هل تراهن السعودية على تكرار تجربتها مع «إسرائيل» في اليمن؟

عامر نعيم الياس

انتهى الأسبوع الأول من التدخل العسكري السعودي المباشر في اليمن، من دون تحقيق أيّ إنجاز يذكر على الأرض. فيما لم يتضح بعد شكل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، أهو عربي بحت؟ أم أنه إقليمي ـ «سنّي» يضمّ إلى جانبها فعلياً كلّاً من تركيا وباكستان، اللتان اكتفتا حتى اللحظة بالتأييد الرسمي للعدوان السعودي، من دون أن تكون لهما مساهمة فعلية في العمليات التي اقتصرت على القصف الجوّي حتى اللحظة؟

إن ربط التدخل بالبعد العدائي لإيران، مع ما يحمله ذلك من دلالات على صراع المشاريع والمحاور، وعطفاً على العلاقات «الإسرائيلية» ـ السعودية الآخذة في التطور منذ «الربيع الأميركي»، والتي فُرضَ عليها المنحى التصاعدي في الآونة الأخيرة بسبب التقارب الأميركي ـ الإيراني، فإنه يمكن القول إن الرياض تراهن على تكرار التجربة اليمنية في ستينات القرن الماضي، مستنسخةً على ما يبدو تجربة مواجهة المشروع القومي للرئيس المصري جمال عبد الناصر والذي كانت ذروته في اليمن، إذ دارت حرب بالوكالة بين ناصر مصر والغرب والكيان الصهيوني والسعودية.

هنا تكشف مجلة «فورين آفيرز» الأميركية في مقال للكاتب آشر أوركابي عن «التاريخ السرّي للتعاون» بين الرياض و«تل أبيب»، والذي تبلور بشكله الواضح على أرض اليمن التي شكّلت أساساً مشتركاً لمحاربة الدول والحركات التي تهدّد وجود العاصمتين بشكل لا لبس فيه. وهو ما بدأ في اليمن عام 1962 عندما أرسل الرئيس المصري جمال عبد الناصر حوالى 70 ألف مقاتل لدعم الضباط اليمنيين الذين انقلبوا على نظام الحكم الإمامي حينذاك، وهو ما شكّل تهديد على حكام الرياض وحلفائهم وقرّروا التدخل عبر الكيان الصهيوني. إذ يقول أوركابي: «بما أن كلاً من الرياض ولندن لم ترغبا في دعم القوات الملكية بشكلٍ معلن، فقد احتاجتا إلى شريكٍ مستعدٍ لتنظيم إنزالات جوّية بشكل سرّي في المناطق المعادية. لذلك اتّجهتا نحو إسرائيل».

وحول تفاصيل المهمات العسكرية الصهيونية على الأراضي اليمنية لمواجهة الجيش المصري، أشارت «فورين آفيرز» إلى أن «قائد المهمة، الطيار الإسرائيلي الشهير أرييه عوز، الذي كان حينذاك قائداً لسرب الطائرات 120 الدولي، وباستخدام طائرة بوينغ ستراتوكروزر المعدّلة، أشرف على 14 مهمة طيران موجهة نحو المرتفعات اليمنية الشمالية بين عامي 1964 و1966، وتم رسم مسارات الرحلات مباشرةً مروراً بالأراضي السعودية».

اليوم، وبعد خمسة عقود على الإنزالات الجوية الصهيونية في سماء اليمن، يعود وزير الخارجية السعودي إلى نغمة التدخّل لصدّ عدوان من جانب عدوٍ مشترك يخيف الكيان الصهيوني في الدرجة الأولى، أكثر من أيّ أحدٍ آخر على وجه المعمورة بمن فيهم آل سعود. في وقت تستمر فيه العلاقات بين «تل أبيب» ونظام آل سعود بالنموّ التدريجي والعلني، تمهيداً لحقبة جديدة من التعاون الإقليمي ـ الاستراتيجي قبل التكتيكي. ففي تشرين الثاني الماضي، قال علي النعيمي وزير النفط السعودي للصحافيين في فيينا عن الملك السابق عبد الله: «إن جلالة الملك نموذجٌ لإقامة العلاقات الطيبة بين السعودية والدول الأخرى، والدولة اليهودية ليست مستثناة من ذلك».

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى