الجيش اليمني
حميدي العبدالله
دأب الإعلام السعودي والقطري، على وجه الخصوص، على تصوير الجيش اليمني وكأنه جيش علي عبدالله صالح. ومن المعروف أنّ الجيش اليمني وقف إلى جانب التحرك الذي قادته حركة أنصار الله، ولم يقاتل الثورة الجديدة منذ انطلاقها، على الرغم من أن وزير الدفاع ورئيس الأركان والقادة العسكرييين قد عيّنوا في مناصبهم عندما كان عبد ربه منصور هادي رئيساً للجمهورية، وبكلّ تأكيد جرى اختيارهم ليس بوصفهم من المناصرين للرئيس علي عبدالله صالح.
ومع ذلك لم يستطع هؤلاء القادة الذين جاؤوا بعد استقالة صالح ضمان وقوف الجيش إلى جانب الرئيس المستقيل هادي، كما أنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا قطعات الجيش من الانحياز إلى جانب الحراك الجديد الذي قادته حركة أنصار الله، سواء في الامتناع عن الوقوف في وجه زحفهم إلى المدن اليمنية بما في ذلك صنعاء وعدن وتعز والحديدة والبيضاء وغيرها من المدن، أو القتال إلى جانبهم عندما لجأ أنصار هادي إلى القتال.
إذا كان انحياز الجيش اليمني إلى جانب الحراك الذي قاده الحوثيون أمراً واضحاً، إلا أنّ الأمر غير الواضح، والذي لا يمكن تصديقه هو ما يردّده الإعلام المؤيّد «لعاصفة الحزم» على اليمن والذي يصف الجيش بأنه جيش علي عبدالله صالح. ومن المعروف أنّ اليمن بلد تنتشر فيه القبائل، وكان من الصعب على أيّ رئيس لليمن أن يحظى بتأييد كلّ القبائل، أو على الأقلّ القبائل الكبيرة، إذا لم يأخذ بعين الاعتبار مصالحها، ينطبق هذا على الرئيس عبدالله صالح، وعلى الرئيس عبد ربه منصور هادي. والجيش اليمني مكوّن من النسيج الاجتماعي ذاته، وهو غير معزول عن هذا النسيج ويعكس تعدّديته القبلية وحتى السياسية. وبالتالي لا يمكن لأيّ رئيس الحصول على تأييده وتأييد جميع قطعاته. صحيح أنّ الرئيس علي عبدالله صالح مكث في الحكم مدةً طويلة، وصحيح أيضاً أنه بذل كلّ جهد مستطاع للحفاظ على ولاء الجيش، وضمان وقوفه إلى جانبه، ولكن هل ذلك يكفي لتفسير وقوف الجيش إلى جانب الرئيس علي عبدالله صالح حتى بعد استقالته؟
الرئيس حسني مبارك مكث في الحكم مدة توازي المدة التي شغل فيها علي عبدالله صالح سدة الرئاسة في اليمن، وبذل مثله كلّ جهد مستطاع لضمان ولاء الجيش لـه، ولكنه لم ينجح في ذلك، بل إنّ الجيش المصري كان من أوائل الذين تخلوا عنه، علماً أنه يسهل ترويض جيش في بلد فيه دولة مركزية قوية تاريخياً، وضمان ولاء جميع منتسبيه وقطاعاته الرئيسية، ولكن من الصعب تحقيق ما يوازي ذلك في بلد لا تزال العصبية القبلية وحتى المناطقية قوية وحتى أقوى من الولاء السياسي.
إذن الجيش اليمني ليس جيش علي عبدالله صالح، وإذا كان هذا الجيش قد انحاز إلى الحراك الذي يقوده أنصار الله، فإنّ تفسير ذلك يكمن بالدرجة الأولى، بوقوف غالبية الشعب والقبائل اليمنية ضدّ عبد ربه منصور هادي وانحيازها إلى جانب غالبية الشعب والقبائل التي تؤيد الحراك، وهذا هو الذي يفسّر الانتصارات السريعة لحركة أنصار الله وحلفائها.