فابيوس يعود ليمثل «إسرائيل» والسعودية في لوزان… والاتفاق على مرمى حجر الحكومة تنجز ما تتقنه فتعيّن فليفل وتدير خلافاتها… والزبداني يحكم عرسال

كتب المحرر السياسي:

حاول الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس، المستحيل لوضع العصي في دواليب المفاوضات الدائرة في لوزان، وفقاً لما تعهّده للثنائي السعودي «الإسرائيلي»، محاولاً توظيف مناخ الصدمة للأيام الأولى للحرب التي شنتها السعودية على اليمن «غزوة سلمان»، لتصوير موازين قوى إقليمية جديدة ضاغطة على إيران تسمح لمفاوضيها بالضغط للحصول على التنازلات.

الفشل الفرنسي عائد لمعرفة الأميركيين حدود ما تستطيعه السعودية، التي لم تظهر غير القدرة على جلب الخراب لليمنيين من الجو، بقتل المئات من المدنيين، وتخريب المنشآت والبنى التحتية، من دون النجاح بإحداث أيّ تغيير في الميدان، والذعر من التورّط بالحرب البرية، فبقيت الأرض للجان الثورية، التي يعترف السعوديون أنها تسيطر على أجزاء أساسية من عدن دخلتها بعد بدء «غزوة سلمان»، وبقي القتال يميل لصالح اللجان الثورية والجيش المتحالف معها في لحج والضالع وشبوة، بينما اضطرت وزارة الدفاع السعودية للاعتراف بعدم انضمام أي وحدات من الجيش اليمني يعتد بها لصالح منصور هادي، معلنة التنسيق مع ما تسمّيه اللجان الشعبية، والمقصود تنظيم «القاعدة» الذي ينظم جبهات القتال البري بوجه الحوثيين، تحت الغطاء الجوي السعودي.

يعرف الأميركيون أنهم يشهدون نسخة جديدة مما شهدوه من قبل في سورية، منصور هادي وحكومته يشبهون الائتلاف السوري المعارض، نزلاء فنادق خمسة نجوم، لا يملكون شعباً يسير وراءهم، ولا جيشاً يقاتل معهم، تسميات وهمية مثل الجيش الحر اللجان الشعبية، والحقيقة هي تنظيم «القاعدة».

يعرف الأميركيون أيضاً أن الحرب البرية التي يتهرب السعوديون من خوضها في اليمن، تقترب من الحسم لصالح الحوثيين عندما يستتب لهم الأمر في عدن بعد باب المندب حيث يصير الباقي تفاصيل، بينما حربهم البرية الحقيقية هي تلك التي يخوضونها مع حكومتي الأردن وتركيا في سورية، حيث تنقل وتجهز وتدعم تجمعات «النصرة» و«داعش»، لإحداث الاختراقات، وتحقيق التقدم من جبهتي الجنوب والشمال.

لذلك ينكبّ الأميركيون والإيرانيون لحياكة قطب تفاهماتهم، ويوصلون الليل والنهار لتذليل ما تبقى من نقاط يجمع الخبراء الغربيون الذين استضافتهم مؤسسات التلفزة الأميركية والأوروبية، على أن الاتفاق قد تم، وما يجري التفاوض عليه هو كيفية تطبيقه، فعدد أجهزة الطرد المركزي حسم ومصير مفاعل آراك وفوردو حسم أيضاً، وقضايا التحقق والتفتيش، والتخصيب، ومصير اليورانيوم المخصب والمنضب، ورفع العقوبات، كلها حسمت وفقاً للخبراء، وبقي كيف يتحوّل هذا الاتفاق إلى روزنامة زمنية، في كل بنوده، المتداخلة، بقي تحديد في أي مرحلة، يجري تعديل مفاعل أراك ببقائه عاملاً بالماء الثقيل لكن مع ضمانات فنية لعدم نقل البلوتونيوم، وماذا يوازيه من رفع العقوبات الإضافية، ومثلها الكثير من القضايا المتفق عليها لسنة كاملة، تستدعي روزنامة متقابلة بالالتزامات هي ما ينكب على إنجازه المفاوضون وعلى رأسهم وزيرا الخارجية الأميركي والإيراني جون كيري ومحمد جواد ظريف، اللذان تخطيا منتصف ليل أمس في الجلسة المسائية بعدما عاد الوزير فابيوس منتصف الليل لينضم إلى المفاوضات، وأعلنت الخارجية الأميركية أن كيري باق إلى اليوم الخميس على الأقل وربما أكثر لمنح فرص التوصل للتفاهم، بينما أعلن الوفد الإيراني أن لا سقف زمنياً لبقائه في لوزان.

