الأردن يحاصر درعا تمهيداً لتكرار سيناريو إدلب

عامر نعيم الياس

هجوم عكسي على كافة محاور المواجهة في سورية، وطرحٌ لقواعد لعبة جديدة في مواجهة رفع سقف التحدي والتهديد بقلب المنطقة رأساً على عقب. امتصاصٌ للصدمة من جانب الكيان الصهيوني، وإقرارٌ واضحٌ بالعجز عن التدخل المباشر في الصراع في سورية، خصوصاً ما يجري في مثلّث ريف دمشق ـ درعا ـ القنيطرة، في مقابل منح النظام الوظيفي الأردني مهمات إضافية للقيام بها بالوكالة عن «تل أبيب». هذه هي حال الجنوب السوري اليوم، فإغلاق معبر «جابر» الحدودي من جانب الأردن وسحب الموظفين المدنيين منه وتحويله إلى مقر عسكري، قابله على الفور شنّ هجوم من «النصرة» على معبر «نصيب» المقابل له في سورية، والسيطرة عليه، وهو ما اعترفت به وكالة الأنباء السورية الرسمية أمس بالقول: «نفذت قواتنا العاملة على اتجاه «معبر نصيب» الحدودي عملية إعادة تجميع وتموضع ناجحة في نقاط عسكرية جديدة ضمن قطاع المسؤولية وفقاً للخطة المقررة بعد إغلاق الجانب الأردني للمعبر ونشر قوات عسكرية».

تُغلق عمّان طريق الترانزيت الرئيسية التي تربط سورية ومن ورائها لبنان بالخليج، آثارٌ اجتماعية اقتصادية كان قد حذّر منها بيان رسمي سوري فور الإعلان عن إغلاق معبر «نصيب»، قبل أن تندلع المعارك الشرسة في محيطه، إذ إنه من الواضح أن العمل في الجنوب السوري اليوم ينصبّ على المحاور التالية:

ـ الرهان على الحصار والأبعاد الاقتصادية الناجمة عنه، في ضوء الوضع المعيشي الخانق الذي يعيشه المواطن السوري من جرّاء تدمير البنى التحتية في البلاد، فضلاً عن أن توقيت إغلاق معبر «نصيب» يأتي في خضمّ تراجع ملحوظ لأسعار صرف الليرة السورية في البلاد مقابل الدولار الأميركي، وارتباك حكومي واضح في معالجة هذه المشكلة المزمنة.

ـ استعادة المبادرة في محيط مدينة درعا، أي الريف القريب من عاصمة المحافظة، تمهيداً للسيطرة عليها في محاولة لمحاكاة سيناريو ما جرى في مدينة إدلب الأسبوع الماضي.

ـ رسم قواعد جديدة للعبة في جنوب سورية كما في شمالها، تتوقف عندها حدود مناورة الجيش السوري وحلفائه، أو بالأحرى لجم الاندفاعة التي حققوها على المدى المنظور، فالزجّ بهذه القدرات العسكرية والبشرية الهائلة ما كان له ليكون لولا إدراك الغرب تغيّر الواقع الميداني على الأرض وتداعيات ذلك على استرتيجية استنزاف سورية وتدمير ما تبقى منها.

إن فتح الجيش السوري وحلفائه جبهتي الشمال والجنوب في آنٍ واحد، دفع تركيا والأردن الموكلين إدارة الجبهات الحدودية مع سورية، إلى التدخل والردّ بشكل متزامن، وعلى رغم خطورة ما جرى في إدلب والشكوك التي تطرح حول كيفية سقوط عاصمة محافظة خلال خمسة أيام فقط، فإن التسريبات الإعلامية عن معركة إدلب والتي نقل بعضٌ منها عن مصدر عسكري رأى فيها أن سقوط المدينة جاء نتيجة «هجوم آلاف المقاتلين من تركيا» البعض قال إنهم ثمانية أضعاف القوة المدافعة، هذ التسريبات، إن صحّت، من شأنها أن تغري الدول التي تدمّر سورية، على الرهان على تكرار نموذج إدلب في محافظة درعا، عبر الاعتماد على تحشيد أكبر عدد من القتلة، وتكثيف عمليات التسليح النوعي، وهو ما حصل بالفعل على جبهة الجنوب وتحديداً في بصرى الشام الأسبوع الماضي، إذ ضخّت غرفة عمليات الموك أسلحةً نوعية ساعدت في غزو بصرى من جانب «جبهة النصرة».

المؤكد أن لكل جبهة حساباتها، وحسابات إدلب تختلف عن الحسابات الخاصة بالجبهة الجنوبية في سورية لمجموعة عوامل لعلّ أهمها تأمين العاصمة، لكن التغيّرات المتسارعة على الأرض والدور المحوري لـ«النصرة» في سورية على جبهتَي الشمال والجنوب، وهذا الصلف الأردني غير المسبوق، مؤشرات تطرح بقوة الرهان على حصار درعا تمهيداً لغزوها.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى