اليونان تطرح نفسها جسراً بين روسيا والاتحاد الأوروبي
أعلنت الأمم المتحدة أن 11 شخصاً لقوا مصرعهم وأصيب 52 بجروح في شرق أوكرانيا خلال الفترة ما بين 21 و27 آذار على رغم الهدنة المعلنة في هذه المنطقة.
وجاء في تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أن العدد الإجمالي لضحايا النزاع الأوكراني منذ اندلاعه في نيسان الماضي وحتى 27 آذار الجاري بلغ 6083 قتيلاً و15397 جريحاً على الأقل.
وأضاف التقرير أن المكتب الأممي لم يتلق بعد كامل المعلومات حول ضحايا التصعيد الأخير للقتال في شرق أوكرانيا في كانون الثاني وشباط الماضيين.
وأعرب مكتب الأمم المتحدة في تقريره عن قلقه بشأن الخطر الذي تمثله ألغام مزروعة وقذائف لم تنفجر، مشيراً إلى أن 4 أشخاص قتلوا وأصيب 19 في انفجار لغم تحت حافلة ركاب كانت متوجهة إلى مدينة غورلوفكا في 25 آذار الماضي.
من جهة أخرى أعلنت منظمة الأمم المتحدة أنها بصدد وقف توزيع حصص الغذاء لسكان جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك شرق أوكرانيا وذلك بسبب نقص شديد في التمويل.
وذكر تقرير مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة أن 16 فقط أي ما يعادل نحو 51 مليون دولار وصلت من أصل 316 مليون دولار تم طلبها لتقديم المساعدة للسكان المحلين. وجاء في التقرير أنه بسبب تقطع أو غياب تمويل القسم الغذائي ينتظر أن يفقد ما يعادل 80 ألف محتاج المساعدة على شكل أموال نقدية أو قسائم الطعام وأيضاً سيتوقف توزيع الحصص الغذائية في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة الأوكرانية.
وحذر مسؤولون في مكتب التنسيق من أن الاستقالات والتنقلات التي حدثت في الفترة الأخيرة داخل الحكومة الأوكرانية ستشكل ضغطاً إضافياً على قدرة تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب والتوافق عليها.
جاء ذلك في وقت أعلن ممثل روسيا في الأمم المتحدة أن اتفاقات مينسك حول أوكرانيا تبقى أساساً لتسوية النزاع في جنوب شرقي البلاد.
وفي جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي لمناقشة نتائج عمله في هذا الشهر ذكر فلاديمير سافرونكوف، نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن المجلس لم يتجاهل «الوضع الكارثي في أوكرانيا».
وبهذا الصدد شدد الدبلوماسي الروسي على أن وثيقة مجموعة الإجراءات الخاصة بتطبيق اتفاقات مينسك، والتي تم تبنيها في العاصمة البيلاروسية 12 شباط الماضي، تبقى «حجر الأساس لتسوية النزاع في أوكرانيا، ويجب تنفيذها كاملة».
وجاء توقيع وثيقة «مجموعة الإجراءات» نتيجة لمفاوضات مطولة أجراها رؤساء دول «رباعية النورماندي» روسيا، أوكرانيا، فرنسا، ألمانيا . وتقضي هذه الوثيقة التي دعمها قرار 2202 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 17 شباط، على وقف إطلاق النار في مقاطعتي دونيتسك ولوغانسك جنوب شرقي أوكرانيا ، وسحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس بين طرفي النزاع، وخطوات أخرى ترمي إلى ضمان تسوية سياسية طويلة الأمد في المنطقة.
إلى ذلك، قال الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» ينس ستولتنبرغ إن الحلف لا يعتقد أن روسيا حالياً تشكل تهديداً مباشراً على أعضاء الناتو.
وأشار ستولتنبرغ خلال إجابته على أسئلة أعضاء البرلمان الأوروبي إلى أن هذا التقييم يتعلق خصوصاً بدول البلطيق، لكنه أكد أن الحلف يرى واقعاً جديداً في مجال الأمن «نحن نرى روسيا أكثر حزماً ونرى أنها مسؤولة عن الأفعال العدوانية ويجب علينا أن نتذكر بأن هذا يجري ليس فقط في أوكرانيا».
وأكد ستولتنبرغ أن الحلف يركز الآن على الردع وفي الوقت ذاته يعمل على تقوية الدفاع في وجه المخاطر الموجودة. وقال: «ما نراه في أوكرانيا جزء من الصورة العامة وهذا يزيد من أسباب القلق لدينا ولسبب هذا نقوم بتعديل قوتنا لتتلاءم مع الحقائق الجديدة في مجال الأمن».
وفي السياق، قال رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس إن بلاده لا تتفق مع العقوبات الغربية ضد روسيا، ولفت إلى إمكان أن تكون بلاده جسراً بين روسيا والاتحاد الأوروبي.
وذكر تسيبراس في مقابلة صحافية أنه فور توليه منصب رئيس الوزراء في كانون الثاني الماضي، تلقى رسالة من رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي كان ينطلق من أن دعم أثينا للعقوبات ضد روسيا أمر شبه مضمون.
وأردف قائلاً: «اتصلت به، كما اتصلت بفيديريكا موغيريني الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي وقلت لهما: عليكما ألا تعتبرا موقف اليونان أمراً مضموناً، إذ تغير الوضع وباتت هناك حكومة جديدة في اليونان، وعليكما أن تسألانا قبل اتخاذ القرارات». وتابع: «لا نتفق مع العقوبات، وأظن أنها طريق لا نهاية لها، وأنا من أنصار الحوار والدبلوماسية، وعلينا أن نجلس إلى طاولة المفاوضات ونجد حلولاً للقضايا الكبرى».
واعتبر تسيبراس أن الحرب الاقتصادية، باعتبارها امتداداً للحرب الحقيقية، تؤدي إلى طريق مسدودة، ودعا إلى تطبيق اتفاقات مينسك الخاصة بالتسوية في أوكرانيا، وإلى أن يبذل المجتمع الدولي كل ما بوسعه من أجل نزع فتيل التوتر في أوكرانيا.
وشدد رئيس الوزراء اليوناني على استحالة بناء هيكلية أمن جديدة في أوروبا من دون روسيا، لافتاً إلى أنه أكد ذلك بوضوح للرؤساء الأوروبيين خلال مشاركته في قمم الاتحاد الأوروبي، معرباً عن أمله في أن تساهم زيارته المقررة في 8 نيسان موسكو في وضع أساس جديد للعلاقات الروسية-اليونانية.
وأضاف رئيس الوزراء اليوناني أن البلدين بحاجة إلى تنسيق مواقفهما على خلفية الوضع الجيوسياسي الصعب الراهن، وتابع أنه على موسكو وأثينا أن تدرسا إمكانات التعاون الحقيقي في مجالات عديدة، منها الاقتصاد والطاقة والتجارة والزراعة، وذلك من أجل بناء تعاون ثنائي بنّاء، معتبراً أن اليونان، بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي، قد تصبح حلقة وصل وجسراً يربط بين الغرب وروسيا.
يذكر أن تسيبراس رئيس حزب «سيريزا» اليساري الراديكالي المناهض لسياسة التقشف، فاز بالانتخابات البرلمانية اليونانية في كانون الثاني الماضي، وأعلن نيته تعديل شروط صفقة المساعدات مع ترويكا المقرضين الدوليين وتعديل السياسة الخارجية للبلاد.