ساعات ستكتب محطة فاصلة في المعادلات الدولية والإقليمية، لذلك تتسارع محاولات فرض وقائع جديدة، لكن مشكلة حلفاء واشنطن، الذين صارت تعرفهم جيداً ولذلك تمضي باندفاعة التفاوض، أن جيشهم الوحيد صار تنظيم «القاعدة»، بينما الاندفاع عبر الحدود السورية من جهة تركيا والأردن بدعم سعودي و«إسرائيلي»، حيث صارت جبهة «النصرة» هي الجيش الذي يدفعونه للقتال أملاً بتغيير المعادلات العسكرية في شمال سورية وجنوبها، بينما نجح الجيش السوري بحسم جبهة الغرب، عبر سيطرته على مرتفعات الزبداني على الحدود مع لبنان، حيث تقطعت أوصال جبهة «النصرة» بين مجموعات عرسال والقنيطرة، ما يعني أن الحرب في الجرود اللبنانية قد تطل برأسها باكراً، قبل أن تحسم جبهة الزبداني، بينما الحكومة اللبنانية، نجحت بتعيين فؤاد فليفل أميناً عاماً، في خطوة يبدو أنها ستفتح باب تعيينات أخرى، ونجحت في احتواء وإدارة خلافاتها بتداعيات الموقف من «غزوة سلمان» الحرب السعودية في اليمن.

محلياً، شهد مجلس الوزراء نقاشاً حاداً بعض الشيء بين رئيس الحكومة تمام سلام ووزراء حزب الله على خلفية جزء من موقف الأول في قمة شرم الشيخ، المتعلق بالوضع في اليمن وبتشكيل القوة العربية المشتركة، لترتفع حدة النقاش بدخول وزيري تيار المستقبل أشرف ريفي ونهاد المشنوق دفاعاً عن السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري.

سلام: لن أخرج عن التوافق

وعبّر وزيرا حزب الله محمد فنيش وحسين الحاج حسن عن اعتراضهما على موقفي سلام المذكورين، مشيرين إلى انه لم يطلع مجلس الوزراء عليهما مسبقاً. فرد سلام بأنه لن يدعو عند كل مشاركة في مؤتمر، إلى جلسة لمجلس الوزراء لإطلاع الوزراء على الكلمة التي سيلقيها، لا سيما انه على يقين أنها ستلقى اعتراضاً من بعض الوزراء، الأمر الذي من شأنه أن يدفعه إلى الاستقالة أو تغيير الكلمة. وأشار سلام إلى أنه لن يكبل نفسه بذلك، وفي الوقت نفسه سيراعي مصلحة لبنان وعلى ضوء ذلك سيأخذ الموقف الذي ينسجم مع البيان الوزاري للحكومة.

واعتبر سلام بحسب ما أبلغت مصادر وزارية «البناء»، أن المؤتمرات تفرض في بعض الأحيان مواقف معينة، لكن هذه المواقف لا تلغي حرصه على أن تكون السياسات الخارجية محل توافق، وانه سيعكس دائماً في مواقفه ما تم التوافق عليه وانه سيصار إلى التشاور مع كل الأطراف تجنباً للانقسامات.

وقد لقي كلام رئيس الحكومة ترحيباً من الوزراء الذين صفقوا له باستثناء وزير العدل أشرف ريفي الذي غرد خارج المناخات الإيجابية التي سادت الجلسة.

وعلمت «البناء» أن الحاج حسن انتقد تصريح السفير عسيري الذي حمل فيه على الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، واعتبره خارج الإطار الدبلوماسي. فرد الوزير ريفي متهماً إيران بالإرهاب ومدعياً أنها تشبه «إسرائيل»!، سائلاً وزراء حزب الله «لماذا لا تأتون على ذكر ذلك، فما يجري في اليمن إيران تقف وراءه». ما استدعى رداً من فنيش الذي سأل ريفي «لمصلحة من هذا الكلام؟ لماذا لا تخبرنا»؟ فأجاب ريفي:»لا أريد أن أقول».

