حروب عربية من أجل «إسرائيل»
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
تزداد الأمور خطورة عندما نعلم أن الحروب بين العرب سواء أخذت طابعاً سياسياً أو دينياً تصب في النهاية في خدمة كيان العدو «الإسرائيلي».
حرب الإمامة والثوار في اليمن قبل نصف قرن كانت تخدم الحفاظ على موقع استراتيجي لـ»إسرائيل» في اليمن وما يتصل بخطوط وطرق الإمداد البحري. الحرب الأهلية في السودان التي طالت عقوداً هي الأخرى أرادت أن تحفظ لــــ»إسرائيل» حصة استراتيجية واقتصادية. الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت لخمسة عشر عاماً حققت أمناً لـ»إسرائيل» عندما أشغلت اللبنانيين بعضهم ببعض لئلا تتشكل مقاومة يمكن أن تمس أمنها وسيادتها!
حروب الفلسطنيين الكثيرة داخل لبنان أيضاً كانت تهدف لإنهاء القضية الفلسطينية وتشتيت الفلسطينيين وتوطينهم وتهجيرهم وبالتالي إنهاء ما يُعرف بــ«البندقية الفلسطينية المقاوِمة ضد العدو الإسرئيلي».
حرب الفلسطينيين مع الأردنيين عام 1970 وقيام الملك الأردني وجيشه بطردهم في شكل كامل وإنهاء ظاهرة المقاومة الفلسطينية في الأردن هي الأخرى كانت بغرض حماية «إسرائيل» وضمان أمنها، حرب المصريين ضد الجماعات الإسلامية هدف أيضاً لإشغال المصريين عن التفكر بأي عدو آخر وبالتالي تحويل قوة مصر القومية من قوة في مواجهة «إسرائيل» إلى قوة في مواجهة الإسلاميين وبالتالي جعل مصر بلداً سجين أوضاعه الداخلية القاسية.
حرب الخليج الثانية واحتلال صدام حسين للكويت شكلت نقطة تحول في دنيا العرب، إذا انهار الأمن القومي العربي في شكل نهائي واتجه العرب إلى المفاوضات فالتسوية مع «العدو الإسرائيلي» ما يعني أنّ «إسرائيل» في هذه المرحلة لم تعزز أمنها فحسب بل دخلت كشريكة للعرب في صنع «سلام» مزعوم تكون فيه «إسرائيل» شرطي المنطقة وزعيمتها بلا منازع!.
الحرب الداخلية السورية لا تبعد عن هذا المسار أبداً، خصوصاً مع التدخل «الإسرائيلي» المباشر فيها. فكل هذا التدمير لأهم بلد عربي مقاوم كان يهدف لضرب آخر معاقل الصمود والمقاومة لدى العرب. «إسرائيل» كانت تعرف خطورة سورية في موقفها السياسي وموقعها الجغرافي وخيارها العسكري الاستراتيجي، لذلك عملت على خط الفتنة والفوضى والتقسيم بعنف وحقد لتستقيم لها السيطرة على المنطقة والتمدد فيها كما تشاء!.
ثم الحرب المستعرة في العراق التي استنزفت طاقات هذا الشعب ومقدراته، وجعلته بلداً فاشلاً على مختلف المستويات. ولا ريب أن تدمير المعالم الحضارية كان بغرض واضح هو أن لا يبقى العراق بلداً ذا جذور ٍتاريخية وحضارية، وصولاً إلى ما يجري حالياً في اليمن تحت حجة التمدد الإيراني. ففتح النيران على جماعة أنصار الله، وهذه الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام السعودي تحمل بصمات التحالف بين الكيان الوهابي والكيان «الإسرائيلي».
العيب كل العيب على عرب يحملون همَّ «إسرائيل» أكثر مما يحملونه من همٍّ شعوب فقيرة تزداد تخلفاً وتراجعاً؟.
للعرب الذين «يناضلون» من أجل أمن «إسرئيل» نقول: سيأتي اليوم الذي تنفضح فيه كل أدواتكم، وستشتعل لهب الشعوب العربية الأصيلة لتغيير قواعد الظلم وتكسير أصنام الشر!. للسعودية نقول: لا يغرنكم هذا الصلف فالله تعالى يقول: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً .