة شرم الشيخ ليس سوى قنبلةً صوتية لتصوير الأمور على أنها عودةٌ إلى التنسيق العربي المشترك لمواجهة الأخطار التي تحيط بالدول العربية، لكن الأساس يبقى تمرير القرار السعودي بالعدوان على اليمن، وفتح الباب أمام مزيدٍ من المناورات في الفترة المقبلة تبعاً لطبيعة الموقف الميداني على الأرض بما في ذلك تمرير خيار «التحالف السني» إن أمكن، فيما معاهدة الدفاع العربي المشترك والأوهام بالعودة إليها لا تزال تداعب مخيلة البعض الذي يتناسى حجم الافتراق في المصالح وحجم الدمار الذي تمارسه وتقوده دول عربية بحق دول عربية أخرى.
كاتب ومترجم سوري