وعلق وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس خلال النقاش على الملف اليمني بالقول: «كنا نسمع بهلال شيعي وبتنا نسمع بهلال سني وإذا تصادما ستضحك نجمة داوود».

وانتقل مجلس الوزراء إلى بحث جدول أعماله وقرر تعيين فؤاد فليفل أميناً عاماً للمجلس ومحافظاً لجبل لبنان بالوكالة، بعد إحالة الأمين العام الحالي سهيل بوجي إلى التقاعد في 26 نيسان الجاري. كما قرر وضع المدير العام للتعاونيات جوزف طربيه بالتصرف.

جلس حوارية لاحتواء الشروخ

وبعد تجاوز الحكومة «قطوع اليمن»، تلتئم اليوم الجلسة التاسعة من الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل في عين التينة في ظل التأكيد أن مهمة الحوار هي احتواء الشروخ التي قد تحدثها التعقيدات الإقليمية على الوضع الداخلي.

من جهة أخرى، وفيما الفشل سيكون مصير الجلسة النيابية المقررة اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية بسبب فقدان النصاب لتعذر التوافق حول هذا الاستحقاق، أكد رئيس مجلس النواب نبيه في لقاء الأربعاء النيابي ضرورة تفعيل عمل مجلس النواب والحكومة، مشدداً على عزمه عقد جلسة تشريعية لدرس وإقرار العديد من مشاريع القوانين الضرورية.

توتر بين أهالي عرسال وسوريين

أمنياً، ساد التوتر أمس بين أهالي عرسال من جهة ومسلحين سوريين من جهة أخرى، على خلفية عمليات الخطف والخطف المضاد التي ارتفعت وتيرتها في المدينة في الآونة الأخيرة.

فبسبب استمرار خطف المواطن حسين سيف الدين منذ الاثنين الماضي على يد سوريين من بلدة قارة يطالبون بفدية قيمتها ثلاثون ألف دولار لتحريره، عمد عدد من الشبان من آل نوح وعز الدين إلى إطلاق النار وإقامة حواجز مسلحة حيث احتجزوا 35 نازحاً سورياً من قارة لمقايضتهم بسيف الدين، كما منعوا التحرك في حي للسوريين قرب المصيدة في البلدة التي طوقها الجيش لمنع تدهور الوضع، فيما تجري مفاوضات عبر وسطاء لإطلاق المخطوفين.

حزب الله: صيف الجرود سيكون قبل أوانه

من جهة أخرى، استهدف الجيش اللبناني تحركات للمسلحين في وادي رافق- جرود عرسال بالرشاشات المتوسطة. في حين أكدت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن معركة الزبداني أحدثت صدمة وانعدام وزن للمسلحين. ولفتت المصادر إلى أن هذه المعركة حمت المحور الأوسط من الزبداني إلى عنجر وجرود بريتال ضمناً وصولاً إلى زحلة. ولفتت إلى أن المسلحين سيحاولون إعادة التنظيم وانتظار فرصة للعمل في اتجاه رأس بعلبك وعرسال، إلا أن الجيش السوري وحزب الله سيتابعان العمل شمالاً باتجاه القلمون، ويكون حزب الله سارع والجيش السوري إلى معركة استباقية.

وكان نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله محمود قماطي دعا من زحلة إلى «استكمال تحصين لبنان والحدود اللبنانية السورية من التدخل الإرهابي والسيارات المفخخة والتفجيرات، فلم يعد هناك أي خيار آخر سوى أن يحسم هذا الأمر وتخرج المجموعات الإرهابية من هذه المنطقة»، معرباً عن اعتقاده «أن الصيف على هذه الحدود سيكون حاراً وسابقاً لأوانه».

من جهته، أوضح نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «أننا وجدنا أن هناك تماهياً بين مشروع ثلاثي الأطراف، المشروع التكفيري – الأميركي «الإسرائيلي»، وحيثما وجدنا هذا المشروع بأحد أطرافه الثلاثة وجدنا آثاره السياسية السلبية، حيث يكون أحد هؤلاء الثلاثة نجد الاحتلال والعدوان وتدمير الحياة البشرية والفتنة والتحريض، وهذا ينطبق حرفياً على ثلاثي هذا المشروع».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى